محكمة العدل ... وبدء مشوار العدالة الدولية
مقالات

محكمة العدل ... وبدء مشوار العدالة الدولية

صدى نيوز - أثار أمر "قرار" محكمة العدل الدولية بالتدابير الاحترازية نقاشاً بين الفلسطينيين حول عدالة القرار؛ ما بين راضٍ عن هذه التدابير وآخر ناقد يرى أن المحكمة لم تحمِ الشعب الفلسطيني من ويلات الحرب التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لعدم الأمر بوقف العدوان، وثالث يعتقد أن هذا القرار بداية المشوار القضائي كونه يتضمن الحد الأدنى من المعقولية على الرغم من الأسف دون أن يتسلل له اليأس "خيبة الأمل" من القضاء الدولي.

في ظني، أن أهمية القرار التمهيدي أو الأمر الاحترازي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بالأمس كونه يتضمن خمسة قضايا جوهرية أساسية من ناحية المضمون والشكل هي؛ (1) أقرت المحكمة باختصاصها في نظر القضية المرفوعة من قبل جنوب أفريقيا بناءً على أحكام الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية، وتلا ذلك (2) الإقرار بحق دولة جنوب افريقيا بانها مخولة بتقديم هذه القضية "أي ذات مصلحة" بناء على التزامات الدول الأعضاء في الاتفاقية، و(3) التأكيد على حق الشعب الفلسطيني التمتع بالحماية كونه جماعة كما هو منصوص عليه في ذات الاتفاقية، و(4) توصل المحكمة إلى قناعة بأن الوضع الإنساني الكارثي يتطلب اتخاذ خطوات لمنع الضرر قبل الوصول إلى قرار المحكمة النهائي "مضمون القضية المرفوعة أمامها"، و(5) شبه الإجماع في بين أعضاء المحكمة الأصليين "14 قاضيا من 15 قاضيا" صوتوا بشكل منتظم مع التدابير المتخذة من قبل المحكمة.

على الرغم من أن المحكمة لم تتخذ أمراً احترازياً لوقف الحرب أو الاعمال القتالية فإنها أمرت إسرائيل القيام بعدة تدابير مهمة؛ تعني بالضرورة وقف استهداف المدنيين والبنية التحتية من أجل ضمان تنفيذها، هي: (1) منع أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية وفقاً لأحكام المادة الثانية من الاتفاقية التي تُعرفْ جريمة الإبادة الجماعية؛ كعمليات القتل والايذاء، و(2) ضمان عدم قيام الجيش بأعمال الإبادة الجماعية، و(3) منع التصريحات التي تحض على الإبادة الجماعية في غزة والمعاقبة عليها؛ وهو أمر يلزم إسرائيل يلزمها بالتحقيق ومحاكمة الذي دعوا إلى الإبادة الجماعية من رئيس الدولة مروراً برئيس الوزراء والوزراء وأعضاء الكنيست ووصولا لقادة الجيش، و(4) ضمان توفير الخدمات الأساسية ووصول المساعدات؛ كتحمل إسرائيل المسؤولية باعتباره قوة احتلال عن توفير الخدمات والمساعدات لإنقاذ الشعب الفلسطيني من المجاعة، و(5) على إسرائيل ضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة باتهامات الإبادة الجماعية، و(6) على إسرائيل تقديم تقرير حول جميع التدابير حيال هذا الأمر خلال شهر ومشاركته مع جنوب افريقيا للنظر فيه؛ الأمر الذي يعني أن المحكمة نَصَّبت نفسها مراقباً على مدى التزام الحكومة الإسرائيلية كي لا تقوم بالتحايل أو وضع ذراع متعددة لعرقلة تنفيذ الأمر الاحترازي.

في ظني أنّ مشوار العدالة للفلسطينيين قد بدأ ونحن في بداية الطريق الأمر الذي يتطلب من الفلسطينيين جميعاً "الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والصحفيين ووسائل الإعلام" الحرص على مراقبة تنفيذ إسرائيل وهو مجال عمل متواصل كاستمرار تصريحات قادة دولة الاحتلال بالتحريض على أشكال الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، والتزامها بالتحقيق الجنائي والمحاكمة الداعين للإبادة الجماعية، وتنفيذ التدابير من قبل مفاصل أساسية في الحكم، ورصد وتوثيق جرائم الاحتلال بمهنية عالية، ناهيك عن توفير الدعم لتبني قضايا في محاكم بعض الدول للنظر في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وحض المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وتوسيع الضغط الدولي عليه للبدء الفعلي في التحقيقات الواجبة لمحاكمة كمجرمي الحرب الإسرائيليين. 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.