خرم إبرة.. مهن المستقبل...
شاركتُ الأسبوع الماضي في مؤتمر صحافي معقباً على دراسة "مستقبل فرص العمل في فلسطين" بالشراكة بين منتدى شارك الشبابي والصندوق الفلسطيني للتشغيل، وذلك بمشاركة بدر زماعرة_المدير التنفيذي لشارك_، رتيبة أبو غوش_رئيسة مجلس إدارة شارك، سهى كنعان _مدير دائرة إحصاءات العمل في جهاز الإحصاء المركزي، والباحث مؤيد عفانة. تضمن المؤتمر عدداً من المحاور التي تقدم مؤشرات عن واقع سوق العمل ومهن المستقبل في فلسطين.
لنتفق أن سوق العمل في فلسطين يواجه العديد من التحديات، بما في ذلك معدلات البطالة المرتفعة، ومحدودية فرص العمل، والتفاوت في المهارات والتعليم. تبعاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد بلغ عدد المتقدمين لامتحان شهادة الثانوية العامة 87,817 في العام الدراسي 2022/2023، فيما بلغ عدد خريجي مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية 46,225 خريجاً وخريجة في العام الدراسي 2021/2020. ويستوعب السوق المحلي سنوياً نحو 3 آلاف فرصة عمل للأفراد الخريجين.
الدراسة أثبتت بشكل واضح أهمية الإستراتيجية الوطنية للتشغيل التي أطلقتها وزارة العمل ليس فقط من خلال التوصيات؛ وإنما من خلال العديد من المحاور التي شملتها الإستراتيجية. وما تريد الدراسة قوله بأهمية النظر الى التخصصات الجامعية وما يحتاجه سوق العمل من وظائف متطورة، لأن سوق العمل في فلسطين والعالم متغير بشكل سريع بسبب التطور التكنولوجي الذي لن ولم يرحم من لم يواكبه.
ملخص الدراسة يتمثل في الفقرة التالية "يتجه العالم حديثا نحو محورين أساسيين وهما المعلوماتية والاستدامة، ويعتبر كلا المحورين توجهين حديثين نسبياً تزامن وجودهما مع الثورة المعلوماتية الحديثة وانتشار جائحة كورونا وغيرها من التطورات الحديثة السريعة في العالم".
قوة الدراسة تكمن في أنها طرحت العديد من التخصصات باعتبارها "مهن المستقبل" والتي يمكن من خلالها خفض نسبة البطالة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال ربط الثورة التقنية بإمكانات سوق العمل والتخصصات التعليمية غير التقليدية والحديثة مثل: مطورو البرمجيات، أخصائيون في خبرة الزبون عند الشراء، صانع المحتوى، محللو البيانات، مهندسون بيئيون، أمن المعلومات، مديرو النفايات، أخصائيو الوراثيات، العاملون في مجال الصحة الذهنية، محللو تعلم الآلة الرقمي، مسوقون رقميون، مديرو المشاريع، مختصو الطباعة ثلاثية الأبعاد، التجار الرقميون/ الإلكترونيون.
وكذلك طرحت الدراسة موضوعاً يوازي أهمية الشهادة الأكاديمية وهو مهارات المستقبل، من خلال اكتساب مجموعة من المهارات التي تعتبر مهارات ذات طابع عالمي تمكنهم من المنافسة والبقاء في سوق العمل، بحيث تعد تلك المهارات عالمية الطابع، وتشمل تلك المهارات: 1_مهارات التعلم والإبداع والتي تشمل "التفكير الناقد، حل المشكلات، الاتصال والتواصل" 2_ المهارات الثقافية الرقمية" الثقافة المعلوماتية، الثقافة الاعلامية، فن الاتصال" 3_ مهارات المهنة والحياة "المرونة والتكيف، المبادرة والتوجيه الذاتي، التفاعل الاجتماعي، التفاعل متعدد الثقافات، الإنتاجية، المساءلة، القيادة والمسؤولية".
خرجت الدراسة بتوصيات أولية مهمة، على الجميع العمل عليها كل حسب اختصاصه ليس فقط من قبل القطاع الحكومي، وإنما القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية وحتى الدول والمؤسسات المانحة متمثلة في: ضرورة مواءمة التخصصات الجامعية القائمة حالياً مع سوق العمل، من خلال الاستفادة من نتائج الدراسة وغيرها من الدراسات، للحد من بطالة الخريجين، إنشـاء مراكز أبحاث ترعاها الدولة للذكاء الاصطناعي، وتوفير قاعدة بيانات موثقة، وإقامة أســـواق تهتم بحاجات أصحاب المصلحة ومجالات الذكاء الاصطناعي.
والاهتمام بالتوزيع السكاني للمواطنين ودراسة كافة خصائص السكان بهدف توفير احتياجاتهم على المدى البعيد، من التخصصات الجامعية، والربط والتعاون بين جميع مؤسسات الدولة بالقطاع الحكومي والخاص، وتوحيد جهود الدولة في الجانب التشريعي والتنظيمي للتأكد من مواكبة الاحتياجات المتجددة في مجال وظائف المستقبل. تركيز التعليم والتدريب على خصائص الخريجين مثل مهارات الإبداع، التحليل، والابتكار. تأهيل الكوادر التعليمية والتدريبية لكي تكون قادرة على تعليم الطالب في المراحل الأولية ما يحتاجونه من علوم تجعلهم قادرين على التكيف مع متطلبات سوق العمل المستقبلية.