أبناؤنا بين مطرقة المعلم وسنديان الوزارة
نعلم تماما الوضع الذي يمر به معلمينا في وطننا الحبيب فلسطين ككل ابناء الوطن من قلة الرواتب وعدم إنسجام غلاء المعيشة مع الغلاء الفاحش وكونهم الشريحة الكبيرة بالمجتمع الفلسطيني الذي لا تخلو عائلة منه من موظف حكومي عسكري ٍكان أو بأحدى الوزارات !! ونعرف أيضا الظرف الصعب الذي تمر به الحكومة من ضائقة مالية واستقطاعات الاحتلال الإسرائيلي من المبالغ المحولة لها والتي هي أصلا حق للمواطن الفلسطيني ، ولا أريد بهذا المقام أن أدخل وإياكم بسجال حول من هو المحق بما حدث بالفصل الثاني للعام الدراسي الحالي ٢٢ / ٢٠٢٣ من إضراب للمعلمين ولا أريد أن أعود إلى تلك الأيام التي عشنا فيها فرقة أليمة بين معلمٍ مصر على الإضراب وحكومة مصرة على عدم تنفيذ ما تم الإتفاق عليه ومجهول يتحكم بمصير أبنائنا إسمه حراك المعلمين وكيان بكل أسف أصبح ضعيفا إسمه إتحاد المعلمين.
أريد فقط هنا أن أذكر من تنفعه الذكرى بما صرح به المرحوم الدكتور محمد عواد عندما كان مديرا عاما للقياس والإمتحان بوزارة التربية والتعليم قبل وفاته رحمه الله بأن الوزارة وواضعي الأسئلة سيراعون الوضع الصعب الذي عاشه الطلاب خلال فترة الإضراب وأن أوراق الإمتحان لن تخلو من الفصل الثاني ولكنها ستكون إختيارية. وللأسف لم نحترم ما قاله حتى وهو تحت التراب.
سؤال يراود الجميع لمصلحة من يجبر الطالب على إجابة أسئلة كاملة من عدة فروع بمادة التربية الإسلامية التي لم يتعلمها بالمدرسة بسبب الإضراب؟ وبما أننا نتحدث عن امتحان التربية الإسلامية.. هل يعقل أن يحتوي الإمتحان على أسئلة تربك الطالب وتصل إلى مستوى خطأ بالسؤال!؟حتى نقرأ بعدها منشورات من بعض المعلمين تبشر بإحتساب العلامة للطلاب أجمعين!!!
ولمصلحة من تمتزج أسئلة امتحان اللغة الإنجليزية بين الفصلين.. ذاك الذي تعلموه بالمدرسة والآخر الذي جلسوا بالمنزل منتظرين أن يشفق عليهم أحد أركان الإضراب ليخبرهم أنه نزل عن الشجرة!!
واسمحوا لي أن أسأل مستهجنا واضعي الإمتحان وموجهيهم.. هل يا سيدي البروفيسور كنت تعلم أن هناك طالب برام الله يدرس بمدرسة تنطق بالإنجليزية وطالب آخر بجنين وطولكرم مثلا يعلمه أستاذه الإنجليزية باللغة العربية!!؟؟
وهل كنت تعلم يا سيدي أن هناك آباء يستطيعون دفع مبالغ طائلة للمعلم المضرب صباحا عن العمل لكي يعطي إبنه حصة بالمساء.. وآخرون كان الله بعونهم بالكاد يستطيعون إحضار الخبز لأبنائهم حتى يبقون على قيد الحياة حتى موعد الامتحان.
ولأننا مجتمع مغلق وكلنا نعرف بعضنا بعضا أخبرنا معلموا مادة الكيمياء اليوم الأربعاء وبكل فخر أنه إمتحان من أصعب الإمتحانات وأن معظم أسئلته لم تخلو من الفصل الثاني فصل الإضراب المشين والحمد لله رب العالمين .
لا أسأل أحدا بل أتساءل هل للطالب ذنبا بالإضراب حتى يعاقب؟؟ وهل كان واضعوا الأسئلة يعلمون أن مدرسين أضربوا وآخرين إستمروا بالتعليم؟ هل سأل المضربون إلى أي جزء من الكتاب اعطى ضميرهم حصص للطلبة ؟ أم إكتفوا بتقاريرٍ لم تكن دقيقة وصلت اليهم من واضعيها ؟ولم يكترثوا لتلك الكلمة القميئة ( مستمرين ) مستمرين بالإضراب !!مستمرين بالتجهيل !!مستمرين بمحاولة قتل الحلم!!
ما أريد قوله وعلى رؤوس الأشهاد .. أبناؤنا لن يقعوا بين مطرقة المعلم المضرب وسنديان الوزارة .. إنهم أبناء فلسطين الذين لم يستطع أحد بالدنيا أن يخضعهم.. انهم كنعان وصلاح الدين وهم جند عمر وسيحققون الحلم ولو بعد حين.
رحم الله روح دكتورنا محمد عواد الذي كان يتمتع ببصيرة ووضوح رؤيا لمستقبل أبنائنا.