العمل الافتراضي وتأثيره على المدراء والعاملين

الكاتب: أ.د.سمير أبوزنيد

لا شك ان التغير الحاصل عالميا على بيئة الاعمال قد ألقى بظلاله على فاعليه الأداء بطريقه سلبيه. العمل الافتراضي يعني قيام بعض الشركات بتوظيف الوسائل الإلكترونية لإجراء المعاملات التجارية بدلا من طريقه تشغيل الأعمال التجارية التقليدية. وبالتالي تقوم الشركات بجميع أعمالها أو معظمها عبر الإنترنت مع عدم وجود أماكن فعليه للتفاعل مع العملاء وجها لوجه مما يؤدي الى مشاعر العزلة والوحدة عند الموظف. 
العمل الافتراضي أفاد العاملين والإدارة معا حيث أصبح بإمكان الشركات تشغيل أيدي عامله من مناطق مختلفة وتقليل التكاليف التشغيلية ومرونة أكثر لدى العاملين وتوفير الوقت لا سيما المتعلق بالنقل مع تقليل النفقات المتعلقة برعاية الطفل. فرض العمل على مدراء الشركات استحداث أساليب جديده في العمل حيث أصبحت اللقاءات افتراضيه.
زاد العمل افتراضيا لعده أسباب أهمها العولمة والتطور التكنولوجي والتركيز على العمل والعائلة كما وعملت الشركات والمؤسسات على أن يزيد العمل الافتراضي من تحسين عمل الفريق من خلال التعاون الافتراضي. زاد العمل الافتراضي في اعقاب فيروس كورونا COVID-19 حيث أصبحت فكره العمل تتم من الجامعة أو المنزل أو المقهى أو أي مكان يناسب ظرف العمل حقيقة. العمل الافتراضي ليس جديدا فقبل ألCOVID-19كانت العائلات الأمريكية تعمل من المنزل وبالتالي ساعدت كورونا في التحول الى العمل والتواصل افتراضيا.
العمل عن بعد يتطلب مستوى عال من الانضباط الذاتي ومهارات إدارة الوقت. هذا وتفيد الدراسات أن العاملين عن بعد أكثر إنتاجيه من نظرائهم الذين يعلون في المكاتب وبشكل وجاهي. العمل عن بعد يقلل من حالات وعواقب التشتت ولكن قد يؤدي في بعض الأحيان الى انخفاض الإنتاجية، كما وأن العمل عن بعد قد يؤدي الى تغيير الطريقة لتأدية العمل والمهام ويوفر المرونة وزيادة الإنتاجية وبالتالي أرى ضرورة خلق بيئة عمل آمنه وواضحة المهام. 
يتيح العمل عن بعد المرونة في إدارة التوازن في العمل والحياة بشكل أكثر فاعليه. أثر العمل الافتراضي على سلوك المدراء والعاملين وأصبحت المواهب موزعه جغرافيا كما وجعل المشغلين موزعين جغرافيا مما قلل من تكاليف المواصلات من وإلى العمل وبالتالي يلغي العمل الافتراضي الحاجة الى التنقلات اليومية مما يقلل من الازدحام المروري وبالتالي يوفر على الموظف الوقت والمال ويوفر مرونة أكثر لدى الإدارة من خلال توفير الوقت بسبب التنقل والمواصلات وتقليل تكلفه النقل وبعض النفقات المتعلقة برعاية الطفل. 
على الرغم من ذألك أصبح العمل من المنزل على حساب العائلة لدرجه ان البعض من العاملين في المنزل يقضي أكثر من 8 ساعات لصالح العمل.
العمل الافتراضي يركز على الأداء والمهام على حساب العلاقات الإنسانية كما أن العمل الافتراضي أوجد فرص لتطوير الأداء من خلال تطوير مهارات جديده وجعل الشركات والمؤسسات تراجع وتغير بعض الأمور قبل اللجوء الى العمل من المنزل مثل الغداء الافتراضي واستراحة القهوة الافتراضية. تسبب العمل من المنزل في العزلة الاجتماعية للعاملين حيث لجأت بعض الجامعات الأمريكية مثل جامعه   Cornell إلى مواجهة القضايا المتعلقة بالعزلة مع وجود مكافأة للحفاظ على المواهب المميزة. في ظل العالم الافتراضي تطورت الأمور من خلال ال iPhone ومؤتمرات الزوم والاتصالات المفتوحة بلا حدود؟ وأن كل ما تحتاجه الشركة والمؤسسة هوٍ Smartphone واللاب توب. كل هذا أدى الى حاله من الذكاء المعرفي والإلكتروني والاتصال المفتوح بلا حدود. السؤال المطروح هو كيف بإمكان العمل من المنزل ان يسهم في مضاعفه مخرجات العمل. هذا ولتعزيز الثقة بالفرق الافتراضية على المدراء تعزيز ثقافه التعاون والثقة لضمان العمل بشكل فعال. 
