لئلا تنتحر فتح، ويضيع شعبنا!
مقالات

لئلا تنتحر فتح، ويضيع شعبنا!

نرجو من الأخوة الفتحاويين الذين يلقون على كاهل المقاومة الفلسطينية بكل أطيافها، مسؤولية حرب إسرائيل على  الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، ويعفون بشكل أو بآخر المحتل الغاصب عما يفعل جيشه وقواته ومستوطنوه، أن يدققوا في أصواتهم وكتاباتهم كثيرا، فهي تطيح بجسد حركة فتح أولا وأخيرا وتدمر  تاريخها وحضورها وتأثيرها في العمق الوطني  الفلسطيني.

هذه حرب شرسة ضد الشعب الفلسطيني كاملا ومشروعه الوطني وهياكله المختلفة  وفصائله كافة. المطلوب رأس الشعب الفلسطيني:  أفراده وفصائله وأرضه وكرامته وحريته، واغتيال وسحق  البعد الوطني التحرري المقاوم في دواخل الفلسطينيين جميعا.

من يحتل فلسطين ويقتل ويدمر ويجوع ويذل أهلها هو المسؤول عن هذه الحرب وجرائمها المتلاحقة. من يستخدم الطائرات والدبابات والصواريخ والقنابل الذكية والغازات المحرمة دوليا هو المسؤول عن هذه الحرب الدموية. من يطرد المواطنين من أرضهم ويسرقها ليشيد المستعمرات عليها هو المسؤول عن هذه الحرب القذرة. من أسس جيوشا وعصابات  للمستعمرين وسلحها وألقى على عاتقها مهمة حرق وتدمير القرى والممتلكات الفلسطينية هو المسؤول عن هذه الحرب القاتلة. من قتل كل اتفاقيات  السلام الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية وضم فعليا فلسطين إلى كيانه واحتلاله  هو المسؤول عن هذه الحرب المجنونة. من يقزم ويحول السلطة الوطنية الفلسطينية إلى وكيل إداري وأمني ضعيف ومرهق لا حول له ولا قوة هو المسؤول عن هذه الحرب المجرمة. من يرفض الاعتراف بالقوانين الدولية والقرارات الأممية  هو  المسؤول عن هذه الحرب السوداء.
 
القوات الفلسطينية الرسمية- كما يرى البعض- تقيدها حدود الاتفاقيات والإمكانيات، ومعظم  الفصائل الفلسطينية - كما يرى البعض الآخر - تخلت فعليا عن الكفاح المسلح وانخرطت في أتون عملية السلام  وتحول روادها  إلى زعماء وموظفين برره. الأمر الذي  أتاح الفضاء لشباب صغار لا حاضنة  ولا خبرات ولا إمكانيات عندهم لتولي المهمة الصعبة.

تفضلوا :ماذا نجيب (فتحاويا ) على الناس المدنيين الذين يطالبونا  تنظيميا ورسميا أن نحميهم من بطش وجرائم جيش المستعمرين. من يدافع عن الجماهير ومن  يحميها في ظل ضعف إمكانياتنا وعجزنا؟ من يمنع  العذاب عن أفراد شعبنا وكل مساحات الضفة  الغربية خارج سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية؟ أنقول لهم: موتوا بصمت وهدوء أو قاوموا المعتدين  بالعصي والرايات البيض فقط أو انتظروا المقاومة السلمية والشعبية لتصحو من نومها. من يستطيع إقناع  إسرائيل بالسلام الذي قبلناه مجبرين، ويوفر الأمن والأمان والكرامة لشعبنا الفلسطيني في أرضه المحتلة؟ متى سيتمكن الفلسطيني من خلق توازن بين قواه  المحدودة وقوة عدوه العسكرية  اللامتناهية لكي يأخذ القرار بحماية شعبه؟! أضعنا شعبنا وفتحنا بين  دهاليز السلام المقتول والنظام السياسي الفلسطيني غير كامل الأركان والدولة المستقلة شكلا والوطن المحتل  فعلا.
 
نرفع آية "{وَلا تُلْقُوا  بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وننسى آية { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } !و نرفع شعار السلاح الواحد وهناك مليون بندقية في أيدي المستعمرين! نرفع شعار السلام خيارنا الوحيد  والطرف الآخر يقول: لا نعترف بالشعب الفلسطيني ولن نسمح  له بإقامة أي كيان فلسطيني مستقل، وأرض الميعاد هي ملك للشعب اليهودي من البحر إلى النهر". 

 دم فتح وروحها في عنق أركان السلطة الوطنية الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة فتح اللتين  تتركان الخطاب والمسؤولية الإعلامية والتنظيمية لمن أراد سبيلا ولمن هب ودب. ارحموا تاريخ وشهداء وجرحى وأسرى وجمهور حركة فتح: أمل شعبها وجسرهم  نحو الحرية والكرامة الوطنية، حولناها إلى حزب سياسي  وجلسنا نتغنى في  بوصلتها  الأساس.

كل فصائل التيار الإسلامي الفلسطيني هم  من أبناء شعبنا، نختلف معهم في فكرهم ومنطلقاتهم  واستراتيجياتهم وتكتيكاتهم وتحالفاتهم ومشاريعهم وقراراتهم السياسية والكفاحية،  وتفاصيل وتبعات حكمهم في قطاع غزة، ولكن من المعيب أن نضعهم في خانة الخونة والعملاء والجواسيس والمأجورين. سياتي يوم  لا محالة لمراجعة تجربتهم وتقييمها من قبل الحركة الوطنية الفلسطينية ووضع ما عليهم ولهم في ميزان التاريخ والشعب ومصالحه.

جميع مكونات الحركة الوطنية والإسلامية  الفلسطينية  في أزمة: فريق  السلام وفريق الحرب أيضا، وإذا لم يتوحد الشعب الفلسطيني جميعا ويقف صفا واحدا في مواجهة حركة صهيونية عالمية  وكيان إسرائيلي يمتلك كل منهما  القدرات والامكانيات والدعم الكبير، فإننا في الطريق إلى الهزيمة لا محالة. وإذا لم تراجع  الحركة الوطنية والإسلامية الفلسطينية جمعاء واقعها الصعب فإننا في الطريق إلى هزيمة ونكبة ثانية لا محالة. وفتح  لم تتخلى يوما عن شعبها وواجبها وقدمت الغالي والنفيس من أجلهم، دمها وروحها وعمرها ووجودها يكمن  في تعبيرها عنهم قلبا وقالبا. وأخيرا إذا كانت حركة فتح بخير فإن الحركة الوطنية الفلسطينية جمعاء بخير،  وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها  الوطنية  بخير أيضا.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.