حكومة الدكتور محمد مصطفى، هل تتصدى للمطالب الامريكية!!!!.
نخشى ان يكون الهدف من تشكيل الحكومة هو تحميلها مسئولية تمرير عدد من الملفات السياسية الخطيرة ومنها وقف دفع رواتب الاسرى والشهداء، وتغيير المناهج التعليمية الفلسطينية وفقا للمطالب الامريكية الاسرائيلية، ناهيك عن ملفات اخرى حساسة سواء سياسية او قانونية او بنيوية او حتى فنية.
نقلت صحيفة امريكية ان السلطة قد توصلت الى اتفاق مع امريكا حول وقف دفع رواتب الاسرى والشهداء وتزامن هذا الاعلان مع تشكيل الحكومة الجديدة، فان صح الخبر يكون هذا التسريب هدفه تقديم حكومة الدكتور محمد مصطفى وكأنها قد بدأت بتنفيذ اولى المطالب الامريكية والاسرائيلية واخطرها على الاطلاق، المطلوب اطلاع الشعب الفلسطيني على تفاصيل هذا الاتفاق ان صح وتبعاته على جمهور واسع وقطاع حيوي بالنسبة لشعبنا، وهل حكومة الدكتور محمد مصطفى يجب ان تحمل نتاج هذا الاتفاق ام ان الاتفاق تبلور قبل مجئ الحكومة. المفاوضات بين امريكا والسلطة كانت تدار من قبل طاقم من خارج الحكومة الفلسطينية ولكن على ما يبدو باطلاع ونقاش مستدام مع رئيس الحكومة السابق، حيث كان البحث يدور حول نقل جزء من رواتب الاسرى واسر الشهداء الى وزارة التنمية الاجتماعية وتفريغ عدد من الاسرى المحررين على الوزارات والمؤسسات المدنية والامنية، مقابل ان تقوم امريكا بالغاء قانون يمنع تمويل منظمة التحرير والسلطة وان يتم فك النظام البنكي الفلسطيني عن البنوك الاسرائيلية هذا على ما يبدو كان موقف رئيس الوزراء السابق في حال تم التوصل الى اتفاق مع امريكا .
ان صح ما سرب يعني ان الحكومة الجديدة عليها تبيض هذا الاتفاق من حيث ترجمة نصوصه الى افعال محددة وخطوات مباشرة من اهم نتائجها الغاء قانون الاسرى والمحررين وكافة الانظمة الصادرة بمقتضاه وكذلك التعديل على قانون اسر الشهداء ومن نتج عنهما من انظمة وقرارات صادرة عن مجلس الوزراء.
ان هذا الامر سيؤدي الى نقل ملف اسر الشهداء والاسرى الى وزارة التنمية الاجتماعية وقد ينتج عنه الغاء جزء من مهام هيئة الاسرى والمحررين والتي تتبع منظمة التحرير، كما انه سيؤثر على رواتب اسر الشهداء في لبنان والمهجر بالاضافة الى الالاف الاسر التي تعيش على رواتب ابنائهم او ازواجهم من الشهداء.
سيكون لهذا الاتفاق تداعيات كبيرة قد تزلزل اركان الحكومة الجديدة.على الرغم ان هناك وعد على ما يبدو من امريكا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ان اوقفت السلطة دفع رواتب الاسرى واسر الشهداء ونفذت المطالب الامريكية العشرة من السلطة.
من المهم جدا لرئيس الحكومة الجديد ان يكون واضحا في التعامل مع هذا الملف الذي قد يقود الى ازمة مجتمعية خطيرة ويحسب على الحكومة وليس على من ابرم الاتفاق.
