قراءة قانونية لقرار مجلس الوزراء بخصوص الجمعيات والهيئات الاهلية والشركات غير الربحية ؟؟!!!
شاب قرار مجلس الوزراء بتاريخ 11/9/2023 بخصوص عضوية موظفي مؤسسات الدولة في الهيئات الادارية للجمعيات الخيرية والهيئات الاهلية والشركات غير الربحية العديد من السقطات القانونية الشكلية والموضوعية، يجدر بنا التوقف امامها.
نسجل عدد من السقطات القانونية الشكلية والموضوعية وهي:
1. عنوان القرار جاء متناقضا، فهو خص في جزءه الاول عضوية موظفي الدولة في مجالس ادارة الجمعيات والهيئات الاهلية وحظر في شقه الثاني على اي موظف المشاركة في الشركات غير الربحية، وكأن القرار اتاح لموظفي الحكومة ان يكونوا اعضاء في الجمعية العمومية للجمعيات والهيئات الاهلية فيما لم يمكن الموظفين من ان يكونوا اعضاء في الشركات غير الربحية الا اذا كانت الصياغة للقرار سقطت سهوا.
2. ان القرار اتخذ بناء على تنسيب وزير التنمية الاجتماعية مع العلم ان قانون الجمعيات والهيئات الاهلية قد جعل الولاية العامة لوزارة الداخلية في عملية التسجيل والحل والتصفية وتلقي مراسلات الجمعيات ، كذلك فان قانون الشركات جعل من وزارة الاقتصاد صاحبة الرقابة والمتابعة لعمل الشركات الربحية وغير الربحية وان نص على دور لوزارات الاختصاص. وبذا يكون التنسيب من جهة غير مختصة .
3. ان ديباجة القرار استندت الى القانون الاساسي الفلسطيني وتعديلاته مع العلم ان القانون الاساسي يحمي الحق في تكوين وتأسيس الجمعيات لا سيما المادة (26/2) منه والتي تنص على "للفلسطينين حق المشاركة في الحياة السياسية افرادا وجماعات ولهم على وجه الخصوص الحقوق الاتية "تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط والاندية والمؤسسات الشعبية وفقا للقانون"
4. ديباجة القرار استندت على قانون الجمعيات والهيئات الاهلية رقم (1) لسنة 2000 مع العلم ان القانون ينص " للفلسطينين الحق في ممارسة النشاط الاجتماعي والثقافي والمهني والعلمي بحرية بما في ذلك الحق في تشكيل وتسيير الجمعيات الاهلية وفقا لاحكام هذا القانون" وهذا خطا شكلي جديد حيث ان القانون من حيث الشكل والنص منح الفلسطينين دون قيود و/او تصنيف لطبيعة عمله الحق في تأسيس وتسيير الجمعيات، وهذا النص ينسجم تماما مع ما ورد في المادة (26/2) من القانون الاساسي والذي احال تنظيم الحق في تأسيس الجمعيات الى القانون ولطالما ان قانون الجمعيات لم يمنع موظفي الدولة المدنيين والعسكريين يصبح تقييد الحق بقرار من مجلس الوزراء سقطة قانونية يجب التراجع عنها لانها استندت على مخالفة دستورية وقانونية كذلك.
5. ديباجة القرار استندت الى قانون الشركات رقم (42) لسنة 2021، ونجد ان القانون وعندما تناول في المادة (10) منه اجراءات التسجيل ومتطلباته لم يذكر باي حال من الاحوال حرمان او الحظر على موظفي الدولة من الدخول في الشركات غير الربحية اوفي مجالس ادارتها، حتى النظام الصادر عن مجلس الوزراء والخاص بتنظيم عمل الشركات غير الربحية لم ياتي على حظر موظفي الدولة من المساهمة و/او ان يكونوا اعضاء مجالس ادارة ي الشركات غير الربحية.
6. ديباجة القرار استندت الى قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998 وتعديلاته ولوائحه التنفيذية، بالرجوع الى القانون نجده في المادة (67) منه ينص على الاعمال المحظورة على الموظف فيما جاءت الفقرة (2) من ذات المادة تفصيل هذه المحظورات وفقا للائحة التنفيذية، وعند الاطلاع على اللائحة التنفيذية للقانون رقم (45) لسنة 2005 لا سيما المادة (83) منها لم تذكر بتاتا موضوع الانضمام للجمعيات والهيئات الاهلية، وذكرت فقط موضوع الشركات حيث منعته من عضوية مجالس الادارة الا انها لم تمنعه من المساهمة في الشركات، فكيف ياتي القرار مستندا الى قانون الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية ليمنع على الموظف المدني الانضمام الى الجمعيات والهيئات الاهلية ولا يوجد نص يمنع او حتى يذكر ذلك!!!
