السعودية والبحث في المستقبل 
مقالات

السعودية والبحث في المستقبل 

 على مدار يومين، عقد تحالف حل الدولتين عاصمة المملكة العربية السعودية "الرياض"، وفقاً لوعد أعلنه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قبل شهر تقريباً، من أجل تنفيذ حل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية، ولتدشين مرحلة جديدة بمسار سياسي سعودي استراتيجي يقود الحراك العربي والإسلامي عبر صفقة شاملة تحقق السلام في المنطقة، ويعيد بوصلة التوجهات السياسية التراتبية لحل الصراع العربي الإسرائيلي بالتأكيد على إقامة الدولة الفلسطينية ومن ثم إقامة التطبيع "السلام" أي عدم القفز عن حل الصراع الأساسي المتمثل بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. 
يأتي هذا التحرك كمحاولة استباقية، بجمع عدد كبير من الدول في قارات العالم المختلفة، لمواجهة تحديين ماثلين؛ يتمثل الأول بالصراع الدامي وحرب الإبادة التي تشنها الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة والحرب على لبنان، وكأن الحكومة السعودية تقول إن الحدث القائم يحتاج للتفكير ليس فقط بحلول مؤقتة على أهميتها مثل إنهاء الحرب والعدوان الإسرائيلي لكن ينبغي البحث في المستقبل والحل الذي ينهي الصراع أو دوامة الصراع من جذوره ووقف ما يمكن أنْ يثيره مستقبلا. فيما الثاني التخوفات من عودة الرئيس الأمريكي الفارط دونالد ترامب إثر الانتخابات الرئاسة الأمريكية في الخامس من الشهر الحالي، والعودة معه لصفقة القرن التي طرحها نهاية عهده الرئاسي الفارط؛ المنحازة لصالح أحلام نتنياهو الأيديولوجية ليس فقط بمنع إقامة دولة فلسطينية بل أيضا بخلط واقع الشرق الأوسط بما فيه العودة لمفهوم الوطن البديل. 
 
في ظني، تأتي عودة الحكومة السعودية في إطار تعزيز قدرتها الإقليمية للعب دور محوري في قيادة العالمين العربي والإسلامي، وجهودها الحديثة لتكون عنصر جذب مركزي ليس فقط في المجالس السياسي بل أيضا الاقتصادي بعد إحداث تحولات جذرية في البنى الثقافية والاجتماعية داخل المجتمع السعودي من جهة، والرغبة في تنويع مصادر ثروتها من جهة ثانية، وسحب ورقة القضية الفلسطينية من يد أقطاب الإقليمية من جهة ثالثة، وإتاحة الفرصة للازدهار في المنطقة دون صراعات مفتوحة والتحول لقطب اقتصادي جاذب للاستثمار في المنطقة من جهة رابعة. 
من نافل القول إن البحث في المستقبل لهذه المنطقة مليء بالآمال كما هو محفوف بالمخاطر في ظل حكومات إسرائيلية راغبة في التوسع الاستعماري والعبث في المنطقة بتغيير طابعها الديموغرافي والجغرافي ما يشعل المنطقة ويدمرها بدلاً من التوجه القائم على مبادئ العدالة ومنح فرص للازدهار والبحث عن المستقبل للمنطقة. لكن عقد الاجتماع الأول لتحالف تنفيذ خيار حل الدولتين في العاصمة الرياض يأتي في طريق السير للأسرة الحاكمة كمبادر وراعي للمبادرات السياسية في المنطقة ولدورها في العالمين العربي والإسلامي. يبدو أن القيادة السعودية الحالية تحاول أنْ تستكمل الحوّزَ على المكانة الإقليمية كلاعب فاعل ومؤثر في صياغة مستقبل المنطقة وإحلال السلام والازدهار فيها.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.