كما ان هناك ملف اخر يتعلق بتغيير المناهج التعليمية، وهنا علينا ان نسجل للدكتور مروان عورتاني بالتعاون مع طاقم وزارة التربية والتعليم افشال الضغوط الاوروبية والامريكية التي مورست للضغط على الحكومة للتعديل على المناهج الفلسطينية.نتوقع من وزير التربية والتعليم الجديد ان يتسلح بكافة المعلومات التي رافقت عملية الدفاع عن المناهج الفلسطينية ومنع امريكا واوروبا من فرض مطالبها في تغيير الرواية الفلسطينية تجاه النكبة وتجاه الاحتلال الاسرائيلي. ما لفت انتباه العديد من مختصي البحث والتوثيق واعداد الدراسات المختلفة في مجال القضية الفلسطينية هو اصدار الرئيس مرسوم بتاريخ 1/2/2024 بشأن المؤسسة الوطنية لتوثيق تاريخ فلسطين وحفظ الذاكرة، حيث نصت المادة (4) الفقرة الرابعة من المرسوم والتي تمثل اهداف المؤسسة على "المساهمة في اقتراح مناهج تعليمية مدرسية ومتطلبات جامعية متعلقة بتاريخ فلسطين والقضية الفلسطينية" ان هذا النص وتوقيت اصدار المرسوم يثير تساؤلات مشروعة هو هذا الهدف، وهل له علاقة بالضغوط الامريكية لتعديل وتغيير المناهج الفلسطينية؟ ام انها محاولة فلسطينية لنقل الملف لمواجهة هذه الضغوط وافشالها؟
ان مطالب امريكا لم تتوقف على هذان الامرين فقد امتدت لتشمل تعيين نائب للرئيس من خلال الدعوة لعقد اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني للتعديل على نظام الاساسي للمنظمة باستحداث منصب نائب للرئيس، هذا ما رفضه الرئيس لغاية الان، كما طالبت الادارة الامريكية اصلاح قطاع العدالة، ودمج الاجهزة الامنية، واصدار قانون حماية الاسرة واعتماد وتنفيذ اتفاقية سيداو، واطلاق الحريات! واصلاح الجهاز الاداري وخصخصة قطاعي المياه والطاقة من خلال اصدار قوانين لذلك، وتبني قانون التامين الصحي، واقرار قوانين الاصلاح الضرائبي، ووقف التحريض على اسرائيل!!. تتكرر هذه المطالب وتذكرنا بما طلبه الامريكان من الرئيس ياسر عرفات عن طريق المرحوم صائب عريقات بتاريخ 19/8/2003 وهنا اقتبس من كتاب المرحوم صائب عريقات "دبلوماسية الحصار" في الصفحة (490) منه حول المصادقة على قانون هيئة سوق راس المال وباقي القوانين، تطبيق نظام ايداع الرواتب لجميع افراد الامن، احداث تقدم ملموس في مجال تحديد المسؤوليات بين مجلس القضاء الاعلى ووزارة العدل"
نجد اننا امام تحديات من نوع مختلف بهذه المرحلة ونخشى ان تكون هذه الحكومة وجودها مرهون بتمرير هذه المطالب ومن ثم استبدالها بحكومة اخرى وبرئيس حكومة اخر. قد تكون امريكا تعتقد ان هزيمة الفلسطينين يجب ان تكون مركبه الاولى في ميدان المعركة في قطاع غزة وفي الميدان السياسي وفي الوعي الفردي والجمعي من خلال اخضاع السلطة لمطالبها.
الادهى والامر ان تكون امريكا قد رهنت اعادة تمويل السلطة و/او السماح للدول بدفع ما عليها من التزامات مالية بتنفيذ مطالب الاصلاح لتكون قد حققت امريكا مفهومها ورؤيتها وتعريفها لمضمون سلطة فلسطينية متجددة، لذا على رئيس الحكومة الجديد ان يكون مدركا لتدعايات وخطورة هذه المطالب وان يشكل فريق فني وقانوني وسياسي للوقوف على هذه التحديات ومعالجتها وطنيا وبشكل دقيق للتعامل معها وعدم تمريرها وتجنيب الحكومة وزر قبولها ان صحت هذه التسريبات.