7. ديباجة القرار استندت الى قانون قوى الامن رقم (8) لسنة 2005 وتعديلاته وبعد الاطلاع ومراجعة القانون نجد ان بالفعل قد نص في المادة (90) منه على المحظورات الواجب الامتناع عنها الضباط الا ان النص جاء ملتبسا وحاملا لاكثر من تفسير حيث تنص الفقرة (2) من ذات المادة على " ابداء الاراء السياسية والاشتغال بالسياسة او الانتماء الى الاحزاب او الهيئات او الجمعيات او المنظمات ذات الاهداف السياسية" هنا يظهر الالتباس حول النص حيث يقرأ على ان الانتماء للجمعيات او الهيئات يصبح محظورا ان كانت تعمل في السياسة وقد يحمل النص مفهوم الحظر المطلق، للانضمام، فان حمل التفسير الاول فلا يجوز تقييد حق ورد في قانون بناء على قرار مجلس وزراء وان كان محظورا بالمطلق لا يحق لمجلس الوزراء منح الموافقة لضباط الامن تاسيس او الاشتراك في الجمعيات وليس فقط بعضوية مجالس الادارة. كما ان نص المادة (90) وكذلك المادة (93) حظرت على الضباط ولم تحظر على الافراد الانضمام للجمعيات والشركات، فالمادة (93) حظرت على الضباط في الفقرة (4) منه تاسيس شركات او عضوية مجالس ادارتها، ذلك يعني انه مسموح للضباط المساهمة في الشركات بغض النظر عن شكلها او طبيعتها ربحية او غير ربحية.
8. القرار عمليا خالف ما ورد في المادة (69/5) من القانون الاساسي والتي تنص على "يختص مجلس الوزراء على: متابعة تنفيذ القوانين وضمان الالتزام باحكامها، واتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك" وعليه فان مجلس الوزراء قد خالف اختصاصه الاصيل فبدلا من متابعة تنفيذ القوانين قام بمخالفتها وانشاء قواعد قانونية جديدة وردت في القرار.
9. القرار يعتبر نافذا من تاريخه، اي ان القرار من الواجب تنفيذه من تاريخ صدوره وليس باثر رجعي حيث انه لا يجوز لاي وزير او جهة حكومية الطلب من اي من اعضاء المجالس الحاليين الاستقالة و/او الحصول على موافقة مجلس الوزراء.
بعيدا عن كل هذه الملاحظات، نود ان نشير انه كان الاجدر بمجلس الوزراء ان يبدا من اعضاء مجلس الوزراء انفسهم حيث ان احد الوزراء ما زال رئيس مجلس ادارة احدى الجمعيات مما يشكل تعارض مصالح استنادا الى ما ورد في ديباجة القرار من نظام الافصاح عن تضارب المصالح رقم (1) لسنة 2020، فهل افصح الوزير المذكور عن هذا الامر لرئيس الوزراء وهل يعلم رئيس الوزراء ان احدى الدول المانحة الوازنة اوقفت تمويل الجمعية التي يرأسها الوزير لان وجوده وزيرا ورئيس مجلس ادارة للجمعية يمثل مخالفة صريحة وتعارض في المصالح لديهم لحين استقالة الوزير المذكور. كما ان القرار يحمل ابعاد غير عملية فهل يعقل ان ينشغل مجلس الوزراء بتنسيبات الوزراء ومدراء الاجهزة الامنية لمن سيكون عضوا في مجالس ادارة الجمعيات او الشركات غير الربحية كل ذكل سيخلق ثقل بيروقراطي وهدر للجهود لانفاذ هذا القرار.
بالمجمل نوصي مجلس الوزراء ان يعيد النظر بهذا القرار لمخالفته القواعد الدستورية ولابسط اختصاصات مجلس الوزراء ولما له من تاثير على الحق في تاسيس الجمعيات والمشاركة بها وكذلك في الشركات غير الربحية.