وفودنا الرسمية.. رقصٌ في العتمة!
كتب رئيس تحرير صدى نيوز: الوفود الفلسطينية تكاد لا تغادر الطائرات، وتتنقل من دولة لدولة، جعجعة كبيرة، ولا نرى طحيناً أبداً!
وفودنا الرسمية إلى دول العالم مبعثرة، لا تنسيق بينها ولا ترابط، يحملُ كل واحدٍ منها رؤية مختلفة، وأحياناً كثيرة ما تكون متناقضة، هذا عدا عن وفود السياحة التي لا تتعدى مهمتها الترفيه عن أنفسِ أعضائها.
كل يوم نسمع عن وصول وفدٍ لمجلس وطني أو وفدٍ نقابي أو وفدٍ لوزارة الخارجية أو من الحكومة أو مركزية فتح ومنظمة التحرير، وغيرها من الوفود التي تحمل ألف اسم وصفة، بعضها يزور نفس الدولة، بل ونفس الشخصيات، إلا أن كلاً منها يحمل فكرة أو طرحاً أو رؤية مغايرة، ما يجعل تلك الدول تتساءل: ما الذي يريده الفلسطينيون؟ بل هل يعرف الفلسطينيون ما الذي يريدونه أصلاً؟
هذا الضعف في التمثيل سببه انقسام وغياب موقف وممثل شرعي واحد، هذا الضعف سببه تغولنا في التمسك بالسلطة ومكتسباتها، ضعفنا هو إنهاء الحالة الديمقراطية في الأراضي الفلسطينية وعدم إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية منذ عام 2006. باختصار ضعفنا سببه الرئيسي الفوضى في التمثيل الرسمي للشعب الفلسطيني أمام العالم كله، فالحكومة مثلا تتصرف لوحدها ولا نبالغ إن قلنا إن وزارة الخارجية تتصرف بمعزل عن الحكومة، منظمة التحرير هي أيضا تتصرف بمعزل عن الحكومة الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني قصة أخرى بل هو أشبه بحكومة لوحده، فما الذي يجري؟ هل نحن في مرحلة سباق الوفود والرحلات والسفريات التي لا تنتهي؟
لا نستغرب قول سفير فلسطين في بروكسل حول تراجع تأييد الدول الأوروبية للقضية الفلسطينية، ومن أسباب هذا التراجع عدم فاعلية الوفود الرسمية التي يجب أن يكون الهدف الرئيسي لها الإقناع وتغيير وجهات النظر، إلا أن مردودات هذه الوفود كانت عكسية تماماً، هذا عدا عن صراعات السفارات والجاليات والفصائل الفلسطينية في الخارج!
الوفود لا تتوقف وترهق الخزينة الفلسطينية المثقلة أصلاً بالديون والقروض للقطاع العام والخاص الفلسطيني، وفوق ذلك نجدها غائبة عن دول وازنة مهمة، وساحات كانت محسومة لفلسطين وقضيتها، فهل هناك وفود لأمريكا اللاتينية كما لأوروبا؟! وهل هناك وفود لروسيا والصين كما لأمريكا؟ وهل هناك وفود لدول غيرت مواقفها وصوتت ضد فلسطين في الجمعية العامة ومجلس الأمن؟
المطلوب فلسطينياً هو إنهاء الانقسام وتوحيد البرنامج السياسي والاتفاق على الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
المطلوب إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، فلم يعد مصطلح المصالحة الفلسطينية يعني أي شيء للمواطن الفلسطيني سواء بالضفة الغربية أو قطاع غزة أو الشتات، لأن المواطن بات لا يكترث ولا يهمه إن تصالح المتخاصمون أم لا.
المطلوب متابعة مركزية للوفود المبتعثة، بل وتحديد الرسالة وأهداف الزيارة، وتقييم دائم لتلك الزيارات ومردوداتها، ووقف فوضى التمثيل الفلسطيني بشكل نهائي وجذري.
المطلوب تكامل وتفاهم للسفارات والجاليات على موقف موحد، المطلوب تغيرات جذرية في السفارات، من السفير إلى أصغر موظفيها، هذا إن أردنا أن تعلو كلمة فلسطين، وأن تعود قضيتنا إلى سابق مجدها.