قراءة سياسية لبيان عدد من الكتاب والفنانين والاكاديمين  ضد تصريحات الرئيس ابو مازن
مقالات

قراءة سياسية لبيان عدد من الكتاب والفنانين والاكاديمين  ضد تصريحات الرئيس ابو مازن

بالاطلاع على البيان نجد ان من صاغه  مقيم في الولايات المتحدة الامريكية، ومنغمس في بيئة العمل السياسي هناك، وعليه نود تسجيل عدد من الملاحظات :
1.    لغة البيان غير مالوفة في ادبيات العمل السياسي والاعلامي الفلسطيني وهزت مداميك الرواية الفلسطينية التي قامت عليها ثقافة الاجيال الفلسطينية منذ النكبة الى يومنا هذا خاصة وانها جاءت على لسان من كنا نعتقد انهم حماة الرواية الفلسطينية في امريكا والعالم الغربي.
2.    لغة البيان تصف تصريحات الرئيس بانها مستهجنة اخلاقيا وسياسيا لانها تمثل في جوهرها تساوقا مع الرواية المعادية للسامية، مع ان الرئيس اصدر بيانا توضحيا حول ذلك.
3.     من وقعوا البيان اعلنوا انهم ضد كل من يحاول التقليل او تحريف او تبرير معاداة السامية او الجرائم النازية او التحريف التاريخي فيما يتعلق بالمحرقة، وهذا موقف ايضا لافت ومختلف وكأننا امام تيار جديد اعلن عن ميلاده وهويته القادمة لتمثيل شعبنا في المحافل الدولية.
4.    البيان استخدم تعبير "الشعب اليهودي" وهذا ينسجم مع توجه اسرائيل بمطالبها بالاعتراف باسرائيل دولة يهودية مما يعني انتفاء اي حق للشعب الفلسطيني فوق ارضه، وهذه ايضا مفردة طارئة ومستهجنة الاستخدام من قبل مثقفين وكتاب مرموقين.
5.    البيان اعلن ان شرعية  الرئيس منتهية  وان من يعملون معه لا يمثلون الشعب الفلسطيني. لان الرئيس انتهت ولايته منذ العام 2009 بل ان البيان يعتبر الرئيس شريك في جريمة الفصل العنصري بل انه احد مركبات هذه المنظومة، حيث يقول البيان في الحرف "بعد ان تمسك بالسلطة ما يقرب من عقد ونصف من انتهاء ولايته الرئاسية بدعم من القوى الغربية والموالية لاسرائيل التي تسعى الى ادامة الفصل العنصري الاسرائيلي"
6.    البيان يتهم الرئيس وحاشيته بان حكمهم  استبدادي ووحشي مما شكل ثقل جديد على شعبنا، حيث ان تعبير الوحشية يعني انه ارتكب جرائم وحشية تستدعي مسائلته بل ان البيان ربط ما بين السلطة والاحتلال وساوى ما بين وحشية السلطة وجرائم اسرائيل وكان الشعب الفلسطيني ضحية لهما معا اي ان البيان ساوي للاسف ما بين الاحتلال والسلطة ! 
7.    البيان لا يتحدث عن الاستقلال وانما يتحدث عن ان الشعب الفلسطيني يريد العدالة والحرية والمساواة.  وكأننا امام مشهد جديد من المطالب  والتي قد تعنى نموذج الدولة الواحدة او كيان فلسطيني او النضال من اجل المساواة مع الحركة الصهوينية المحتلة لفلسطين.
8.    اللافت ان عدد من موقعي البيان عملوا مع طواقم السلطة وعدد منهم كانوا مستشارين ومنهم ما زالوا يعملون مع السلطة او اجهزتها المختلفة او مؤسسات تابعة للسلطة بطريقة مباشرة او غير مباشرة.
وعليه  يمكن استنتاج الامور التالية:
1.    اننا امام منهج جديد ولغة خطاب جديدة رسمت من خلال هذا البيان، اولها اننا نعترف بمصطلح معاداة السامية وان اي تصريح يتعلق او يتصل بهذا الموضوع هو مدان فلسطينيا ويجب الوقوف ضده.
2.    ان من قام باعداد البيان واصداره اعلن عن اطلاق تيار جديد يعتقد انه يملك البديل السياسي والاخلاقي لحمل الرواية الفلسطينية الجديدة بعيدا عن نهج منظمة التحرير ونهج حماس والجهاد الاسلامي. وكان التاريخ الفلسطيني سيبدأ من جديد من لحظة بيانهم!!!! مما يعني ان قرارات الشرعية الدولية لم تعد ذات صلة وفقا لبيان المذكورين.
