خرم إبرة مـن سيحكم غزة؟
في ظل المجازر والإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بأبناء شعبنا في قطاع غزة؛ يزداد الجدل حاليًا حول مستقبل قطاع غزة!؟ مع التساؤل حول هوية الجهة التي ستديره؟ يظهر اهتمام كبير من إدارة الرئيس بايدن، التي لم تكن تتابع الأوضاع بعناية فقط وإنما تشارك بانحياز في الحرب الإسرائيلية على غزة، ويبدو أن واشنطن قريبة من تحديد مواقفها ورؤيتها للمستقبل. وفي هذا السياق، يثير موقف إسرائيلي يتعلق بتأمين حدود غزة وتغييرات في الخرائط السياسية الإقليمية تساؤلات كبيرة؟!
تصر إسرائيل على أنها لا ترغب في البقاء في قطاع غزة لفترة طويلة. انسحبت إسرائيل بالكامل بتاريخ 2005، وسحبت جميع قواتها والمستوطنين من غزة بعد مرور ما يقرب من أربعة عقود. بالتالي ليس هناك رغبة في إقامة طويلة أخرى، وهو ما أعرب عنه العديد من المسؤولين الإسرائيليين الحاليين. «نحن لا نرغب في تحمل مسؤولية مليوني فلسطيني لإعادة بناء غزة».
عندما نلقي نظرة على الوضع الحالي في قطاع غزة، تطرح العديد من التساؤلات حول من سيكون الحاكم في هذا القطاع المضطرب والمحاصر ضمن واقع احتلالي فرضه ليكون أكبر سجن في العالم. إن مستقبل غزة يظل محورًا للجدل والتحليل، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها هذا القطاع الصغير والمعاناة التي عاشها سكانه خلال الصراعات المتكررة.
حتى الاحتلال الإسرائيلي إذا كان يرغب في استبدال حماس، فمن سيأتي بعد ذلك؟ ماذا سيكون اليوم بعد الانتهاء من الحرب؟ هل سيكون هناك دويلة «غزستان» كما حذرت منه في إحدى مقالاتي الماضية؟ هذا هو السؤال الكبير الذي بدأ يطرح خلف الكواليس لدى العديد من القيادات العربية والإسلامية والفلسطينية بمختلف ألوانهم بمن فيهم قادة «حماس» المتواجدون في الخارج؟! يبدو أن هناك فجوة كبيرة تظهر أمام المشهد السياسي.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: من سيحكم غزة؟ يأتي هذا السؤال في ظل نظام سياسي فلسطيني لا نُحسد عليه من جهة؛ والضغوط الدولية الإمبريالية الاستعمارية علينا من جهة أخرى.
تعتبر السلطة الوطنية الفلسطينية هي الخيار الطبيعي لتولي حكم غزة. ومع ذلك، تظل هناك تحديات كبيرة أمام عودتها إلى القطاع، خاصة مع رفض إسرائيل لعودة السلطة دون تحقيق شروطها؛ وأيضاً إعادة استنهاض كافة المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية وتمكينها من أجل إعادة تفعيل دورها في القطاع، وضرورة إعادة تشكيلها بشكل يتجاوب مع المتغيرات التي حدثت وتحدث، وهي متغيرات استراتيجية مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هناك الكثير من المؤسسات الحكومية التي تعمل في القطاع حتى ما بعد الانقلاب.
علينا أن لا ننسى أيضاً التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها سكان غزة والتدمير الشامل للبنية التحتية تجعل من الضروري وجود حكومة فعّالة وقادرة على إدارة الشؤون الداخلية وتحسين ظروف الحياة. تصاعد التوترات والانقسامات الداخلية يجعل من المهم البحث عن حل شامل يضمن الوحدة الوطنية والتعاون بين الفصائل.
يجب عدم خلق فراغ في الحكم من أجل أن لا يكون هناك بدائل نخشاها، ويخجل الكثير من الحديث عنها، لكن الطبيعة تكره الفراغ وعلى السلطة الوطنية الفلسطينية عدم التلكؤ وأن تضع تصورا كاملا شاملا حول هذا الموضوع اليوم قبل الغد.
علينا عدم الحديث عن الحلول المؤقتة وبشكل مفاجئ، علينا معالجة المشكلة الرئيسية، لن يرى المواطن العادي في الضفة الغربية أو قطاع غزة حلاً لمشاكله إلا إذا انتهى الاحتلال وحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه.
يظل من سيحكم غزة تحديًا كبيرًا يتطلب تعاوناً داخليًا قويًا وجهودًا دولية مستمرة. إن تحقيق السلام والاستقرار في هذا القطاع النازف يعد أمرًا حاسمًا لمستقبل الشعب الفلسطيني والمنطقة بأكملها. في نهاية المطاف يجب أن يكون قطاع غزة جزءًا أصيلاً من دولة فلسطينية مستقلة.