فرض القانون الإسرائيلي أخطر من الضم وفرض السيادة
كنا قد استعرضنا في مقال سابق الفرق بين الضم وفرض السيادة. في مقالتنا هذه سنستعرض أخطر الخيارات المطروحة على طاولة النقاش في دولة الاحتلال بحيث يتم استبدال فكرة الضم أو فرض السيادة الإسرائيلية على جزء من الأراضي المحتلة بتطبيق القانون/ القوانين الاسرائيلية بشكل كامل أو تدريجي على المناطق المزمع تنفيذ خطة ترامب عليها.
يرتكز النقاش على فكرة بسيطة وخطيرة جدا تقول في حال الضم أو فرض السيادة سيقوم العالم على اسرائيل وسيسبب لها مصاعب جمة.
عليه فان هناك تجربة خاضها الاحتلال خلال العام 2018 من خلال تبني الكنيست جملة من القوانين التي فرضت بموجبها اسرائيل جزء من قوانينها على الاراضي الفلسطينية المحتلة بالكامل ولم تقم السلطة الوطنية الفسطينية بأي خطوات مؤثرة ردا عليها ولم تضرر العلاقة الاسرائيلية الاردنية.
للتذكير فإن اسرائيل أقرت في عام 2018 من خلال الكنسيت عدد كبير من القوانين الخاصة بالأراضي المحتله منها القانون الأساس للقدس الموحدة عاصمة اسرائيل المعدل، وقانون احتجاز جثامين الشهداء، وقانون سحب الاقامة الدائمة من اهالي القدس والجولان وقانون خصم مخصصات رواتب الاسرى والشهداء والقانون الأساسي باعتبار اسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي وقانون منع فلسطينيي الضفة الغربية من رفع دعاوى مباشرة أمام المحكمة الاسرائيلة العليا وقانون منع مضاعفة تخفيض فترات الاعتقال للاسرى الفلسطنين في سجون الاحتلال الصهيوني وقانون منع تقليص فترات سجن الاسرى الفلسطينين وقانون سلب ونهب الاراضي الفلسطينة بملكية خاصة (قانون التسوية) الذي تم الطعن فيه لدى المحكمة الاسرئيلية العليا من قبل مركز القدس للمساعدة القانونية ومؤسسة عدالة .
ماذا يعني فرض القانون/ أو القوانين الاسرائيلة على جزء من الاراضي المحتلة أو على جميع الاراضي المحتلة؟
ان تبنى الكنيست مشروع قانون تمكين دولة الاحتلال من فرض القانون الاسرائيلي على الضفة يعني ان مشروع القانون- في الغالب- سينفذ على الارض والسكان بما فيها المناطق المصنفة (جيم)، وهذا باعتقادي أمر مستبعد. وقد يكون هناك تشريع صادر عن الكنيست يفرض القانون الاسرائيلي على غور الاردن والمستوطنات دون المناطق الفلسطينية الموجوده في المنطقة، وهذا امر يبدو ممكنا الى حد ما.
في الغالب فان الاحتلال يتجه نحو فرض القوانين الإسرائيلية وهذا أخطر احتمال حيث سيقوم الاحتلال بتشريع سلسلة كبيرة من القوانين كالتالي ذكرناها آنفا وتصبح نافذة بحق الفلسطينين والاسرائيليين في كل الضفة الغربية وليس فقط في المستوطنات والمناطق المصنفة (جيم).
إن فرض القانون/ القوانين القوانين الاسرائيلية سيؤدي الى تحقيق النتائج الاستراتيجية التالية من وجهة النظر الاسرائيلية:
1- سيتم سحب الذرائع من السلطة الوطنية الفلسطنية والاردن وسيدعي الاسرائليون بأنهم قاموا خلال سنوات الماضية بمثل هذه الخطوات ولم تكن هناك اي خطوات احتجاجية من الجانبين الفلسطيني أو الأردني.
2- إن فرض القانون / القوانين الاسرائيلية سيعزز السيطرة الاسرائيلة التدريجية والمحكمة بدون اي تكلفة سياسية حقيقة على اسرائيل ولنا في التشريعات الصادرة عن الكنيست في العام 2018 وما قبلها وبعدها خير دليل على ذلك.
3- إن جوهر ومضمون فرض القانون / القوانين الإسرائيلية هو غسيل للكلام حيث انه يعني أن إسرائيل قامت بالضم الفعلي وفرض السيادة الفعلية ليس فقط على اجزاء من الضفة بل على الضفة كاملة وما القوانين التي ذكرناها آنفا الا مؤشرا على صحة ذلك.
4- ان فرض القانون/ القوانين الاسرائيلية تعني أن دولة الاحتلال قد فرضت في واقع الحال سيادتها على كل مناطق المحتلة دون ان تغير الواقع القانوني للمواطنين الفلسطنين ودون اي اثار مالية أو قانونية على دولة الاحتلال.
5- أي إن جميع المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية بغض النظر عن مكان سكناهم لن يحصلوا على الجنسية الإسرائيلية ولا على الإقامة الدائمة كما هو حاصل مع أهلنا في القدس بل سيبقون يحملون الهوية الخضراء ويخضعون لقوانينهم المحلية (أي يمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا دون الأرض) وهذا يحقق رؤية بيغن في اتفاقيات كامب ديفيد.
6- إن فرض القانون /أو القوانين الاسرائيلية يعني أن كافة المستوطنين سيصبحون خارجين عن سيطرة الجيش ويخضعون للقانون الاسرائيلي، بينما سيبقى المواطنون الفلسطنيون تحت قبضة الجيش والقوانين الاسرائيلية والادارة المدنية الاحتلالية.
7- فرض القوانين الاسرائيلية سيحد من قدرة الشاباك على الاعتقال للمستوطنين بموجب الاوامر العسكرية ومنها الاعتقال الاداري بحقهم كما هو حاصل الان.
8- أن فرض القوانين الاسرائيلية سيضع الفلسطينيين في أزمة تشريعية وقانونية وسياسية غير مسبوقة بحيث ستصبح التشريعات الفلسطينية في مهب الريح وان أي تشريع اسرائيلي سيسمو –للأسف-على أي تشريع فلسطيني.
يجب علينا التنبه لهذه الخطوة وخطورتها، إنها محاولة لغسل الكلام بحيث يبدو ما يقومون به فرض للقوانين الإسرائيلية بشكل محدود إلا أن جوهرها هو ضم وفرض للسيادة، فهي أشد فتكا واسهل تسويقا من قبل الاحتلال، لذا على القيادتين الفلسطينة والأردنية ان تتنبه لخطورة هذه الخطوة وتداعياتها ، ويجب علينا ايضا أن نبدأ برصد كافة التشريعات التي صدرت والتي حولتنا الى رهائن للمشرع الإسرائيلي بحيث نطلق حملة دبلوماسية وسياسية وقانونية ضد هذا السيناريو كما أطلقت القيادة الفلسطينية حملة مرفقة بجملة من الخطوات لمواجهة الضم وفرض السيادة ومن الأهمية بمكان العمل على تجميد جزئي أو كلي لأية قوانين إسرائيلية قد صدرت في الأعوام السابقة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالنتيجة غسل الكلام الإسرائيلي يجب ألا يمر لا علينا ولا على المجتمع الدولي.