سقوط الأقنعة الديمقراطية..
صدى نيوز -ما حدث بعد 7 أكتوبر من أفعال الاحتلال الإسرائيلي وأتباعه الاستعماريين؛ كشف حقيقة زيف وهشاشة القيم والمبادئ العالمية، وضعف المؤسسات القائمة عليها على الصعيد العالمي. هذا جعلني أكفر بالشهادات الأكاديمية التي حصلت عليها من ماجستير "ديمقراطية وحقوق إنسان" من جامعة بيرزيت؛ وشهادة الدبلوم من جامعة "بيرمنغهام" في بريطانيا بعنوان "ماذا تعني بالديمقراطية"؟.
ما حدث ويحدث في قطاع غزة من تأثيرات مدمرة على كافة جوانب الحياة لأبنائها نتيجة التدمير لكافة الحُرمات من مستشفى وكنيسة ومسجد ومدرسة وحتى المنازل!! والقتل المباح لكل ما هو إنسان يتنفس حتى ولو كان في رحم أمه ينتظر الولادة!! وأزمات الغذاء والماء والوقود والكهرباء، جعلني أعيد التقييم في القيم الأساسية والرؤى العالمية والأيديولوجيات والهياكل الاجتماعية والنظم السياسية والاقتصادية، وعلاقات المؤسسات الدولية من حيث النظرية والتطبيق.
ليعترف العالم بأن واقع قطاع غزة وما يحدث به حتى هذه اللحظات؛ يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها تغيير جوهري في نظم العالم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والإنسانية من الجذور إلى العالم، وتظل هناك أسئلة صعبة حول كيفية حدوث مثل هذه التغييرات، وبالفعل، ما هو دور الأحرار كفاعلين في التنمية والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. هل أفعال الاستعمار العالمي وعلى رأسها الصهيونية تخلق نظمًا في نهاية المطاف يمكن الاستمرار فيها؟! وتعزز قبضة الاستعمار بخنقه الإنسانية؟ هل لدينا الأدوات الضرورية لمواجهة هذه التحولات، وتعزيز المساواة والعدالة كنتائج للحفاظ على العالم؟
بصفتي حاصلا على شهادات أكاديمية متخصصة في هذا الجانب، أعتبر نقطة البداية للتفكير والنقد في المشهدية الكولونيالية الظواهر التي خلقتها الماكينة الاستعمارية التي نشهدها في فلسطين وبالتحديد في قطاع غزة ليس فقط منذ 7 أكتوبر الحالي، لهذا المؤسسات الدولية غير قادرة أو غير راغبة في تلبية احتياجات وتطلعات الناس أو حماية العالم.
بالتالي أستطيع القول بأن مفهوم "الأنظمة الديمقراطية" للدول الاستعمارية أسقطت بيدها قناعها لتكشف عن وجهها الحقيقي القبيح المتمثل بأنها نظم فاسدة واستبدادية وتعزز العنصرية، وتهدد التماسك الاجتماعي والسلم الأهلي العالمي. بالتأكيد، إنها تدفع باتجاه انهيار العدالة العالمية والممارسات غير المستدامة وتدفع أنظمتنا الكوكبية إلى حافة الانهيار، وإشعال العنصرية بكافة مضامينها، وتدمير المنظومة المكونة لحقوق الإنسان بكل مضامينه، واستخدام تلك المضامين والمصطلحات فقط لمعاقبة دول العالم الثالث بشكل عام، وتجريدنا من إنسانيتنا نحن الخاضعين تحت الاحتلال!
في هذا السياق، أطالب الفاعلين في الأنظمة السياسية في كافة الأوطان الآن بإعادة التفكير في الأنظمة السياسية، بما في ذلك تلك التي تعتبر ديمقراطية، لضمان استجابتها لرغبة الناس في المشاركة سياسيًا والمشاركة بشكل أكثر ديمقراطية. إنهم يرغبون في أنظمة حوكمة تعالج التفاوت، وتدعم حقوق الإنسان وحقوق الأجيال القادمة، بما في ذلك الحق في تقرير المصير. للقيام بذلك، نحتاج إلى تحديد دورنا بشكل مختلف والعمل ضمن نظام أوسع من الشركاء المؤمنين بعدالة قضيتنا وما تحمله من رمزية عالمية ضد الاستعمار والعنصرية.
كنت أعلم جيداً التبعية العمياء لأغلب وسائل الإعلام الغربية للصهيونية الأميركية، لكنا في هذا الوقت بالتحديد علينا أن نركز على أهمية وجود وسائط إعلام حرة ومستقلة وتعددية للديمقراطيات الصحية.
إنها أيضًا فرصة هامة للتفكير بشكل أوسع في حاجة الأنظمة الحكومية العالمية لدعم التغييرات في نبض الشارع ورفعه بصوت عال إنهاء الاحتلال في فلسطين. لا يمكننا بعد الآن فصل أفعال الحكومات الفاشية الفاشلة – المعادية لعدالة قضيتنا - عن التحديات المتزايدة باستمرار في تدمير المفاهيم الإنسانية وإشعال حروب عالمية أساسها العنصرية والاستبدادية ضمن رؤيا كولونيالية مُعولمة.