في دراسة اجريت عام 2015 تبين أن العمل عن بعد زاد من الرضى الوظيفي مع التقليل من ضغوطات العمل والإجهاد الوظيفي. ولكن ظهرت مشاكل تتعلق بالعزلة الاجتماعية مع انخفاض في الرغبة في مشاركه المعلومات مع وجود غموض في طبيعة العلاقة بين العمل والحياة الخاصة.
منذ كوفيد 2019 أخذت الشركات والمؤسسات تبحث عن وسائل وطرق جديده لتسيير الأعمال وبالتالي أصبحت العملية ألقيادية أكثر حساسية وأصبحت التغذية الراجعة تتم افتراضيا. حافظت المؤسسات التعليمية على استمرار العملية التعليمية من خلال حلول ذكيه وسريعة لمواجهه الواقع الجديد مثل الفيديو كون فرنس والعمل عبر ال Meet وال Zoom الخ مع وتعزيز الثقة بالفرق الافتراضية من خلال تعزيز ثقافه التعاون والثقة لضمان العمل معا بشكل فعال. 
هل حسن العمل الافتراضي من الأداء؟
أثبتت الدراسات ان العمل الافتراضي مكن العاملين إيجابيا حيث أصبح العمل بين الأطراف افتراضيا مما حسن وطور من الأداء مع وجود بعض المشاكل المتعلقة بالتغذية الراجعة ومشاكل تتعلق بإدارة الفريق حيث تخوف المدراء من أن الأداء سيعاني في حال خضع العاملون الى الرقابة الشديدة في حال تم العمل عن بعد إلا ان خبراء السلوك التنظيمي يرون في حال العمل عن بعد ضرورة أن تركز الشركات على المخرجات والنتائج وتوفر التدريب والدعم أللازم لمن يعملون عن بعد مع تشجيع العمل عن بعد للوظائف المعقدة والتي لا تتطلب التعاون والمشاركة او الدعم، وبالتالي من الأفضل العمل عن بعد بدلا من العمل في مكاتب الشركة خاصه في ظل وجد العديد من الوظائف ألتي لا تتطلب التفاعل الشخصي مع الأخرين.

سلبيات وايجابيات العمل في البيئة الافتراضية 
من إيجابيات العمل في البيئة الافتراضية:
- موازنه القوى العاملة بين العمل والحياة الشخصية والأسرية والاجتماعية مما يمتع بمستوى أعلى من المرونة ويسمح بتنسيق البرامج والجداول بشكل يؤدي إلى زيادة الرضا.
- زيادة الإنتاجية
- تخفيض التكاليف
- الوصول الى المواهب العالمية
- تحقيق التوازن والمواءمة بين العمل والحياة الشخصية Work Life Balance (WLC)
- قله المقاطعات والإزعاجات مع الالتزام بالمواعيد والتركيز على المهام والتنفيذ وفق أوقات محدده.
هذا وبينت ألدراسات أن ألعامل أصبح أكثر انتاجيه من خلال عمله من المنزل وبالتالي يرى العاملون ان هذا النمط في الأداء أكثر ملامه لهم.
سلبيات العمل في البيئة الافتراضية
من سلبيات العمل عن بعد فقدان الثقة بين المدراء والعاملين بسبب غياب اللقاءات الشخصية بين المدراء والعاملين مما يدفع المدراء الى الرقابة الشديدة والتركيز على التفاصيل على حساب العلاقات الشخصية وإيجاد طرق جديده لتنفيذ المهام وتقليل الوقت المخصص للأسرة.
