يلا نحكي: "اشتية" بدأ يفهم.. أخيراً!
أصدرَ مجلسُ الوزراءِ الأربعاء الفارط تقريرين هامين يتعلقان بتحليل القرارات الحكومية وبأعمال اللجان الحكومية للعام 2022، إضافة إلى تقرير حول اتجاه أداء تنفيذ خطة التنمية الوطنية للعام 2022 الذي صدر قبل شهر منهما؛ وهي تقارير هامة لناحية مراجعة الحكومة لأعمالها وتوضيح مدى إنجازاتها، والتحديات التي واجهتها الداخلية والخارجية، والتعرف على مدى فاعلية الإدارة وميكانيزمات عملها، واخفاقاتها وفشلها في تحقيق أهدافها.
أشار تقرير تحليل قرارات الحكومة إلى أنّ 28% من القرارات غير الروتينية (حسب تصنيفهم) الصادرة عن مجلس الوزراء قد تم تنفيذها، بينما 41% منها قيد التنفيذ، فيما 31% منها لم يتم تنفيذها. ويظهر تقرير تحليل أعمال اللجان الحكومية التي تم تشكيلها عام 2022 أن 23% منها فقط أنهت أعمالها، وأن 18% لم تجتمع من أجل بدء أعمالها، وأن 58% من هذه اللجان ما زالت لم تنجز أعمالها. أما تقرير اتجاه أداء تنفيذ خطة التنمية الوطنية للعام 2022 فقد أشار بوضوح إلى فشل الحكومة في الانفكاك الاقتصادي أحد أهم الالتزامات التي قدمها رئيس الحكومة "اشتية"، وذلك بتنامي قيمة الواردات من الجانب الإسرائيلي في العام 2022 مقارنة بالعام 2019، وأنّ عدد العمال في إسرائيل ازداد بمقدار 66 ألفاً في الفترة 2018- 2022 (من 127 ألف إلى 193 ألف) بدلاً من استيعابهم في الاقتصاد الفلسطيني.
الغريب في الأمر أنّ رئيس الحكومة "اشتية" وحاشيته قد رفضت هذا المنهج قبل ثلاثة سنوات ونصف عند نشر تقرير أداء الحكومة الثامنة عشر للعام 2019 من قبل مؤسسة REFORM بداية العام 2020، وشن رئيس الحكومة "اشتية" والناطق باسمه إبراهيم ملحم هجوماً على المشرف على التقرير حينها ووسائل الإعلام التي تناولت التقرير، يخجل كاتب هذا المقال من كتابة المفردات التي تم استخدامها آنذاك، حيث استخدما فيها عبارات كالتخوين والعبث بأرزاق أبنائنا ، وحملة تحريض من رئيس الحكومة "اشتية" وحاشيته في داخل مؤسسات السلطة وحركة فتح "كالمجلس الثوري" الذي انساق بعضهم دون فهمٍ وعلمٍ لأبجديات علم الإدارة العامة وقواعد الحكم الرشيد. ناهيك عن جهلٍ مطبق بقيم وثيقة الاستقلال وأحكام القانون الأساسي والمنطلقات الفكرية لحركة فتح وأهدافها التي جميعها تطلب منا النضال من أجل تقويم عمل الحكومة ومساءلتها ومحاربة الفساد.
ببالغ الغبطة والسرور أكتب هذا المقال بعد أنْ نَحَتْ حكومة "اشتية" لذات المنهج، بعد جهد كبير بذله المتدربون والمتدربات من أعضاء فريق الرصد لتقرير تقييم أداء الحكومة الثامنة عشر في افهام حاشية رئيس الحكومة "اشتية" وبعض مستشاريه على مدار السنوات الثلاثة الفارطة، لإطلاق تقارير تقييمية لعملها وإنْ كان بشكل جزئي.
يقال "أنْ تأتي متأخراً خيراً مِنْ أنْ لا تأتي" هذه الحكمة قد تصلح لسلوك الأشخاص العاديين وعلاقاتهم الشخصية وليس لسلوك الحكومة أو في إطار إدارة الحكم التي ينبغي أنْ تكون رشيدة وحكيمة وحصيفة وذات فطنة؛ فالحكم وجادته بطبيعتهما لا يقبلان بالخطل والمخاتلة وتغييب العقل أو تشويه المواطنين أو التعلم في حياة الناس ورزقهم، لمصالح سياسية ضيقة أو لتحقيق مطامع شخصية.
اليوم بعد أكثر من ثلاث سنوات على إطلاق تقرير تقييم أداء الحكومة الثامنة عشر، يقر رئيس الحكومة "اشتية" وحاشيته والناطق باسمه ابراهيم ملحم بصوابية المنهج الذي اختطه التقرير، وهما اليوم (رئيس الحكومة والناطق باسمه) مطالبين بتقديم الاعتذار رسمياً بصفتهم الشخصية والوظيفية عن ما بدر منهما بداية عام 2020 في وسائل الإعلام وفي اللقاء العامة وفي الجلسات الخاصة تجاه المشرف على التقرير والجهة المصدرة له.