اسرائيل من الدولة السوبرمان الى الدولة الكرتونية
كرر مسؤولون اسرائيليون في الأسابيع الأخيرة مقولة "لسنا جمهورية موز" في سياق الجدل السياسي حول الحرب على غزة بين الادارة الاميركية وزعيم الحزب الديمقراطي في الكونغرس اليهودي تشاك شومر من جهة وبين قادة اسرائيل. وانبرى نتنياهو وزبانيته من عتاة اليمين للتطاول على الادارة الاميركية من موقع قوة وكانهم هزوا اركان الكون في حربهم .
منذ بداية هجوم اكتوبر تبين ان اسرائيل التي رسمت لنفسها صورة القوة العظمى في العالم وان جيشها العرمرمي المجهز باحدث الاسلحة والصواريخ واجهزة الذكاء الصناعي سيسحق اية قوة في الميدان ليست بتلك القوة وان مخزونها من السلاح لا يكفي اسبوع من الحرب ضد خصم سلاحه الرشاش وصواريخ بدائية لم تقتل احدا بل وجدوا ان القاذف اليدوي المضاد للدروع التهم دباباتهم المحصنة ودروعهم الفولاذية فهم حاربوا من الجو ومن البر في حصون متحركة بالجنازير .وهب حلف الناتو يقدم اسلحته الفتاكة وابحرت حاملات الطائرات والغواصات والمدمرات وجاء المهاجر الهندي سوناك على متن طائرة شحن بين صناديق السلاح وسارع المستشار الالماني ليقدم الدعم اللامحدود لمجازر الاطفال وكأنه يريد محو الهولوكوست من الذاكرة بدم اطفالنا. عمليا شن الغرب حربا عالمية ضد الانسانية وايد المشاهد الهمجية للقتل والتجويع وواصل الرجل الذي فقد الذاكرة في البيت الاسود في دائرته المغلقة مؤكدا دعمه للحرب واختار اربعة او ثلاثة جنرالات ومندوبين من اصول افريقية لتمثيل المستعمر الابيض في الدفاع عن الاحتلال وكانه يبريء البيض من دمنا.
التاريخ يقول ان وعد بلفور ما كان ليولد لولا الدعم الاميركي والكيان الاسرائيلي ما كان سيحظى باعتراف لولا الدعم الأميركي الذي استخدم المال لشراء ذمم بعض الوفود، فالكيان ما كان سيعيش لولا الدعم السياسي والعسكري والمالي والاقتصادي الاميركي، فهو اقل من جمهورية موز بل جمهورية قضامة . فالدعم السنوي المباشر وغير المباشر لاسرائيل من قبل اميركا يتجاوز 16 مليار دولار اضافة الى مساهمات الجمعيات والشركات في اميركا التي تتجاوز خمسة مليارات سنويا اضافة الى اقامة عمالقة الشركات الاميركية التكنولوجية والصناعية فروعا حيوية لها في الكيان، كما ان الصناعات العسكرية الاسرائيلية تعتمد على تمويل اميركي في الأساس وتصدر انتاجها الى الولايات المتحدة ليس حبا في الانتاج بل دعما له ،وحتى الآن حصلت اسرائيل على اسلحة وقنابل ذكية وغيرها بما يوازي قوة ثلاث قنابل نووية القتها في مساحة ضيقة مستهدفة المدنيين بينما المقاتلون ما زالوا يتجمعون هنا وهناك في اطول حرب يشهدها العصر وقودها الناس والاسمنت والاطفال.
الدولة التي لا تقهر اعتادت منذ الاحتلال على مواجهة العزل والمدنيين وان كان هناك مسلحون فهم مدججون باسلحة خفيفة ونصبت نفسها كقوة مهيمنة وسوقت نفسها بان يدها طويلة تستطيع النيل من اي خصم فمهدت للتطبيع معها باعتبارها الدولة السوبرمان القادرة على حماية المطبعين معها. والآن ثبت العكس فبدون اميركا لا قيمة لها .فهي احتاجت لمستشارين ومرتزقة وخبرات اميركية واوروبية واسلحة وملابس وماء ودواء وخضار وفاكهة ووقود فهي ليست جمهورية موز بل جمهورية كرتونية .