يلا نحكي: محاربو الفساد واليوم الوطني للدفاع عنهم (1-2)
مقالات

يلا نحكي: محاربو الفساد واليوم الوطني للدفاع عنهم (1-2)

(1)  لماذا علينا محاربة الفساد
ينطلق المحاربون الفلسطينيون للفساد من أنّ مكافحة الفساد ومحاربته يدعم تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني، المتمثل بإنهاء الاحتلال ونيل الاستقلال وممارسة حقّ تقرير المصير والعودة وإقامة دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية، بل أنَّ محاربة الفساد يقوي مؤسسات الحكم ويدعمها في المواجهة مع الاحتلال ويعزز مكانها في المحافل الدولية، وينعكس إيجاباً على ثقة المواطنين بالسلطة الحاكمة ومؤسسات الدولة، ويرفع من درجة استعداد المواطنين لتحمل الأعباء والقيام بواجباتهم.
نؤمن بمحاربة الفساد في فلسطين للحرص على إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المتخيلة في وثيقة إعلان الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني في الخامس عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر عام 1988، أي دولة ينتصب فيها القانون سيداً، وتحكم المؤسسات غير خاضعة لمزاج فرد مهما علا شأنه أو عظمت مكانته أو جماعة تتحكم بها، وترعى العدالة الاجتماعية لضمان عدم ترك أي مواطن خلف الركب والتقدم أو حرمانه من العيش بكرامة.
نستند إلى العقد الاجتماعي بين المواطنين المجسم في وثيقة الاستقلال المُحددة لقيم المواطنة؛ ملكية المواطنين للدولة، والمشاركة في بناء الهوية الثقافية للمجتمع وطبيعة الدولة، والمساواة بين المواطنين في الحقوق.
يعتمد المحاربون الفلسطينيون للفساد على الحقوق الدستورية المنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني في سعيهم لمكافحة الفساد، وعلى تفعيل قانون مكافحة الفساد، وعلى الشراكة في تطبيق الاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وهي وثائق أقرتها واعتمدتها مؤسسات دولة فلسطين. وكذلك يعتمد هؤلاء المحاربون على التزامات دولة فلسطين في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لا سيما المادة الثالثة عشر منها "بتشجيع أفراد وجماعات لا ينتمون إلى القطاع العام، مثل المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المحلي، على المشاركة النشطة في منع الفساد ومحاربته، بما في ذلك ...احترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها". 
 
(2) طبيعة المحاربين الفلسطينيين للفساد وغاياتهم
 
يسعى محاربو الفساد في فلسطين إلى إقامة مؤسسات دولة فلسطين الفعّالة والمساءلة المستجيبة للسياسات المعلنة في خطة السياسات الوطنية والاستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد ولأهداف التنمية المستدامة 2030 بما يتطلبه ذلك من انفتاح مؤسسات الدولة على منظمات المجتمع المدني، وإعمال مبادئ الشفافية في إدارة الشأن والمال العام، وترسيخ قواعد الشراكة ما بين منظمات المجتمع المدني والحكومة "بالمعنى الواسع"، وتفعيل نظم المساءلة في المستويات المختلفة لمؤسسات الدولة، وفضح الفاسدين ومحاسبتهم وضمان عدم الإفلات من العقاب. 
أيّ أنَّ محاربي الفساد الفلسطينيين هم اصلاحيون؛ يبتغون المصلحة العامة ويعلون شأنها، ويستخدمون طرق وأدوات ووسائل غايتها ضمان فعالية مؤسسات الدولة واحتكامها لقواعد الحكم الرشيد. هؤلاء المحاربون ليسوا سياسيين؛ بالمعنى الحزبي الذي يرغبون بالوصول إلى الحكم/ السلطة عبر استخدام محاربة الفساد، وهم أيضا ليسوا مبلغين عابرين عن الفساد، بل هم أولئك المقاتلون "الأفراد والمؤسسات" الذين يعملون في هذا الحقل بشكل مستمر لرفع الوعي العام بمحاربة الفساد، ويساهمون أو يحاولون المساهمة في رسم السياسات والمشاركة في تبني الاستراتيجيات والخطط الوطنية، ويحضون على تفعيل نظم المساءلة الرسمية، ويفعلون المساءلة المجتمعية، ويسعون لمحاسبة الفاسدين ومنع الإفلات من العقاب، وفضح الفساد.
 
(3)  اليوم الوطني للدفاع عن المحاربين الفلسطينيين للفساد
 
أدعو لاعتماد يوم الحادي عشر من تموز/ يوليو من كل عام، وبدءاً من هذا العام، يوماً وطنياً "فلسطينياً" للدفاع عن المحاربين الفلسطينيين للفساد، وهو ذات اليوم الذي سيمثل به ممثلو ائتلاف أمان أمام محكمة الصلح في رام الله لتقديم لائحة الدفاع في مواجهة الشكوى المقدمة من رئيسة ديوان الرئاسة الفلسطينية؛ وذلك للتعريف بمحاربي الفساد، ولرفع الوعي المجتمعي بمحاربة الفساد، ولضمان توسيع المشاركة الشعبية في الدفاع عن محاربي الفساد وعن غاياتهم، ولمنع تعسف السلطة السياسية في استخدام سلطات الدولة ومواردها لمعاقبة محاربي الفساد والبطش بهم بسبب فضحهم الفساد بدلا عن استخدام سلطات الدولة ومؤسساتها لمحاكمة الفاسدين ومحاسبتهم على جرائمهم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.