السلطة الفلسطينية والتساؤلات الكبرى
دار حوار بيني وبين احد الاخوة حول مسألة غاية في الأهمية والخطورة معا الا وهي قضية حل السلطة الفلسطينية المطروحة منذ زمن طويل ولاسباب عدة بات الجميع يعرفها ، ولعل اهمها هو ان السلطة كممر لأقامة الدولة الفلسطينية أصبح معطلا وغير قابل للتحقيق وخارج مقدرة السلطة ، بعبارة أخرى لم يعد المشروع الوطني قابل التحقيق وذلك لاسباب ذاتية واخرى موضوعية تتمثل في السياسة الأسرائيلية المدعومة بشكل او بآخر من امريكا وتابعيها من الدول الاوروبية وحالة الضعف التي يمر بها الأشقاء العرب . كان الدافع الرئيس لهكذا حوار هو محاولة الخروج من حالة المراوحة والتراجع الواضح في تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها السلطة الوطنية على طريق الدولة . كان صديقي يحاول اقناعي بأن الطريق الأمثل هو حل السلطة الفلسطينية خاصة بعد ان اعادت إسرائيل سيطرتها الأمنية على كامل الضفة الغربية ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقيات والتفاهمات التي تم الأتفاق عليها منذ عام ١٩٩٣ في اتفاقية أوسلو ثم الإعلان عنها برعاية أمريكية ودولية في كامب ديفيد ، مضافا إلى السيطرة الأمنية مسألة التحكم من قبل إسرائيل في الجانب المالي الذي يعتبر الشريان الرئيسي لحياة السلطة واستمرار بقائها . التحكم الكامل في الأمن والمال من الجانب الأسرائيلي بالضرورة ان ينعكس على مستوى القرار السياسي وحرية الحركة بين المنظمات والمجالس الدولية والأممية على كافة مستوياتها . كل هذا مضافا اليه عجز السلطة عن التناغم مع نبض الشارع الفلسطيني الذي لم يعد يرى في السلطة والحكومة سوى مؤسسة خدماتية ولأدارة الحياة اليومية للمجتمع الفلسطيني الذي يتطلع إلى الحرية وإقامة الدولة المستقلة بعاصمتها القدس . اتفق كليا بما تم طرحه من الصديق الحريص جدا على مستقبل قضيتنا الفلسطينية والذي في النهاية ختم بالخلاصة القائلة بضرورة العودة إلى حالة الصراع مع المحتل وإلى ما قبل اتفاقات أوسلو بعد الفشل الواضح لتلك المسيرة الطويلة التي جعلت من السلطة الفلسطينية مصدرا لاراحة المستعمر من كل تبعات احتلاله ليصبح احتلالا غير مكلف ومن جميع النواحي المختلفة . كالبالع منجل - كما حال أصحاب القرار والكثيرون - تسائلت ، هل حل السلطة هو قرار فلسطيني بحت ؟ وما البديل لو تم حل السلطة ؟ واين ستكون منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة القرار اخيرا ؟ وما مصير غزة والوحدة الوطنية ؟ والسؤال الأهم ما هو الرد الأسرائيلي على حل السلطة التي ترى أهمية في بقائها ولكن سلطة بدون سلطة وما مخطط اسرائيل الأمني والسياسي وماذا عن موقفها من حالة الفلتان الأمني في الضفة الذي قد ينشأ بعد حل السلطة .. ؟ وتسائلت كيف سيتعاطى العالم العربي والدولي بعد حل السلطة مع القضية الفلسطينية ؟ وما هو مصير عشرات الالاف من الموظفين ؟ أسئلة وتساؤلات قد لا تجد نهاية لها . وللأجابة على هذه الأسئلة نحتاج إلى عصف ذهني لا بل أكثر من العصف الذهني الا وهو التفكير الحرج Critical Thinking للوصول إلى حل يجمع بين بقاء السلطة بعد ان تحصل على الشرعية الحقيقة من الشعب الفلسطيني وبالطرق المعروفة وبين أساليب النضال المتنوعة وعدم الاكتفاء بأضاءة الشموع كوسيلة للنضال . ان تحقيق الوحدة الوطنية قد تكون الأرضية المناسبة والخصبة لتحقيق نتائج قد تغير الواقع السيء الذي تعيشه القضية الفلسطينية ومواجهة مخططات اليمين وما يسمى باليسار الأسرائيلي الذي لا يختلف بشيء حين الأمر يتعلق بمواصلة الأحتلال لفلسطين. الواقع الذي خلقه الأحتلال بعد اتفاقية أوسلو المصيدة كما عبرت عنها عام ١٩٩٥ واقع مركب ومعقد ولا احتمال من التغلب عليه للاسف . ويبقى الحوار مستمرا مع صديقي الحريص على مستقبل القضية الفلسطينية وبين كل ابناء شعبنا في الداخل والخارج إلى أن يتم تحديد آليات وطرق تدفع الأحتلال إلى حل السلطة ليتحمل مسؤولياته ولتعود القوى الوطنية بما فيها حركة فتح لممارسة دورها النضالي الموحد . .