3.    ان من قام باعداد البيان على ما يبدو استخدم تصريحات ابو مازن للانقضاض على مشروعية وجود المنظومة القائمة منذ اوسلو وبذات الوقت قدم للمجتمع الغربي مقاربة جديدة وواضحة بخصوص الرواية الفلسطينية والموقف العصري من معاداة السامية، وكأن معدي البيان وجهوا البيان لصناع الراي واصحاب القرار بالعالم الغربي حيث ان البيان اعد في اللغة الانجليزية ولم تصدر ترجمه رسمية للبيان في اللغة العربية، لذا لم يراعي معدي البيان حساسية ابناء شعبنا الفلسطيني للغة البيان وطبيعة بناءه.
4.    البيان وان تضمن هجوما قاسيا على الرئيس ابو مازن بوصف تصريحاته بانها غير اخلاقية فان البيان بذات الوقت كان اشد قسوة بل  خرج عن سياقه عندما اعتبر السلطة شريك في بناء نظام فصل عنصري، مما يشكل عقبة امام وصول الفلسطينين الى العدالة والحرية والمساواة  التي ختم البيان بهم كقيم تهم المجتمع الغربي وتداعب فكره.
5.    امام كل هذه الملاحظات نتساءل هل حقا ممن وقع على البيان رغم قصره واحكام عباراته ادركوا مخاطر ما ورد فيه من نقاط تم التطرق اليها اعلاه؟؟؟!!!!؟
امام كل ذلك فاننا نرى ما يلي:
1.    على مصدري البيان كما تحلوا بالشجاعة في مخاطبة الرأي العام الامريكي والغربي من خلال البيان الصادر باللغة الانجليزية ان يتحلوا بالشجاعة كذلك للاعتذار للشعب الفلسطيني عن استخدامهم لمصطلحات وتعابير غربية ليس لها علاقة بالراوية الفلسطينية.
2.    علينا الا نحول موضوع البيان الى محور نقاش وطني خاص فيما يتعلق بالمسائل المرتبطة بالعالم الغربي من حيث حساسية العالم الغربي لعدد من القضايا التي يعتبرها من المحظور المساس بها دون الاخلال بقواعد الرواية الفلسطينية فمن المفهوم اننا كفلسطينين ليس لنا علاقة بالمحرقة ونحن من تحمل نتائجها، فاسرائيل قامت كدولة ونحن خسرنا فلسطين ، وعلينا ان نؤكد دوما اننا ضد المحرقة ، فالاصل ان تكون حريتنا واستقلالنا وكرامتنا كشعب فلسطيني هو الاساس .
3.    نقترح ان يقوم الرئيس واثناء وجوده في امريكا بدعوة عدد ممن اصدروا البيان الى اجتماع معه لنقاش كيفية التعاون في الدفاع عن القضية الفلسطينية وحماية مصالح الفلسطينين في امريكا.
4.    علينا الا نتهم من اعد البيان واصدره باية اتهامات تتعلق بالخيانة او الارتباط مع الاجندة الغربية و/او دون ذلك فنحن لا نريد ان نزيد من الطين بله وعلى كافة الاطياف الا يكونوا متطرفين في رد فعلهم تجاه بعضنا البعض، فعدد ممن اعد البيان ووقع عليه لديهم دور فعال في الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية ولهم احترام واسع لدى قطاعات نافذة في الاوساط العربية والدولية وحتى الفلسطينية، فلغة الهجوم والتخوين وغيرها لن تخدم قضيتنا ونضالات شعبنا.
5.    نحن نختلف مع كثير من سياسات الرئيس ابو مازن ونعتبر ان جزء  منها قادتنا الى ما نحن عليه من تدهور  ولكننا يجب الا نتجاوز قواعد اللائقة في وصفه بعبارات جارحة ومهينه له، لانه ورغم كل انتقاداتنا له ما زال رئيسا للشعب الفلسطيني رضي به البعض او عارضوه فهو يمثل شعبنا امام العالم  ويدير شؤون حياتنا وما زال بالمفهوم السياسي متمسك بالحقوق الوطنية وبالراوية الفلسطينية التي نشات عليها الاجيال ،فلا يجوز ان نعطي اعدائنا سكين من لدنا للاجهاز عليه او منحهم منصة للانقضاض على ما تبقى من منظومة تحمل جزء من الاعباء عن شعبنا في الداخل والشتات.فرغم كل شئ يبقى وجود السلطة امرا مهما في حياتنا، لذا اتركونا وامضوا في مسيرة عملكم للدفاع عن القضية في الساحة الامريكية والعالم الغربي دون الادعاء او السعي لتمثيل شعبنا وتقديم رواية بائسة  باسم شعبنا وفقا لمفردات غربية وغريبة تتساوق في بعضها مع الجهات المؤيدة لاسرائيل وبعيدة عن تضحيات شعبنا طوال سنوات نضاله الطويله، لنتعاون معا في الحفاظ على القضية او ما تبقى منها قبل فوات الاوان ، وقد يكون قطار تصفية القضية وصل محطته الاخيرة!!!!!


 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.