مرسوم الرئيس لتجسيد الدولة.. وسيناريوهات المجلس التأسيسي أو الانتقالي
ينقل المرسوم الرئاسي بشأن توجه رئيس دولة فلسطين وأعضاء القيادة الفلسطينية إلى قطاع غزة النقاش حول آليات الانتقال لتجسيد الدولة الفلسطينية من أطروحات مراكز الأبحاث النظرية إلى أروقة السياسة ومؤسسات الدولة العملية. فقد كلف الرئيس في البند الخامس من المادة الثالثة للمرسوم اللجنة المشكلة بموجب المرسوم "وضع الآليات للخطوات الملموسة باتجاه تجسيد دولة فلسطين والإعلان الدستوري والمجلس الانتقالي". وهو ما ذهب إليه مركز ثبات للبحوث واستطلاعات الرأي العام في الورقة السياساتية تحت عنوان "الانتقال من القرارات الرمزية إلى الأفعال السياسية لتجسيد الدولة: ثلاثة سيناريوهات ممكنة لإنشاء المجلس التأسيسي" الشهر الماضي الداعي للإعلان عن المجلس التأسيسي لتجسيد الدولة الفلسطينية حيث طرحت ثلاثة سيناريوهات لما يتعلق بالمجلس الانتقالي.
هذا المرسوم يضع لبنة عملية لاستكمال التدابير والإجراءات التي تم اتخاذها على مدار الاثنتي عشرة سنة الفارطة لتجسيد الدولة، وفقاً قرارات المجلس الوطني في دورته التاسعة عشر المنعقدة في الجزائر عام ١٩٨٨باعلان وثيقة إعلان الاستقلال من خلال بالانتقال من الازدواجية القائمة بين السلطة والمنظمة، ولتفعيل الاعتراف الدولي بما فيه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولفرض أمر واقع في المواجهة مع الاحتلال وإجراءاته، ولتوفير وعاء وطني جامع كمدخلٍ لاستعادة الوحدة وتجاوز التحديات المحتملة أمام الاندماج الوطني في إدارة الحكم وتبعاته وأعباءه.
لذا يفرض استكمال العمل على تجسيد دولة فلسطين إنشاء مجلس تأسيسي مهمته اعتماد دستور دولة فلسطين العتيدة، وتشكيل حكومة فلسطينية تتولى إدارة الشأن والمال العام والرقابة عليها وإصدار تشريعات ضرورية لإدارة المرحلة الانتقالية هذه؛ وذلك لمدة محدودة ومحددة تجري في نهايتها الانتخابات العامة وفقاً لقانون انتخابات عامة منسجمٍ مع القواعد الناظمة للنظام السياسي والحكم المعتمد في الدستور الجديد. بالإضافة إلى أنّ إنشاء المجلس التأسيسي بات ضرورة كمدخل لاستعادة الوحدة وإنهاء الانقسام بما يشمل توحيد مؤسسات الدولة في الضفة وغزة، وتكريس الدولة الفلسطينية بما ينسجم مع تحويل الاعترافات الدولية إلى واقع، وفرضه كأحد أوجه الصراع وأدواته، وتجاوز التحديات المحتملة أمام الاندماج الوطني، والانتقال من الوسيلة "منظمة التحرير الفلسطينية" إلى الغاية "دولة فلسطين العتيدة".
استعرضت ورقة مركز ثبات للبحوث واستطلاعات الرأي ثلاثة سيناريوهات ممكنة لإنشاء المجلس التأسيسي في إطار استكمال تجسيد الدولة الفلسطينية العتيدة وبناء مؤسساتها السياسية وكمدخل لاستعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام؛ السيناريو الأول: يقضي بانتخاب المجلس التأسيسي، والسيناريو الثاني: إعمال وتفعيل المجلس المركزي بقيامه بدور المجلس التأسيسي للدولة ووظيفته، والسيناريو الثالث: التوافق على تعيين أعضاء المجلس التأسيسي من الأطياف السياسية المختلفة ومن الكفاءات الوطنية.
إنّ المفاضلة بين السيناريوهات الثلاثة، التي تم ذكرها في هذه الورقة، يشير إلى أنّ السيناريو الأول المتمثل بإجراء الانتخابات للمجلس التأسيسي هو السيناريو الأمثل لأنّه مبني على إرادة المواطنين واختيارهم لممثليهم في المجلس بالاقتراع المباشر، أما السيناريو الثاني المتمثل بتنصيب المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية فهو السيناريو الأسهل بحيث يتم تفعيل قرار الرئيس رقم 31 لسنة 2022 ويتولى بالإضافة إلى صياغة الدستور الرقابة على الحكومة القائمة، وقرار المجلس المركزي في شهر شباط/ فبراير 2022. فيما السيناريو الثالث القائم على إنشاء مجلس تأسيسي بالتعيين التوافقي بين الفصائل والقوى الاجتماعية الفلسطينية هو السيناريو الأفضل؛ فهو قائم على اتفاق فلسطيني يساهم في عملية الاندماج الوطني ويساعد على استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام بتوحيد مؤسسات الدولة ويحسم مسألة البرنامج السياسي للفلسطينيين كافة القائم على أساس إقامة دولة على حدود الرابع من حزيران 1967 وقرارات الأمم المتحدة.
إنّ مركز ثبات للبحوث واستطلاعات الرأي يضع خبراته وإمكانياته للعمل مع اللجنة المشكلة بموجب المرسوم لتطوير الآليات والقواعد لرسم ملامح المرحلة الانتقالية وطبيعة المجلس الانتقالي/ التأسيسي ووضع تصورات للتغلب على التحديات والعقبات المحتملة أو المتخيلة لضمان الانتقال السلس والعملي لتجسيد الدولة.