أغسطس بداية الإنحطاط العربي
ما نمر به الآن هو إفراز لما حدث في مطلع اغسطس سنة 1990 عندما اجتاحت القوات العراقية الكويت، وكان صدام نفسه قد حذر العرب اثناء الحرب العراقية الايرانية من ان سقوط الجبهة الشرقية امام ايران يعني سقوط العالم العربي فتلك الحرب كانت حربا وقائية ضد التوسع القومي الفارسي تحت ستار المذهب الشيعي. لكنه اي صدام ربما لخطأ في الحسابات وشعور بالتفوق والغرور اقدم على خطوته الكارثية تلك متجاهلا انه والكويت كانا موضع تآمر اميركي بحت حيث عمل الاميركيون على تشجيع الطرفين على حل خلافهما باعتباره خلافا ثنائيا واوغرت واشنطن صدر العراق على عدم التنازل عن الحقل النفطي واوغرت صدر الكويت ايضا على عدم اعطاء العراق اي مكسب وكل هذا نشر بعد الحرب.
النتيجة لذلك حصدها العرب ككل لاحقا وهي فتح الأفق العربي امام الظلام الايراني الكاسح المتعاون مع اميركا وفتح البلاد العربية امام العبودية للغرب الذي استخدم دولا عربية خليجية ليس بينها الكويت لتدمير دول اخرى بينما استعصت مصر على الدمار والحرب الاهلية فيما سمي بالربيع العربي على مطية جماعة الاخوان المسلمين.
فلم تكن هناك مصلحة قومية في غزو الكويت ولا في الربيع العربي ولا داعش واخواتها واخوانها ولا في الانقسام الفلسطيني الذي افتتح الربيع العربي برعاية قطرية اميركية. فالاميركيون سلموا العراق لايران وكانوا مستعدين لتسليم شمال سوريا الى تركيا وقضم مناطق النفط وضمها الى كردستان العراق وتقسيم مصر الى ثلاث دول.
الآن العرب انقسموا الى فسطاطين احدهما في الجيب الايراني والآخر في الجيب الاميركي الاسرائيلي، ولا نجد في هذا الانقسام الفسطاطي سوى السفسطة الخيانية للمصلحة العربية وكأنما عاد العرب الى انقسام المناذرة والغساسنة، الاول تابع للفرس والثاني للروم. فما يحدث منذ غزو العراق وما تلاه من ثورات مختلقة غربيا هو مجرد تقاسم نفوذ بين ايران واسرائيل في المنطقة العربية وقودها عرب من الطرفين. فالمحيط المتحكم في الارض العربية منذ الخمسينات مكون من ايران وتركيا واثيوبيا واسرائيل وكل له مشروعه التوسعي الاستعماري في المنطقة العربية فلا تصدقوا ان حربا شاملة ستندلع بسبب اغتيال الشهيد اسماعيل هنية لأن ايران لن تضحي بمصالحها في العراق واليمن وسوريا ولبنان من اجل شخص حتى لوكان الوالي الفقيه فقد تكون هناك ردود محدودة من الطرفين الا اذا شاءت وواشنطن وتل ابيب حربا شاملة لكن تحت ستارالحرب او الردود ستتواصل الابادة في غزة والتوسع التهجيري في الضفة.
عبر التاريخ لم تظهر المصلحة العربية الا بعد ظهور الاسلام عندما قاتل المناذرة اسيادهم السابقين الفرس ضمن جيش الفتوحات في زمن عمر ابن الخطاب بينما اختار الغساسنة االخيانة والتحقوا حراسا لهرقل في القسطنطينية. ربما نحتاج الى اسلام متجدد لإعادة بعث المصلحة العربية والتخلص من التبعية للفرس والروم ووكلائهم العرب والصهاينة الخزريين. ولكن هيهات.