يلا نحكي: هوامش الصفقة السعودية - الأميركية
تصاعدت وتيرة الحديث عن صفقة سعودية – أمريكية في الشهرين الأخيرين تشمل بالإضافة إلى ما يتعلق بطبيعة العلاقة الثنائية السعودية- الأميركية؛ كإقامة حلف عسكري وحصول السعودية على أسلحة متطورة وإنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية، انفتاحاً سعودياً على دولة الاحتلال الإسرائيلي استكمالاً لجهد أميركي لتطبيع علاقات الدول العربية مع إسرائيل. في المقابل ترى القيادة السعودية أنّ العلاقة مع إسرائيل تتطلب الأخذ بعين الاعتبار أساس الصراع العربي الإسرائيلي وهي المسألة الفلسطينية.
بغض النظر عن هامشية هذه المسألة وعن حيزها في النقاش الثنائي السعودي الأميركي إلا أن إتمام هذه الصفقة لا يتم من دونها/ غيرها؛ لأسباب داخلية أميركية تتعلق بميكانيزمات إدارة العلاقات الداخلية في النظام السياسي الأميركي، وببواعث التأثير على أعضاء الكونغرس "الديمقراطيين والجمهوريين مجتمعين" الذين يتأثرون بالموقف الإسرائيلي ويعتبرون مصلحة إسرائيل مكون أساسي في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لإخراج هذه الصفقة إلى حيز الوجود. ولأسباب سعودية تتعلق بالرابطة القومية والدينية بالمسألة الفلسطينية من جهة، والقدرة على تمرير عملية التطبيع في الداخل السعودي من جهة ثانية، والمكانة السياسية والدينية التي تحظى بها السعودية في العالمين العربي والإسلامي التي تجعل من إقامة علاقات تطبيعية مع إسرائيل مدخلا "بوابة" واسعاً لتطبيع دول عربية وإسلامية دون النظر للموقف الفلسطيني أو أهمية للمسألة الفلسطينية من جهة ثالثة.
هذه الصفقة ليست موجة عاتية يمكن تجاوزها بالعند والصراخ، إنما هي إعصار قادم لا محالة يضرب المنطقة ويجرف معه أساسات البناء البالية وغير المتينة، كما حدث بإعصار دانيال في مدينة درنة الليبية. وفي ظني أن الفلسطينيين الأكثر تأثراً بهذا الاعصار؛ فهم الأقل حظاً لدى مكونات السياسة الأميركية، وهم لا يمتلكون القدرة على التأثير في القرار السعودي؛ لضعف العلاقة الفلسطينية السعودية والجفاء الحاصل منذ سنوات، ولضعف التضامن العربي الرسمي مع القيادة الفلسطينية، ناهيك عن شبه العزلة القائمة على المستوى الدولي، إضافة إلى حالة الانقسام التي يعيشها الشعب الفلسطيني والأزمات المتلاحقة لنظام الحكم.
من دون الانتقاص من المكانة الرمزية والأخلاقية للمسألة الفلسطينية لدى الشعوب العربية والإسلامية وتأثيرها على قرارات الأنظمة العربية، لكن ضعف "مركز القوة" الفلسطينيين؛ بسبب الانقسام الفلسطيني، وضعف شرعية النظام السياسي لعدم إجراء الانتخابات على مدار الثلاثة عشرة سنة الفارطة "أي منذ انتهاء مدة ولاية المجلس التشريعي والرئاسية عام 2010"، وتراجع مكانة القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية، يُظهر أنّ أفضل ما سيحصلون عليه، في هذه الحالة، هو العودة إلى دوامة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية مقابل تحسينات/ امتيازات اقتصادية للفلسطينيين وبعض إجراءات التهدئة؛ لاستخدام الفلسطينيين جسراً "كوبري" للعبور نحو التطبيع، أو أنْ يكونوا على هامش الهامش؛ كما جرى في مبادرة الرئيس الأمريكي جورج بوش؛ للقيام بحرب الخليج 1991، لعقد مؤتمر مدريد من أجل بدء مفاوضات مباشرة بين وفود عربية مع الحكومة الإسرائيلية كل على حدة.