تقدير موقف : هل تشهد فلسطين لجنه تحقيق خاصة لعملية ثأر الأحرار؟
مقالات

تقدير موقف : هل تشهد فلسطين لجنه تحقيق خاصة لعملية ثأر الأحرار؟

انتهيت خلال الساعات الماضية عملية ثأر الأحرار ، أو ما يعرف إسرائيليا باسم عملية السهم الواقي ، وهي العملية التي راح ضحيتها بحسب الإحصاءات الرسمية الفلسطينية ٣٣ شهيدا و ١٩٠ جريحا. 
تحليل الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الأحد الموافق الرابع عشر من مايو يشير إلي باء إجراء تقديرات موقف وتحقيق أمني واسع فيما تقدم وما تم تحقيقه على مدار أيام العدوان الخمس. 
غير ان ما يجري يفرض ضرورة طرح ما حصل في عملية ثأر الأحرار للتحقيق ، والتساؤل ...هل حققت المقاومة هدفها المنشود من الانتصار ؟ وهل يمكن تعويض من خسرته المقاومة من بنية تحتية عسكرية وقيادات؟ . 
ما الذي يجري؟ 
التقديرات الإسرائيلية الخاصة بهذا العدوان نشرت تقديرات الربح والخسارة لهذه الحرب ، وكانت النتيجة : 
المكاسب: 
1-    القضاء على بعض من قيادات المقاومة من الصف الأول في حركة الجهاد الإسلامي. 
2-    تعطيل منصات وأدوات الاتصال العسكري للمقاومة بين  الضفة الغربية وقطاع غزة ، وهو ما تحقق مع رصد وتحديد بعض من قيادات الجهاد المعنية بهذا الاتصال. 
3-    تحقيق الردع ضد الجهاد ، وبات واضحا أن حركة الجهاد ستواجه الكثير من التحديات سواء على الصعيد المهني أو اللوجيستي أو العسكري حال القيام بعملية عسكرية في المستقبل ضد إسرائيل . 
4-    تحييد حركة حماس ، ورغم وجود غرفة العمليات المشتركة بين الجهاد وحماس إلا أن الواضح أن حركة الجهاد وحدها هي من تحملت عبء هذه الحرب وقادته عسكريا دون تدخل واضح من حركة حماس التي حافظت قياداتها على الهدوء الاستراتيجي بالقطاع ، وهو الهدوء الذي سعت مصر إلى ترسيخه ودعمه على مدار السنوات الماضية بالتنسيق أمنيا مع إسرائيل . 
5-    فصل وحدة فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة عن بعضها البعض ، ومهما قيل بشأن غرفة العمليات المشتركة ودورها الاستراتيجي في القتال والتصدي للعدوان الإسرائيلي ، فإن الواقع السياسي والأمني على الأرض يؤكد انقسام القيادات ووجهات نظر الفصائل بشأن التصعيد 
6-    فشل ما يعرف بنظرية وحدة ساحات المقاومة ، حيث لم تشهد المعركة وعلى مدار أيامها الخمس أي تدخل من عناصر حزب الله أو عناصر الجهاد أو المقاومة بالضفة الغربية ، الأمر الذي يزيد من دقة هذا الطرح.
7-    في الوقت الذي تواصلت فيه العمليات العسكرية في غزة ، سارت العمليات بالضفة الغربية في مسارها الطبيعي ، وتواصل سقوط الكثير من عناصر المقاومة أما بالاعتقال أو بالتصفية المباشرة.
8-    تم ضبط مصنع سري للصواريخ ، وهو المصنع الذي تكلف ماديا كثيرا أدارته بحسب إسرائيل قيادات متميزة من الجهاد ، وهو ما يزيد من خطورة ما تتعرض له الاستراتيجية العسكرية للمقاومة بالضفة الغربية. 
مكاسب لنتنياهو 
حقق نتنياهو بعض من المكاسب ومنها: 
1-    استبعاد وزير الأمن القومي بن غفير من منظومة صنع القرار العسكري للحركة تماما خلال العملية. 
2-    استبعاد وزير المالية سموريتش أيضا من التعليق أو الإدلاء بأي تصريحات تعكس تطرفا سياسيا 
3-    تنظيم مسيرة الأعلام في موعدها السياسي دون  أي تأجيل. 
انتصارات المقاومة        
في المقابل يشير تحليل بعض من المنصات الإعلامية المقربة من المقاومة الفلسطينية يشير إلى وجود بعض من منجزات المقاومة ، ومنها: 
على صعيد الأداء
1-  الإدارة النفسية الهادئة واستيعاب الصدمة الأولى للاغتيال المباغت للقادة، والتأني في البدء بالرد واعتماد سياسة الصمت الاعلامي التام ما أدى إلى ضغط نفسي حاد لدى العدو. 
2-  أثبتت المقاومة قدرتها على الرد رغم الاستنفار الصهيوني الشامل والقصف المتكرر واغتيال القادة. 
3-  الثبات على المطلب الرئيسي وهو فرض تعهد على الكيان بوقف عمليات الاغتيال. 
4-  الاستهداف المركز والمدروس لنقاط انتشار المستوطنين النازحين من غلاف غزة في رامات غان.  
ثانياً: على صعيد التأثير
1-  الاستمرار في قصف العمق واستخدام صواريخ تدميرية لها تأثير في العمران بشكل غير مسبوق. 
2-  قدمت المقاومة صورة حول طبيعة القصف القادم في المواجهات الآتية وأثبتت نجاعة مقبولة. 
3-  كرست المعادلة المثبتة المتعلقة بشأن الاغتيالات والرد عليها عبر قصف مدن الكيان وعاصمته. 
4-  تدفيع العدو ثمناً سياسياً واستراتيجياً مقابل عملية الاغتيال ما يدفعه إلى التفكير الطويل قبل تكرارها.
5-  تهشيم الردع الإسرائيلي من خلال إبطال مفعول الاغتيالات كأداة لردع المقاومة. 
ثالثاً: على صعيد التماسك
1-  قدمت الفصائل في غزة صورة موحدة تحت عنوان غرفة العمليات المشتركة وكافحت بنجاح الحرب النفسية المكثفة والمتواصلة طوال مدة القتال والهادفة إلى التفرقة بين الفصائل. 
2-  الحفاظ على التماسك والتنسيق بين الفصائل ووحدة الخطاب ووحدة الإجراء. 
3-  استمرار القصف الصاروخي رغم سقوط القادة واستشهاد قائد الوحدة الصاروخية ونائبه، ما يشير إلى تماسك تنظيم الجهاد الإسلامي والجهوزية العسكرية والمرونة وحضور الغرفة المشتركة. 
التقدير الاستراتيجي 
عموما بات واضحا أهمية وحتمية طرح وعرض ما جري في غزة للتحقيق العسكري والأمني ، وهو أمر سيكون له الكثير من الفوائد الإيجابية سواء على الصعيد السياسي أو المهني للمقاومة بصورة عامة .
--------
* مدير مركز رصد للدراسات السياسية والفلسطينية – لندن 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.