متناقضات واضحة واستنتاجات مؤلمة
مقالات

متناقضات واضحة واستنتاجات مؤلمة

بعد السابع من أكتوبر ظهرت متناقضات ومعايير مزدوجة في مواقف الدول وتعرت أنظمة ودول منها:

حق أمريكا وأوروبا تزويد إسرائيل كدولة احتلال بالسلاح والمال وغير مسموح لدول أخرى تزويد شعب فلسطين الذي يرزح تحت الاحتلال الاسرائيلي بالسلاح أو حتى بالمال أو الإغاثة.

أمريكا والغرب يقولون إن من حق إسرائيل قتل كل الفلسطينيين مقابل 1200 إسرائيلي قتلوا في 7 أكتوبر ومن حقهم الدفاع عن النفس، والسؤال الذي لا يجيبون عليه هم أنفسهم، هل من حق الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم، الذين احتلت أرضهم ودمرت قراهم ومدنهم وقتلت إسرائيل منهم منذ العام 1948 مليون فلسطيني وهجرت سبعة مليون، لا يزالون في المخيمات، ولا يجيبون كم من حق الفلسطينيين قتل الإسرائيليين مقابل ذلك  أو حتى مواجهتهم.

أمريكا والغرب يرفضون محاولة احتلال أوكرانيا ويدعمونها بالسلاح والمال وفي نفس الوقت يدعمون احتلال فلسطين .

أمريكا والغرب يدعمون محكمة الجنايات الدولية عندما تحاكم الرئيس الروسي بوتين قبل ارتكابه جرائم حرب أو إبادة جماعية، ويهاجمونها ويعتبرونها ليست جهة اختصاص عندما تحاكم قادة اسرائيل على ما تم فعليا من جرائم حرب وإبادة جماعية في فلسطين.

أمريكا والغرب يحاربون اليمن لنصرتها لإخوانهم العرب في فلسطين، ويعتبرون أن من حقهم دعم إسرائيل في السلاح والمال والجنود لمواجهة شعب أعزل رازح تحت الاحتلال منذ أكثر من 75 عاما.

أمريكا و الغرب عبروا عن غضبهم دون تحقق من ذلك عندما أعلنت إسرائيل أن المقاومة الفلسطينية قتلت 50 طفلا اسرائيلا  في 7 أكتوبر، ولكنها لم تغضب بل ودعمت قتل 20 ألف فلسطيني في أحضان أمهاتهم في غزة، والقتل والمجازر مستمرة بحق المدنيين.

أمريكا والغرب تقف بقوة مع التعامل بإنسانية مع أسرى الحرب، ولكنها تدعم قتل الأسرى الفلسطينيين وتعذيبهم وتجويعهم في السجون الإسرائيلية، وتطالب في كل المحافل الدولية بالإفراج عن 120 أسيرا إسرائيليا و لا تذكر عشرة آلاف فلسطيني بعضهم أمضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 40 عاماً.

أمريكا و الغرب يستخدمون البند السابع ضد قتل أي دولة لموظفين دوليين تابعين للأمم المتحدة ولكنهم ظلوا صامتين عن قتل إسرائيل لألف موظف دولي في غزة، ولم يغضبون أيضا لقتل الأطباء والمسعفين والصحفيين وهدم مدارس الوكالة الدولية.

أمريكا تحارب وتعتقل من يقتل مواطن أمريكي، ولكنها لم تحرك ساكنا عندما قتلت إسرائيل الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة و قبلها الأمريكية والمناضلة الأممية راشيل كوري و بعدهم الكثير.

أمريكا و الدول الأوروبية يهاجمون جمهورية الصين الشعبية وإيران وكوريا الشمالية لاحتمال دعمهم لروسيا في حربها على أوكرانيا و لكن تعتبر من حقها دعم أوكرانيا وإسرائيل في حروبها وعدوانها.

ألمانيا تعتذر عن ارتكابها للمحرقة ضد اليهود ولكنها تدعم المحرقة ضد الشعب الفلسطيني وإبادته، و بدلا من أن تنظف تاريخها الأسود، تضيف عليه مشاركتها في محرقة وإبادة جديدة ضد شعب كامل في فلسطين.

بعض الدول العربية تقف صامتة ضد ذبح الشعب الفلسطيني، أمام الذي تقوم به إسرائيل وأمريكا ولكنها مشاركة بقوة بذبح الشعب السوري والشعب اليمني، وتسمح لإسرائيل و أمريكا باستخدام أجوائها لضرب إيران و الدول العربية، و لا تسمح لإيران باستخدام اجوائها للرد على ذلك العدوان.

الإعلام الأمريكي والغربي لديه سؤال دائم: هل تدين السابع من أكتوبر؟.. و لا يسأل أو حتى يسمح لأحد بالسؤال : هل تدين جرائم إسرائيل بعد و قبل السابع من أكتوبر ضد الشعب الفلسطيني سواء باحتلال أرضه أو قتل أطفاله ومدنييه وهدم مساجدهم ومدارسهم ومستشفياتهم وقتل صحفيي العالم في غزة و الضفة.

أمريكا و الدول الغربية تقول إنها تدعم حل الدولتين و لكنها تصوت ضد الاعتراف بدولة فلسطينية بل وتستخدم الفيتو ضد أي قرار يدين اسرائيل ، و لا تعترف معظمها بدولة فلسطين .

أمريكا والدول الغربية يستخدمون البند السابع لتطبيق قرارات مجلس الأمن في كل العالم، ولكنهم يرفضون القرارات الدولية وحتى المحاكم الدولية إذا كانت ضد اسرائيل.

أمريكا و الغرب يعتبرون كل من يهاجم إسرائيل بأنه لا سامي، ولكنهم يعتبرون أن قتل الطفل والشيخ العربي والمسلم طبيعي بل وواجب وحق لإسرائيل.

أمريكا والغرب يعتبرون العرب الذين قاوموا الاستعمار إرهابيين، وأن قتل أمريكا للهنود الحمر عمل قانوني إنساني، و قتل مليون طفل عراقي ومليون طفل أفغاني عمل إنساني ومقاومة للارهاب وإبادة مدن مثل هيروشيما و نكازاكي دفاع عن النفس.

القانون الدولي يشرع مقاومة الاحتلال وأمريكا والغرب يشرعون حق المُحتل للأرض والمستعمر لها بالدفاع عن نفسه و تعتبر المقاومة ارهاب.

أمريكا و الغرب سطلوا العالم بالديمقراطية و الحريات و لكنهم قمعوا وقتلوا كل من احتج على الإبادة الجماعية في فلسطين و أغلقوا جامعات واعتقوا وفصلوا طلاب و طالبات .

أمريكا وبعض الدول الغربية يعتبرون منظمة التحرير الفلسطينية منظمة إرهابية وهي تحترم وملتزمة بالقانون الدولي، و إسرائيل التي ارتكبت أكثر من مئة مجزرة و مذبحة ضد الفلسطينيين وغير ملتزمة بالقانون الدولي وتمارس الإرهاب العلني دولة ديمقراطية بل اعتبروها واحة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط.

بفضل أمريكا ودول الغرب، القانون الدولي والإنساني طبق في معظم أنحاء العالم، لكنه ضد إسرائيل أصبح معدوما غير فعال، بل ويستخدمون حق النقض الفيتو لمنع تطبيقه.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.