من شرعية موقف إلى براجماتية أداء
يبدوا أن الإطار العام للجملة السياسية قد إنتقل من منزلة شرعية موقف تستوجب التنفيذ إلى جملة براجماتية يُراد ترسيمها بواقعية حال، وذلك من أجل الوصول لإستخلاص مرحلي يمكن الإستفادة منه في تعزيز الحال الذاتي والبناء عليه في المحطة القادمة في الحاضنة الموضوعية مع إشتداد مرحلة الإصطفافات التي تشهدها الساحة الدولية والإقليمية.
فالمفاوضات السعودية الأمريكية وصلت إلى جملة من التفاهمات التي يمكن إعتمادها / إعتبارها أرضية عمل، ليس على المستوى الثنائي للعلاقات البينية بل على صعيد التعاطي مع المحاور الرئيسية في المنطقة، لاسيما وأن هذه التفاهمات كانت قد نجحت في السابق بإنهاء الأزمة في اليمن عبر تجميدها، عبر فتح علاقات طبيعية بين السعودية وإيران وعملت بذات السياق على ترتيب صفقة المعتقلين الأمريكان و الإيرانيين إضافة إلى إنهاء ملف تجميد الأموال الإيرانية عبر القناة العُمانية القطرية ...
وهاهي القناة الأمريكية السعودية تعود من جديد لتعمل على فتح ملف مركزي آخر يقوم على تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية وفق ثلاث محددات رئيسية تقوم الأولى منها على إستراتيجية أمنية أمريكية سعودية تحفظ الأمن السعودي والثانية تقوم على السماح بإنشاء مفاعل نووي سعودي "للأغراض السلمية " والثالثة فإنها تأتي من على أرضية رفع حالة الجمود على الملف الفلسطيني وهو الملف الذي يعد من الملفات المركزية ..
وكما تعاطعت السعودية مع هذا الملف بطريقة براغماتية على الرغم من موقفها المسبق في المبادرة العربية للسلام قامت السلطة الفلسطينية بمشاركتها هذا الخضم لنتتهج سياسية التعاطي ذاتها عبر براغماتية عمل لتكون منسجمة مع طبيعة المرحلة ولتكون فيه شريك مع الموقف السعودي بطبيعة الإمكانات التي فرضتها المرحلة للإستفادة ما أمكن من هذا الخضم ومتبعة بذلك سياسية ،،، (خذ وطالب) فالقطار الذي يفوت لا يعود وإن عاد فغالبا ما يعود بحمولة ناقصة.
ومن على هذه المعادلة بدأت الشراكة الفلسطينية السعودية بالترتيب عبر الاتفاق حول مطالب منها ما يتعلق بإعادة دعم السلطة الفلسطينية وهذا مطلب موجه للسعودية وآخر ما يتعلق بترتيبات فلسطينية _ إسرائيلية تسمح بإضافة مناطق ج إلى مناطق ب وهذا مطلب موجهه للحكومة الإسرائيلية وأما الثالثة فهو للإدارة الأمريكية والذي يتمثل برفع مستوى الإعتراف بالدولة الفلسطينية من منزلة عضو مراقب إلى منزلة عضو عامل وهذا سيرفع من بيان سلطة الى بيان دولة ..
وهو المطلب الذي يمكن للشعب الفلسطيني البناء عليه فى ترسيم الكثير من العناوين السياسية والقانونية والإنسانية لأن في حالة إقراره فإن مشروع حل الدولتين سيبقى حاضر في المشهد السياسي العام ولن يموت في التقادم مع تعاظم إمتداد الإستيطان وإشتداد حالة الإنقسام وهو
ما يعد مسالة جوهرية بكل المقاييس.
ولحين يتم تنفيذ ما يتم الحديث حوله فإن الحكومة الإسرائيلية بحاجة لإعادة تموضع بالشكل كما بالنهج
وهذا ما يتطلب تعديل واسع على الحكومة الإسرائيلية قبل ترتيب جدول الزيارة المنتظرة لنتياهو للبيت الأبيض قبل نهايه هذا العام فإن إعادة التموضع فى بيت القرار الإسرائيلي يعتبر شرط أساس لإتمام مسار التطبيع الذى يتوق إليه المجتمع الإسرائيلي لتعزيز آمنه ومجتمعات المنطقة.
وذلك بعد أن قام الرئيس الفلسطيني بإجراء تعديلات كبيرة على مستوى المحافظين لضبط حالة الإنفلات الأمني وعلى الصعيد السفراء لبث دماء جديده فى شريان الدبلوماسية الفلسطينية وهي سلسلة من التعديلات يبدوا أنها مستمرة بإتجاه الحكومة أيضا والمؤتمر الفتحاوي الذى تمت الدعوة الية وكما على مستوى البيت الداخلي برمته، وكلها تأتي من أجل إلتقاط ما يمكن إلتقاطه من فرص لإضافة لبنة جديدة تضاف لما تم إنجازه نحو مشروع قيام الدولة.
وبإنتظار ما ستسفر عنه هذه الجولات بكل ترتيباتها وهذه المتغيرات بتغير عناوينها وتبدل الزوايا الحادة فيها مع وجود أصوات في طرفي المعادلة مازالت لا ترغب بتقديم هذا المنجز على حد وصفهم للإدارة الأمريكية الحالية على إعتبار أن ذلك سيسهم بإعادة إنتخاب الرئيس جو بايدن إلا أن السياسية البراغماتيه مازالت تشكل عنوان المشهد.
وإلى حين بيان الموقف والحال سيبقى الأردن يشكل ضابط الإيقاع القويم على نظام الضوابط والموازين وفي التعاطي مع قضاياها كما سيبقى يشكل الداعم الصلب الأمين للقضية الفلسطينية من أجل الوصول بهوية الدولة الفلسطينية إلى مبتغاها لتحقيق حلم التحرر والإستقلال.