يلا نحكي: ضمانات تصليب الجبهة الداخلية
مقالات

يلا نحكي: ضمانات تصليب الجبهة الداخلية

(1) الوحدة الوطنية طريق الانتصار

مثلت حالة الوحدة الميدانية للمقاومين الفلسطينيين من جميع الفصائل الفلسطينية في مخيم جنين شرطاً أساسياً لصمودهم ولقدرتهم على مواجهة القوة الغاشمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة، ولتكاتف القوى الاجتماعية معهم، ولتوفير الحاضنة الشعبية لهم ولقوى الثورة والمقاومة المسلحة في المخيم.

إنّ الوحدة الوطنية الميدانية هذه تُجبر جميع القوى السياسية والاجتماعية ليس فقط الالتفاف حول عناصر المقاومة بل تطلب منها تكريسها في البرامج السياسية وإدارة المعركة الوطنية في مواجهة الاحتلال وتناغم مسارات النضال الفلسطيني؛ باعتبارها طريقاً حتمياً للانتصار الفلسطيني، ودافعاً لتعزيز مبدأ " الوحدة الوطنية طريق التحرير والانتصار".

هذا الأمر يفرض وجود ثقافة تحمي التعددية والقبول بالأخرين، والتحالف معهم لتعزيز التضامن الشعبي والتكاتف الوطني في معركة التحرير، ولتوحيد الجهود الوطنية لتعزيز صمود الفلسطينيين ولمواجهة إجراءات سلطات الاحتلال وويلات الاجتياحات والعدوان الإسرائيلي المتكررة.

هذه الوحدة تدعو لمنع أية أفعال توتيرية؛ كالتصريحات والاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة أو الأشخاص أو الاعتقال السياسي من جميع القوى وعناصرها والمؤسسات في الضفة والقطاع، تخرق السلم الأهلي وتزيد من شرذمة الجهد الوطني في عملية المواجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتقضي على روح الانتصار والمعنويات الشعبية المرتفعة التي خلقها صمود المقاومة في معركة مخيم جنين. وكذلك توحيد جهود القوى الفلسطينية الحية جميعها لتوجيه البوصلة نحو الوحدة الوطنية ومواجهة الاحتلال وتمظهراته في الأراضي المحتلة، وتصليّب الجبهة الداخلية وتعزيز الحاضنة الشعبية.

 

(2)  توفر الحريات العامة لقبول بالحكم والحكام

مما لا شك فيه أن تكريس الحريات العامة المنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني والمُجَسِمة لقيم المواطنة المُجَسَدة في وثيقة إعلان الاستقلال بما فيها احترام حرية الرأي والتعبير والحق بالتجمع السلمي وضمان احترام عمل منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام باعتبارها العناصر الأساسية للفضاء المدني الذي يشكل أحد أهم عناصر المشاركة الشعبية في تحديد السياسات العامة والأولويات الوطنية للدولة، وكذلك يساعد على توزيع الأعباء الناجمة عن شح الموارد لدى الدولة من جهة، وتحمل تبعات وآثار إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة من جهة ثانية.

هذا الأمر يتطلب حماية الفضاء المدني والامتناع عن تقييده أو التضييق عليه عبر ملاحقة الصحفيين والناشطين ومنظمات المجتمع المدني (كما هو حاصل اليوم في محاكمة مؤسسة أمان لكشفها شبهات فساد لبعض المسؤولين خاصة في مسألة تبييض المستوطنات الذي ذكره التقرير السنوي للعام 2022 "واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين").

إن ضمان مشاركة المواطنين بالحكم عبر الانتخابات، وإتاحة المجال للمشاركة الشعبية في تحديد الأولويات؛ عبر إتاحة المعلومات العامة وشفافية إدارة الشأن والمال العام، انفتاح الحكومة على منظمات المجتمع المدني، وتوفر منصات تفاعلية لضمان عن الشراكة ومشاركة منظمات المجتمع المدني. بالإضافة إلى مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين ومنع إفلاتهم من العقاب، ناهيك عن تجويد الخدمات العامة، تعد شرطاً أساسياً لتصليب الجبهة الداخلية ولتحمل المسؤولية والأعباء الناجمة عن أيّة سياسات أو إجراءات أو قرارات.    

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.