هذا وبينت ألدراسات أن ألعامل أصبح أكثر انتاجيه من خلال عمله من المنزل وبالتالي يرى العاملون ان هذا النمط في الأداء أكثر ملامه لهم. غير أن العمل من ألمنزل جعل من الصعوبة في التعامل مع حالات ضعف الأداء كونه من الصعب تحدي العامل بشكل جيد عبر تقنيه الزووم مع التقصير على صعيد الجوانب الإنسانية والعلاقات الشخصية حيث يقضي المدير أوقات أقل مع الزملاء مع التركيز على العلاقات عبر الزووم غير أن ألدراسات أظهرت أن المدراء الذين يتابعون العمل عن بعد وجدو أن العامل أكثر انتاجيه من خلال عمله من المنزل وبالتالي يرى العاملون ان هذا النمط في الأداء أكثر ملاءمة لهم. 
يعتبر فريق العمل الافتراضي أن العمل عن بعد أكثر ملاءمة ومناسبه للمهام الوظائف المتعلقة بالتمويل وتكنولوجيا المعلومات وتطوير البرامج المالية والمحاسبية وعليه يعتبر العمل الافتراضي ميزه في ظل استخدام الشركات لوسائل التكنولوجيا لإنجاز المهام.
يوجد عده أشكال للفرق الافتراضية تشمل فرق تطوير المنتجات والخدمات وفرق الدعم للخدمات في المناطق المختلفة 7/24 ومتابعه العاملين الذين يعملون في دول مختلفة وفرق متابعه وصيانة الشبكات والفرق المهنية المتخصصة داخل وخارج المنظمة وفرق العمل الافتراضية المتفرقة والمتوزعة جغرافيا لتقديم الخدمات بشكل مشترك وتحقيق أهداف ومصالح مشتركه حيث يتفاعل أعضاء الفريق الافتراضي بشكل أساسي من خلال الاتصال الإلكتروني.
فوائد العمل الافتراضي
 يحقق العمل عن بعد عده فوائد أهمها:
1.تقليل تكاليف المكاتب التقليدية المتمثلة في خدمات الصيانة والنظافة والضرائب 
2.زيادة الإنتاجية بسبب غياب التشويشان والمقاطعات.
3.ألإستخدام ألأمثل للوقت من خلال تقليل عدد الاجتماعات لا سيما اللقاءات الوجاهية والتي تعتبر مضيعه للوقت في الغالب واللجوء الى اللقاءات الافتراضية. كل هذا يتم عبر البريد ألإلكتروني ووسائل التواصل الأخرى.
 4.ألتوازن الصحي بين العمل والحياة WLC فقد أثبتت الدراسات أن 64 % من العاملين يفضلون العمل من المنزل. العمل عن بعد يقلل من الضغوطات والإجهاد كما ويوفر الوقت لصالح العمل حيث أظهرت الدراسات أن 64% من العاملين الأمريكان يفضلون العمل من المنزل كما ويرون ان العمل من المنزل يعطي مزيدا من الوقت للأسرة ويقلل من الإجهاد. هذا وأثبتت الدراسات ان العامل الأمريكي يقضي 225 ساعة سنويا على الطرقات وينطبق ذألك على الحالة الفلسطينية حيث أتاحت الحكومة الفلسطينية للعاملين فرصه العمل عن بعد للموظفين الحكوميين بما فيهم المدرسين وذألك بسب عدم قدره الحكومة على دفع الرواتب نتيجة لعدم استلآم أموال المقاصة المحجوزة لدى الجانب ألإسرائيلي وفي حالات أخرى بسبب إغلاقات الطرق والاقتحامات المتكررة من قبل الاحتلال للمدارس والمؤسسات حيث يقضي المدرسون والطلبة والعمال ساعات طويله على الطرقات بسبب الإغلاقات وإجراءات التفتيش. 
5.ألحفاظ على العاملين. حيث أظهرت الدراسات ان العمل الافتراضي يعطي فرصه للعاملين بتدبير أمورهم اليومية والحياتية دون اللجوء للدوران الوظيفي بنسيه 25%.
6.العمل الافتراضي يمكن من الاستفادة من الخبرات من خلال توسيع قاعده التشغيل لتشمل مواهب وكفاءات دوليه. التنوع في الخبرات يفتح المجال لتطوير الأداء والمنتجات والتعيين للكفاءات والمواهب. كما ويجب أن تتمتع الطواقم الافتراضية بقنوات اتصال واضحة وأهداف مشتركه وشعور بالمسؤولية. هذا ولتحقيق أفضل الممارسات من الضروري ثقه أصحاب العمل بالعمل عن بعد مع ضرورة تزويد العاملين والموظفين بالأدوات والموارد اللازمة لإكمال عملهم مع إيجاد بيئة عمل إيجابيه يشعر العاملون من خلالها بالتقدير والتحفيز لتقديم عمل بجوده عالية مع ضرورة وضع حدود بين العمل والحياة الشخصية.
