القدس كانت وحيدة
وانا اتابع احداث القدس ومسيرة الأعلام الاستفزازية وما أحزنني أن أرى القدس وحيده قد اخليت من سكانها بقوة السلاح لينتشر فيها أكثر من ثلاثين ألف مستعمر يرقصون و يعربدون و يعتدون على السكان والمنازل و المقدسات و بمشاركة وزراء الاحتلال و اعضاء الكنيست المتطرفين الذين كانوا يحتفلون وكأنهم صنعوا انتصارا وهميا و سيادة للاحتلال على المدينة في نظرهم و امام العالم ولكن بحماية الآلاف من رجال الشرطة و الطائرات والمسييرات التي تثبت أنهم مغتصبون وغرباء عن المكان ، ومن ناحية أخرى كان اليوم العصيب بالنسبة المقدسيين خصوصا و الفلسطينيين عموما حيث كنت اسمع التصريحات و التهديدات الرنانة من الفصائل و القيادات في حين يتوافد الزعماء و الامراء إلى جدة في قمة عربية جديدة كل هذا بدون أي حراك الا الكلمات الجوفاء والقدس في الحقيقة وحدها والمقدسيين وحدهم يتجرعون الالم والاحتلال وينظرون إلى مدينتهم وكأنها احتلت من جديد .
فلكل من الفصائل و القيادات والزعماء حساباته فمنهم من ينتظر شنطة الأموال القطرية و الاخر لا زال يراهن على التسوية و اوهامها و اخرون ما عاد يعنيهم ما يجري منهم من يطبع و الآخرون على وشك فما عادت القدس تعني لهم شيئا فمن يقف معها فسيحارب وحده في ساحه ولو حتى بدعم الغرفة المشتركة قد يكون كلامي منتقد أو قاسي و لكنه يحكي الواقع الذي نعيشه فكفواعن الكلام فعارعليكم فما عاد للقدس الا أهلها هم من يدافع عنها وعن مقدساتها و بكل ما يملكون سواءا الان او في الماضي او في المستقبل اذا عدنا قليلا الى الوراء نرى كيف هب المقدسيين في أواخر أكتوبر عام 2015، وعفويًا من قبل شبان فقط ، ردًا على الاقتحامات المتكررة لمجموعات من المستوطنين وأعضاء بالكنيست الإسرائيلي مما ينتمون لليمين المتطرف للمسجد الأقصى .
وفي تموز/ يوليو عام 2017 اندلعت شرارة هبة الأسباط بعد إقدام سلطات الاحتلال على تركيب بوابات إلكترونية لتفتيش الداخلين إلى الحرم القدسي عبر باب الأسباط، ما تسبّب في غضب المقدسيين، واعتبروها خطوة جديدة للسيطرة على مداخل الحرم القدسي.
وأطلق على الهبة معركة "البوابات الإلكترونية"، حيث أغلقت سلطات الاحتلال المسجد الأقصى بالكامل، ومنعت المصلين من دخوله لأداء صلاة الجمعة في سابقة هي الأولى من نوعها منذ احتلال القدس عام 1967.
إلى أن اضطر الاحتلال إلى الانصياع لإصرار المقدسيين وصمودهم، وأزال البوّابات الإلكترونيّة، ووقف شاهدًا على احتفال المقدسيّين بانتصارهم عبر إحياء معادلة إجبار الاحتلال على التّراجع في مواجهة الإصرار والصمود .
ومن ثم بدأت هبة الرحمة في شباط 2019، حيث تمكن المقدسيون من إعادة فتح مصلى باب الرحمة، بعدما أغلقته شرطة الاحتلال عام 2003، ومنعت أداء الصلاة فيه.
ويعتبر باب الرحمة من أقدم وأشهر الأبواب في السور الشرقي للأقصى، يقع على بعد 200 متر جنوبي باب الأسباط، ويتمتع بمكانة دينية وتاريخية عظيمة، وهو مكون من بوابتين ضخمتين، هما الرحمة جنوبًا والتوبة شمالًا.
وجاء فتح الباب بعد تركيب شرطة الاحتلال قفلًا على البوابة الواقعة أعلى الدرج المؤدي إلى المكان، بعدما أدّى أعضاء مجلس الأوقاف يوم الصلاة في المبنى أثناء جولة تفقدية فيه .
واخيرا في إبريل نيسان من عام 2021، بعد إعلان جماعات استيطانية تحركات لاقتحام الحرم القدسي ومنطقة باب العامود في شهر رمضان، بالإضافة إلى إقدام قوات الاحتلال على نصب حواجز حديدية على مدرّج باب العامود، الذي يشهد فعاليات للفلسطينيين بصورة يومية بعد التراويح في رمضان.
وخلال الهبة نجح المقدسيون، بإزالة الحواجز الحديدية التي أقامها الاحتلال منذ بداية شهر رمضان على باب العامود، لمنعهم من الوصول إلى البلدة القديمة والصلاة في المسجد الأقصى ودفاعا عن أهلهم و بيوتهم في الشيخ جراح ، وسجلوا انتصارًا جديدًا.
كل هذا ما ذكرناه من هبات المقدسيين دفاعا عن أنفسهم و كرامتهم وعن القدس و المقدسات فلم يهدأ المقدسيين بل وقفوا دائما لكل المؤامرات و المخططات الصهيونية الهادفة الى التهويد المدينة والمقدسات منذ ثورة البراق عام 1929 وحتى الآن.