القرارات بقانون بشان تعديل قانون الخدمة في قوى الامن رقم (8) لسنة 2005 وتعديلاته اخفاق قانوني واجب التراجع عنه او الطعن بعدم دستوريته
المادة (70) من القانون الأساسي تنص على " لمجلس الوزراء الحق في التقدم إلى المجلس التشريعي بمشروعات القوانين وإصدار اللوائح واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القوانين " هذا النص الدستوري يعني وبشكل واضح أن الجهات الرسمية مهما كانت لا يجوز لها اقتراح القوانين إلا من خلال الحكومة. قد يقول البعض أن نص المادة (43) من القانون الأساسي تتحدث عن صلاحية الرئيس في إصدار قرارات لها قوة القانون، والتي يجب عرضها على المجلس التشريعي لاحقا ، وبالتالي فان النص لم يقيد الرئيس ولم يحدد الجهة التي لها أن تقترح عليه القوانين، وعليه فان لأي جهة ذات اختصاص أن تنسب للرئيس لإصدار القوانين، هذا يخالف الواقع والنصوص حيث ينص القانون الاساسي والنظام الداخلي للمجلس التشريعي ان من يقر القوانين هو المجلس التشريعي وان الرئيس يصدر القوانين، وبالتالي فان الاصل ان المادة (43) استخدمت نفس المصطلح القانوني عندما ورد في المادة المذكورة للرئيس اصدار قرارات لها قوة القانون...."، فان كان الدستور قد أناط اقتراح القوانين على المجلس التشريعي بشكل حصري للحكومة فالأولى أن يكون الاستثناء في إصدار القرارات التي لها قوة القانون أكثر تمسكا بالنص الوارد في المادة (70) من القانون الأساسي وليس إنشاء قواعد قانونية تخالف النصوص الدستورية. كما ان الاردن البلد الجار لنا لديه نص مشابه حيث تقوم الحكومة في ظل غياب/عدم انعقاد مجلس النواب والاعيان بالتنسيب للملك باصدار قوانين تسمى مؤقته، يعمل البرلمان (النواب والاعيان) على اقرارهم او الغاءهم لاحقا، ولم يسبق للملك ان اصدر قوانين بناء على طلب اي جهة مباشرة له، حيث تقوم اي جهة بالطلب من الحكومة بالتنسيب للملك لادصار هذه القوانين في غير ادوار انعقاد مجلس النواب والاعيان، وفي كل الاحوال يصدر الملك القوانين جميعها سواء نسب من الحكومة كقوانين مؤقته او من مجلس النواب والاعيان.
لقد جاء القرار بقانون رقم ( ) لسنة 2024 بشأن تعديل قانون قوى الامن مخالفا لهذه القاعدة الدستورية حيث لا يوجد جهة مختصة نسبت للرئيس اصدار هذا التعديل، كما ان التعديل استند في ديباجته الى النظام الاساس لمنظمة التحرير الفلسطينية حيث لا يوجد بالنظام الاساسي اي حق للرئيس بصفته رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينة ان يصدر القوانين، كما ان هذا لبس تشريعي جديد، فالاصل ان القرار بقانون يستند الى القانون الاساسي حيث اشير في ديباجة النص الى القانون الاساسي، فاي خلط قانوني في الاستناد على مرجعيين قانونيين مختلفين في المرجع والاساس.
ان التدقيق بعدد من مواد التعديل الجديد يجد ان القرار بقانون عدل لخدمة عدد من الاشخاص بل وحرم الاخرين من الاستفادة من الامتيازات الواردة به، وكأن لسان حال المشرع يقول ان هذا القرار بقانون خصص لكل من ........، حيث فهم لكل مهتم بالشان العام هذا المدلول فعندما نص في التعديل الجديد في المادة (20) منه على " تعدل المادة (42) من القانون الاصلي لتصبح على النحو الاتي: يجوز بقرار من القائد الاعلى مد خدمة اي من الضباط من حملة اللواء فاعلى، بعد بلوغ سن الستين لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات شريطة ان يكونوا ممن يشغلون احدى الوظائف التالية: 1.القائد العام وقائد قوات الامن الوطني وقائد جهاز الاستخبارات العسكرية 2. قائد الحرس الرئاسي . 3. مدراء عامون قوى الامن الداخلي." نلاحظ من النص ان التعديل جله خص (8) مدراء فقط. حيث يستدل من النص ان وزير الداخلية مثلا المسئول عن قوى الامن الداخلي ليس له اي صلاحية تجاه من هم تحت اشرافه بالتمديد من عدمه، فكيف سيكون له نفوذ عليهم وكيف سيكونون من الناحية الادارية خاضعين لتعليماته، على الرغم انه في ذات القانون نص ان المدراء العامون لقوى الامن الداخلي خاضعين لوزير الداخلية. كما ان هذا النص حرم كل من بلغ (57) عاما من اية فرصة لان يحصل على ترقية الى رتبة لواء، بل انه منعه من التدرج في القيادة وحصرها بايدي من هم في موقع القرار وهذا مخالف لنص دستوري يتعلق بالمساواة بين الفلسطينين، فكيف لقانون ان يزرع التمييز ويرسى قواعد تخالف الدستور.
