ذكرى انتفاضة الاقصى
مقالات

ذكرى انتفاضة الاقصى

 في مثل هذا اليوم قبل 24 سنة كنت في غزة ذهبت في اليوم السابق الى غزة لمقابلة الرئيس الراحل ابو عمار لبحث بعض  الامور قابلته ليلا وتحدثنا مطولا حول الاوضاع بعد زيارة شارون الاستفزازية للمسجد الاقصى فقال" انا رجوت باراك الا يسمح بهذه الزيارةلأنها ستفجر الوضع  بل ذهبت اليه في بيته في كوخاب يائير  قبالة جيوس فرفض" كان الراحل منفعلا وغاضبا بسبب توتر الوضع خاصة بعد الحملة الاميركية عليه بعد فشل محادثات كامب ديفيد واختراع كلينتون تعبير ان عرفات ليس شريكا وتلقف الاحتلال الوصف واعتبروه عقبة في طريق السلام وارهابيا.

في تلك الليلة  طلبت من الرئيس ان يسمح    برفع  سعر الجريدة   من شيقل الى شيقل ونصف فرفض فورا وقال انت بتعرف ان الشيقل بيعشي عائلة خبزا في غزة!في صبيحة اليوم التالي توجهت الى ساحة فلسطين لأركب سيارة الى حاجز ايرز واتصلت بمراسلنا في القدس عيسى الشرباتي وطلبت منه المرابطة في المسجد الاقصى مع كاميرته تحسبا لما سيحدث بعد صلاة الجمعة وقلت في نفسي انني احتاج الى فطور لأنني ساصل مكتبي مع موعد الصلاة لأكون مستعدا للأحداث المتوقعة ، فدخلت مطعما في الساحة وتناولت صحن حمص مع بصل وفلفل وكان السعر شيقلين بينما كان في رام الله سبعة . فأدركت ان الرئيس ابو عمار يعلم وضع الشعب في غزة .

عند وصولي الى الجريدة بدأت الاحتجاجات في المسجد الاقصى وفتح الاحتلال النار على المصلين وكانت المجزرة التي اشعلت الانتفاضة الثانية التي خاضها شعبنا وقواته   دون تردد . كان عرفات عنوان الانتفاضة  والعدو في نظر اميركا والاحتلال  وهم اي الاميركان سبق ان حذروه بعد رفضه التنازل عن اي شبر في القدس انه سيعود الى مقره وسيكون معزولا ولا احد يتصل بهمن الزعماء العرب . وهذا ما حدث فعلا الى ان إغتيل رحمه الله .  

الآن نذكر بعض المناضلين العدميين بالانتفاضة الثانية التي كان عمادها قوات الامن الوطني التي يوجه لها العدميون الشتم والاتهام يوميا لأنها ترفض الدمار لمدننا وقرانا ومقرات السلطة كما حدث سابقا ولأنها لم تعد مجهزة بالذخيرة كما في السابق فلا رصاص في مخازنها الفارغة ولأننا نعلم ان نتنياهو وجه انذارا علنيا بعد هجوم اكتوبر انه في حالة اطلاق اي مركز امني فلسطيني  رصاصة فإن طائراتنا في السماء. 

سبق للسيد حسن نصر الله رحمه الله  ان قال بعد حرب 2006 التي اذاق فيها الاحتلال المر انه لو كان يعلم ان الاحتلال سيدمر البنية التحتية اللبنانية والمدن ما كان خاض الحرب واظن ان السنوار لو توقع ما سيحدث في غزة لما اقدم على هجومه ولربما طوره بشكل اكبر لأن خنجره غرز في بدن  الجيش الاسرائيلي بسهولة في البداية وكان بوسعه ان يصل تل ابيب .

ولعل فزعة حزب الله لدعم غزة كانت من منطلق ان الحزب اقوى من ذي قبل لكن الاحتلال الماكر كان يستعد منذ عقود لهذه الحرب واعد العدة والجوسسة والمعلومات والتكنولوجيا  التي امده بها عرب واجانب وحلف الناتو وغيرهم  حتى بدا وكأن كل عنصر في حزب   يحمل جهاز تتبع  لموقعه لقصفه او تفجيره  فمن اسهل الامور ان يتسرب العملاء الى الاحزاب الدينية يكفي التدين السطحي واطلاق اللحية وحفظ مبادئ الحزب والسمع والطاعة فقد كان جلاد الثورة في ثورة 36 الحاج محمد وكان   يتهم الثوار بالعمالة ويحكم عليهم بقوله ان كنت بريئا فستذهب للجنة وان كنت مذنبا فالى النار، وتبين بعد ذلك وبعد فرار الحاج  تبين انه يهودي يمني تسلل الى الثورة .

وقد استعد نتنياهو منذ سنة 2017 لتوجيه ضربة صادمة لحماس لاضعافها كما اعلن مرارا وكان   ينتهز الوقت لتوجيهها وكانت هجمة السنوار استباقية ليس الا.إذاً نحن لا نعيش مرحلة افول المقاومة لأن الاحتلال باق لكن ربما نشهد افول انظمة وتنظيمات لولادة ما هو عربي وإن طال ، فالاحزاب الدينية تفشل لأنها لم تمزج ايديولوجيتها الحزبية بما هو قومي كحزب العدالة التركي المعتز بتركيته وقوميته والنظام الحاكم في ايران المعتز بقوميته الفارسية بينما الاحزاب الدينية العربية نشأت على مبدأ مقاومة الشعور القومي العربي   ولا حزب اسلاميا عربيا يعتز بعروبته بل يخضع لقوميات اجنبية.

بقي ان نقول ان نتنياهو منذ عقود يصوب بندقيته نحو الرئيس ابو مازن وجاهر علنا في الامم المتحدة  فهم لا يفهمون سوى لغة الإبادة  وليس في قاموسهم كلمة سلام .حمى الله شعبنا في الضفة وانقذ شعبنا في غزة من كمائن الاحتلال وداعميه. وحمى الله لبنان من العدوان المستمر عليها.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.