7.السرعه في الوصول للأسواق العالمية وإمكانيه التعاون والعمل بروح الفريق مما يزيد من الإنتاجية ويمكن من سرعه الدخول للأسواق والمنافسة الأفضل.
8.العمل عن بعد يقلل من انبعاثات العادم من السيارات حيث اثبتت الدراسات أن 29%   من غازات الدفيئات ناجم عن الغازات المنبعثة من المواصلات.
اهم سلبيات فريق العمل الافتراضي
1.ضعف الثقة بسبب عدم مشاهده العاملين لبعضهم البعض مما قد يؤدي الى عدم الثقة. وبالتالي يقع على عاتق الإدارة تحديد الاهداف لكل عامل.
2. يقلل من العمل بروح الفريق.
3.العزله الاجتماعية. قد يحقق فريق العمل الافتراضي التوازن والمواءمة بين العمل والحياة غير ان بيئة العمل الافتراضية قد تجعل العامل يصارع من أجل أنجاز المهام مع عدم معرفته لمن سيلجأ في حال الحاجة للمساعدة وبالتالي غياب ما توفره في علم الإدارة ميزه    Water Cooler Effect والذي يعني تجمع العاملين بشكل غير رسمي حول ثلاجه المياه الباردة في مكان العمل مما يفسح المجال للعاملين لتبادل الآراء والأفكار بشكل غير رسمي في قضايا مختلفة متعلقة بالعمل وغيره.
وبالتالي وللتخفيف من العزلة الاجتماعية تلجا الشركات الى تخصيص غرفه أو مكان عام للعاملين للاستراحةCommon Room يتم من خلالها ألحديث في قضايا العمل والامور المختلفة الرسمية وغير الرسمية وتوفير غرفه Chat Room هذا بالإضافة الى قيام الشركات بتكريم العاملين كشكل من أشكال التقدير والإشعار بالقيمة. 
4.إحتماليه المخاطر الأمنية.
قد تقع الشركات والمؤسسات ضحية مخاطر أمنيه ناجمه عن حصول العاملين على معلومات وضحيه التغيير في التكنولوجيا بالإضافة الى أعمال القرصنة حيث تصبح معلومات الشركة في خطر.
5. التركيز على التكنولوجيا ومتابعه موظفي تكنولوجيا المعلومات مع التركيز على مستوى التغيرات في التكنولوجيا لتجنب الاختراق للمعلوماتHacking . 
6.من الصعب متابعه وتقييم عمل فريق العمل الافتراضي وطلب تقارير دوريه من طاقم العمل الافتراضي وبالتالي اللجوء الى استخدام أدوات لمعرفه انتاجيه العامل Time Doctor "تطبيق تتبع الوقت "والذي من خلاله يتم:
- حساب الوقت الضائع لدى كل موظف.
- معرفه ومتابعه الحضور والغياب ومستوى التأخير عند العاملين.
- استخدام منبهات التشويش لجعل العاملين يركزون على أداء المهام بشكل أفضل بعيدا عن التشويشان.
هذا وعلى صعيد الحكومات يتطلب العمل عن بعد تحديث قوانين العمل لتكون أكثر مرونة مع إعادة تخطيط القوى العاملة ومراعاه هيكله الأنظمة التقليدية لتتناسب مخرجاتها مع احتياجات التنمية وسوق العمل المتجدد والمتسارع مع ضرورة تعزيز التعاون والتواصل بحيث يكون التركيز على النتائج لتتناسب مخرجاتها مع التنمية وسوق العمل المتجدد والمتسارع. كما وأرى ان العمل عن بعد له تأثير على السلوك الإداري والتنظيمي مما يؤدي الى تغييرات في أساليب الاتصال واستخدام التكنولوجيا والهياكل التنظيمية وبالتالي أرى ضرورة ان تتكيف شركات الأعمال مع هذه التغيرات في وضع أفضل للنجاح في بيئة العمل عن بعد.