كما ان القانون قد عدل المادة (3) من القانون الاصلي باضافة الحرس الرئاسي الى المخابرات وقوى الامن الداخلي وقوى الامن الوطني وجيش التحرير، ولم تاتي المادة على ذكر جهاز الاستخبارات كجهاز مستقل، ضمن تشكيلية الاجهزة الامنية، وفجاة تاتي المادة (7) من القرار بقانون لتذكر جهاز الاستخبارات كهيئة امنية، بحيث يصدر لها نظام خاص يصدر يصدر عن القائد الاعلى" فكيف للرئيس ان يصدر نظام، اي انحدار في الصياغة واخفاق في الانزال من مكانة الرئيس كي يصدر نظام مع العلم ان القانون الاساسي الفلسطيني قد اناط اصدار الانظمة لمجلس الوزراء فهذا النص بكل وضوح يخالف النص الدستوري بما لا يرقى اليه شك. نلاحظ ان القرار بقانون الغى المادة (11) من القانون الاصلي والتي كانت تنص على تعيين مدير عام للامن الداخلي، حيث كان جزء من الاصلاحات التي تحت الدراسة والتنفيذ من قبل الحكومة هو تعيين مدير عام للامن الداخلي، وبالتالي فلقد تم انهاء هذا الملف قانونا، وبدلا من تقليص عدد الاجهزة والهيئات الامنية زادت في ظل الاصلاحات الحكومية، وكأن من وضع القانون ومرره الى الرئيس لاصداره لا يأبه بالحديث عن الاصلاحات بل ويوجه لها ضربة قوية. وبالتدقيق في المادة (17) المعدلة في القانون الاصلي والواردة في المادة (15) من القرار بقانون نراها نزعت الصلاحيات من الرئيس لتعيين عضويين من قبله وحصرتها في (8) اعضاء فقط، وهذا جدير بالتوقف عنده والتساؤل عن مضمونه، بالمختصر فان التعديلات التي حصلت نزعت يد الحكومة من اية صلاحية بالرقابة على الاجهزة الامنية وبالتالي، اصبح لدينا سلطة جديدة مشرعة بالقانون هي سلطة الاجهزة الامنية بمعزل عن الحكومة، حيث ان دور الحكومة هو توفير الميزانيات فقط.
المطلوب ألان ودون تأخير من الحكومة والجهات ذات الصلة القيام بالخطوات التالية :
1. أن تبادر الحكومة إلى الطلب من المحكمة الدستورية بتفسير نص المادة (70) وكذلك فيما يتعلق بصلاحيات الرئيس باصدار انظمة مع ان القانون الاساسي منح الرئيس اصدار القوانين والقرارات التي لها قوة القانون والمراسيم، كما ان نزع اي صلاحيات للحكومة على الاجهزة الامنية يخالف الدستور سيما ما ورد في المادة (84) منه، وكذلك ما ورد في المادة (69/7) من القانون الاساسي. حيث ان المادة الوحيدة التي تحدثت عن صفة الرئيس كقائد اعلى للقوات ما ورد في المادة (39) وهذا ينطبق مع واقع الحال فيما يتعلق بالصلاحيات المنوطه به
2. ان القانون الاساسي اعتبر في المادة (69/7) من وفي المادة (84) منه ان قوى الامن والشرطة جزء من السلطة التنفيذية من القانون الاساسي، وان اخضاع هذه القوى الى سيادة الرئيس مباشرة به مخالفة دستورية، لان المشرع وعندما وضع القانون الاساس ما كان يلغو عندما وضع الاجهزة الامنية تحت الباب الخامس منه ومعنون تحت السلطة التنفيذية، سيما وان الرئيس هو صاحب الصلاحية في المصادقة على التعيين.
3. من الواضح ان من وضع هذه التعديلات اراد الالتفاف على القرار الحكومي الصارم بعدم التمديد لاي من العاملين في السلك المدني والعسكري والامني، والحفاظ على مصالح عدد من الاشخاص من اصحاب النفوذ.
4. ان هذا القرار بقانون حرم ويحرم العشرات من القادة الذين خدموا ويخدمون في قوى الامن من حظهم في الترقي والحصول على الوظائف العليا مما يمثل هذا القرار بقانون انتهاك للحقوق الواردة في القانون الاساسي سيما ما ورد في الباب الثاني منه لا سيما المادة (9) حيث ما جري ويجري هو انقلاب على الحكومة ونزع ما لها من صلاحيات دستورية.
5. إن الحصول على رأي من المحكمة الدستورية يعيدنا إلى دائرة الانسياب المنظم لأي عملية تشريعية قادمة ويمنع بذات الوقت سيل القوانين والتي يتم إصدارها دون الرجوع للحكومة. ولنتذكر ان هناك جهود تراكمت خلال سنوات ماضية تعلقت بوضع خطط تشريعية سنوية تشارك فيها كافة الجهات ويخضع إقرار أي قانون أو حتى نظام أو لائحة إلى قراءات ثلاثة قبل تنسيب القرارات بقانون أو حتى الأنظمة واللوائح.
6. ان قيام رئيس الوزراء بالتوضيح للرئيس مخاطر وارتدادات هذا القرار بقانون على المنظومة الامنية مهم جدا، وقد يدفع الرئيس لوقف القرار بقانون او سحبه.