في ذكرى الانقسام، لا حماس تحتفل ولا الأحزاب تندد
في مثل هذا اليوم يمر 16 سنة على سيطرة حماس على القطاع، سواء سمينا ما جرى انقلاباً على الشرعية أو حسماً مع من رفضوا الاعتراف بنتائج صناديق الانتخابات فالملاحظ أن حركة حماس لم تعد تحتفل أو تتحدث عما جرى في ذلك اليوم ولا تتحدث عن إنجازات وطنية إلا إذا اعتبرنا الهدنة التي تعني وقف المقاومة إنجازاً وانتصاراً، كما أن الفصائل والأحزاب وخصوصاً تنظيم فتح في القطاع لم يعد يتحدث عن الانقسام ومخاطره ولا عن المصالحة ويبدو أن أحزاب غزة تماهت مع سلطة حماس وأصبحت تبحث عن نصيبها من منافع السلطة وما تقدمه لهم حماس من تسهيلات في السفر وغيره، وهذا الأمر يطرح تسؤلا إن كانت أحزاب منظمة التحرير تنسق مع قيادة المنظمة بهذا الشأن مما يعنى أن المنظمة ذاتها موافقة على ما يجري؟ أم أن هذه الفصائل باتت خارج منظمة التحرير مما يشكك بتمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني؟ .
نعم، يبدو أن الجميع بات مستسلماً للأمر الواقع وهو استسلام لا يخلو من شبهة التواطؤ، حتى الشعب الفلسطيني توقف عن الحديث عن الانقسام وضرورة المصالحة وخصوصاً أهلنا في القطاع المسحوقين تحت وطأة الحصار والفقر وانعدام فرص العمل والذين تعرضوا لعدة موجات من العدوان الواسع أو الحرب كما تطلق عليها قناة الجزيرة واجهوها بصبر وصمود، وإن لم يقتنعوا بأن هذه الحروب حققت نصراً إلا أنهم لم يتخلوا عن تمسكهم بقضيتهم الوطنية ولم يثوروا على فصائل المقاومة وعلى حكومة غزة، ولا أعتقد أنهم سيفعلون ذلك، فالشعب الفلسطيني في قطاع غزة بات مدركا غياب البديل الوطني في قطاع غزة الذي يمكن أن يحل محل سلطة حماس، كما يُدرك أن السلطة الوطنية غير قادرة وربما غير راغبة بالعودة لغزة.
طوال 75 سنة خضع قطاع غزة لعدة أشكال من الإحتلال والحكم كما تميز بحالة يتداخل فيها النضال الوطني الذي لا يلين واحتضانه أولى خلايا العمل الوطني والفدائي مع حالة من الفقر والبؤس والحصار، فقد خضع لسلطة الحكم العسكري ثم الإداري المصري لمدة 19 سنة -من 48 الى 67-وللاحتلال الصهيوني منذ 1967 إلى الآن، وخلال هذه المرحلة خضع للاحتلال ولسلطة حكم ذاتي للسلطة الوطنية من عام 1994 إلى عام 2007، ومن يونيو 2007 إلى الآن لسيطرة حركة حماس وهي أقرب لسلطة حكم ذاتي محاصرة مما هي سلطة سيادية.
ولو سألت أي مواطن من غزة عن رأيه بكل ما مر على قطاع غزة من أحداث لقال لك إن مرحلة سلطة حماس هي الأسوأ في تاريخ القطاع وعلى القضية الوطنية بشكل عام، وهو سوء لا تتحمل المسؤولية عنه حركة حماس لوحدها حتى وإن كان دورها كبيرا، فالكيان الصهيوني هو السبب الرئيس بالإضافة الى ضعف السلطة وعجزها وفشلها في التعامل مع ملف الانقسام بل وتواطؤ بعض مكوناتها سواء قبل سيطرة حماس على القطاع أو أثناء الانقلاب أو بعده، بالإضافة الى عجز وفشل كل الأحزاب داخل منظمة التحرير أو خارجها.
مع رفضنا للانقسام والمشاركين فيه إلا أن الأمور تسير نحو بلورة كيان سياسي دون سيادة ومحاصر وتجري عملية تحييده عن واجهة الصراع المباشر مع الاحتلال، فهل سيتمكن الفلسطينيون موحدين في إثبات قدرتهم وجدارتهم على إدارة القطاع بعقلانية وبطريقة ديمقراطية تثبت للعالم أن الفلسطينيين شعب متحضر ويستطيع حكم نفسه بنفسه بما هو متاح له من سلطة وأرض؟ أم سيغرق القطاع في حالة فوضى وحرب أهلية حول من يحكم القطاع؟