إشعياء..
لم يكتفي حامل بيرق النبوءة السيد نتنياهو بحمل سيف داوود عندما أعلن من الكنيست الإسرائيلي الحرب على غزة ليذكرنا أن داود الإسرائيلي قتل جالوت الفلسطيني كما يؤمن بذلك في بعض نصوص كتاب العهد القديم التي تم تصحيحها لمرات عديدة وهذا ما جعلها تسمى إصحاح بل راح السيد نتنياهو يتحدث عن نبوءة رؤيا أخرى جاءت من سفر إشعياء للمجلس العسكري الإسرائيلي وهو يهم بإجتياح غزة وهي النبوءة التي تتحدث عن قيام دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل من باب إحتلال غزة من مقام سفر إشعياء في الإصحاح رقم 19...
وهو النص الذي يتنبأ بخراب مصر وقيام دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل من باب "غزة حيث عسقلان " لخلاص البشرية بظهور المسيح لبيان الحكم العدل وهو ما يفسر وقوف القوات الإسرائيلية في عسقلان والدخول في المعركة البرية من مدخل قطاع غزة الشمالي كما أنه يفسر هذا التهافت العالمي الداعم لإسرائيل في حربها على غزة.
إذن نبوءة السيد نتنياهو وراء ما يحدث ورسالته لاتقف عند جغرافيا سياسية معينة حيث غزة، حيث يتم تسويق سياسته بل تتعدى ذلك بكثير لأن مرامي حكم نتنياهو مُنزل من آلهة إسرائيل ومنهجيته تأتي من وحي إيمانه بايدولوجية توراتية صهيونية تريد للبشرية الخلاص والسماح بقدوم سيدنا المسيح الذي لا يؤمن به أصلاً نتنياهو لأنه إن فعل لأصبح مسيحيا ....وعلى الرغم من ذلك هنالك أنصار كثر يؤمنون بما يؤمن به صاحب بيرق النبوءة.
وعلى الرغم أن السيد نتنياهو لا علاقة له بما يدعي كونه علماني ليبرالي وتجمع حزب الليكود لا يقوم على عقيدة لأنه يتشكل من إئتلاف حزبي توافق على أرضية برجماتية وهو ما كان بينه شارون في السابق عند خروجه من الحزب وتشكيل حزب (كاديما) وهو ما ينفى شكلاً ما يدعيه بل ويؤكد أن هدفه يقوم على إستمالة التوراتيين الصهاينة في إسرائيل والانجيليين الصهاينة في أمريكا والعالم الذين يؤمنون بهذه النبوءة بهدف تحقيق تطلعاته الشخصية بالبقاء بالحكم من جهة وتوسيع حاضنته الشعبية والرسمية لتشمل الصهاينة اليهود والمسيحين لتحقيق أطماعه السياسية وليس الأيديولوجية المزعومة.
ومع ذلك فلقد نجح حامل بيرق النبوءة بتحقيق أهدافه التي تمثلها إنشاء دولة إسرائيل الكبرى المراد ترسيمها وهو ما يعمل لتنفيذها عبر منظومة متصهينه باتت تدعم نهجها في بيت القرار الأممي والتي يبدو أنها أمنت بنبوئته وراحت تقدم له الدعم السياسي والإسناد العسكري والتغطية الإعلامية بلا منطق معقول ولا ميزان رشد مقبول ..
ولم يكتفي حامل بيرق النبوءة السيد نتنياهو ببيان رؤيا إشعياء لبناء حواضن داعمة له وتطلعاته بل اعتبر ان كل من يقف ضد نهجه وما يقف عليه من فعل إنما يقف ضد خلاص البشرية وبزوغ فجر المسيح من أجل خلاص الأرض وبناء الحكم العدل وهو ما يفسر هذه الهجمة المسعورة التي تتعرض لها (جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة) التي مثلت كلماتها الضمير الإنساني وصوت الحكمه والعقل لتُهاجم من قبل اللوبي المتصهين الغارق بخرافات غيبيه وكذلك إبتعاد قيادات (علمانية ليبرالية) في الحزب الديموقراطي الأمريكي وقيادات عالمية وازنة إلى اليمين المتطرف بشكل مفاجيء أو لم يكن ظاهراً بالسابق وهي القيادات التي كانت إلى وقت قريب تقف ضد الأديان وراحت تشرعن الزواج للمثلية وتتحدث عن الأديان بإعتبارها ضوابط الإبتكار والإبداع وموانع للحرية والتعددية المدنية وهو الخلط الذي أدخل الجميع في أتون حالة من المتناقضات العالمية غير المفهومة والنهج غير المتزن الذي لا يقبله عقل ولا يمكن أن يهضمه فكر .
صحيح أن السيد نتنياهو ومعه إيلي كوهين ووزير دفاعه غالانت قد نجحوا إلى حد ما في اللعب على المتناقضات مستغلا توق الجميع للخلاص من المأزق العالمي الذي نعيشه نتيجة حالة الصراع القائمة على مرجعية طريقة الحكم وضوابط ميزان الإحتكام لكن ما هو صحيح أيضاً أن العالم لا يمكن أن يدار بذات الطريقة الأحادية التي كان يقف عليها ويجب على الجميع الإعتراف بالتعددية القطبية هذا إذا أردنا أن يستقيم الحال وعدم السماح لرؤية غيبية ونظرية طيباوية من التحكم بقدراتنا العقلية وهو ما يسقط على الصراعات التي لا يمكن حلها بالقوة لأن النتيجة ستكون تدميرية نتيجة إمتلاك الجميع ولو بطريقة نسبية جزء من الصناعة المعرفية أو علومها .
ويجب على السيد نتنياهو حامل بيرق النبوءة إحترام عقول البشر عند إبتداع رواية واختلاق صورة إنطباعية يريد ترسيمها لتكون حقيقة بل مرجعية معرفية يتم إقرارها من الجميع ليجبر الكل على تطبيق نهجه فإن علوم "السيمياء" هي العلوم القادرة على تحويل الإنطباع إلى حقيقة إلا إذا كان السيد نتنياهو يمتلك مفاتيحها كونها أصول معرفية كانت موجودة في زمن سيدنا موسى في عهد فرعون وكان جزءاً منها في كتاب البابليون الذي سُرق من مكتبة دار الحكمة في بغداد بعد سقوطها وأما عن رؤيا إشعياء الإصحاح 19 فعليك قبل الحديث عنه أن تكمل قراءته حتى الإصحاح 23 فإن عسقلان ستكون دار الخروج وليست باب الدخول حتى يكتمل ميزان الرؤيا، وحذاري من إدخال الجميع في حرب دينيه فإن المنطقة لا تحتمل مزيد من الألعاب الهوائيه وهو ذات المحظور الذي من المهم أن تقف عليه القيادة المصرية في طريقة تعاطيها مع حركة اللجوء على أراضيها مهما كان لبوسها إنسانيا أو غير ذلك فإن التهجير سيقود للتقسيم وهذا ما لا نريده لمصر ولا نقبله.