استراتيجيات هامه لمحاربه الفساد
مقالات

استراتيجيات هامه لمحاربه الفساد


نسمع ونطالع في وسائل الاعلام وفي التقارير الرقابيه الدوليه الرسميه والاهليه الصادره عن المؤسسات التي  تعنى بالنزاهه والشفافيه  المحليه والعالميه الكثير عن حالات  الفساد المستشري في العديد من دول العالم وبالتالي وجدت لزاما علي ان اشارككم خبرتي المتواضعه في محاربه الفساد  بحكم الاختصاص وخبرتي العمليه رئيسا لديوان الرقابه الماليه والاداريه في فلسطين  ومشاركتي في العديد من المؤتمرات  المحليه والدوليه المتعلقه بالحوكمه وتعزيز النزاهه والشفافيه ومحاربه الفساد حيث شاركت في مؤتمرات عده عقدت في رام الله وأريحا والسويد و الصين وفيتنام  جمهوريه مصر العربيه والكويت وسلطنه عمان.محاربه الفساد واجتثاثه ليس بالمستحيل فعلى سبيل المثال هونج كونج والتي تاسست عام 1974حيث كانت قبل ذاك مستعمره بريطانيه كان الفساد مستشريا فيها بشكل  منظم لدرجه انه اصبح نمط حياه ، وبالتالي ساد الفساد على مستوى عال بتغطيه وحمايه  من مؤسسات الاجرام المنظم .هذا ومنذ ان تاسست المفوضيه  المستقله لمحاربه الفساد في هونج كونج حيث شكك  الشعب في حينه  في قدره المنظمه على محاربه الفساد واجتثاثه. ولكن في مده لم تتجاوز الثلاث سنوات تمكنت المفوضيه  في هونج كونج من اجتثات الفساد من جذوره واعتقال المئات من  المسؤؤلين المدنيين والعسكرين وزج بهم في السجون .لقد تحقق النجاح في هونج كونج من خلال:
1.اجتثاث كافه اشكال الفساد من مؤسسات الدوله حيث كان الفساد مستشري بشكل خفي وبين مجموعات محدوده
2. اجراء انتخابات حره ونزيهه
3.دعم وتعزيز قناعات الشعب بان لا تساهل مع الفساد ايا كن نوعه وشكله وتعزيز كافه اشكال محاربته
4.جاهزيه الشعب لمحاربه كافه اشكال الفساد من خلال الابلاغ عن الفساد والحضور لادلاء شهاداتهم في المحاكم واظهار أسماء المخبرين في التقارير اذا لزم الامر.
5.دخول هونج كونج شريك فاعل مع المنظمات الدوليه لمحاربه الفساد.
.6 احتضان وعقد هونج كونج للعديد من المؤتمرات الدوليه التي تعنى بمحاربه الفساد .
لا شك ان نجاح هونج كونج شكل قصه نجاح يبنى عليها حيث رافق عمليه اجتثاث الفساد تغيير وتحول في الثقافه  في هونج كونج.
قبل التطرق الى الأليات والاستراتيجيات ارجو التأكيد على انني لا ولم أقصد من خلال مقالتي دوله او حكومه محدده ولكن بحكم الخبره والاختصاص العلمي اضع بين ايديكم خطوطا عريضه لمنع و مكافحه الفساد.
لا يوجد حل سحري واحد ومحدد لاجتثاث الفساد في الدول.عمليه اجتثاث الفساد ومحاربته تتطلب خطه استراتيجيه محكمه وشامله بحيث تضمن: 
أولا:اجراء مسح شامل للبيئه الداخليه و الخارجيه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والثقافيه والقانونيه.
على صعيد البيئه السياسيه : يتطلب الامر
-     ضروره توفر اراده سياسيه لمحاربه الفساد
تدخل من طرف الحكومه في عمليات التحقق و التحقيق في محاربه الفساد
المعرفه والتأكد من وجود فساد على صعيد النظام 
مدى وجود دعم وجاهزيه من القضاء والمشرعين لمحاربه الفساد
مدى كفايه  نظام المساءله و المحاسبه الشفافيه في المؤسسات الحكوميه.
على الصعيد الاقتصادي: يتطلب الامرمعرفه
 ما اذا كان فقر الدوله يعود لاسباب تتعلق بالفساد
مدى كفايه الرواتب بالنسبه للموظف الحكومي مقارنه مع رواتب موظفي القطاع الخاص
مدى تخصيص الحكومه للميزانيات المتعلقه بمحاربه الفساد.
مدى وحجم الفساد في مؤسسات القطاع الخاص.
على الصعيد الاجتماعي: يتطلب الامرالتأكد من
فهم طبيعه الاتجاه العام السائد تجاه الفساد 
مدى استعداد وجاهزيه الشعب لرفع التقارير والابلاغ عن قضايا الفساد سرا وعلانيه.
طبيعه الاتجاه السائد لدى الشعب حول فاعليه الحكومه في محاربه الفساد
مدى تعزيز مبادئ النزاهه والحكم الرشيد من خلال طرح مساقات ودورات متخصصه متعلقه بتعزيز النزاهه والششفافيه و محاربه الفساد.
هل للاعلاام دور فاعل في محاربه الفساد وتعزيز النزاهه والشفافيه
على الصعيد القانوني: يتطلب الامرالتأكد من
مدى فاعليه القضاء والقوانين المتعلقه بمحاربه الفساد
مدى كفايه القانون الانتخابي ودوره في محاربه الفساد
مدى وحجم التوازن  بين حقوق الانسان والتعزيز الفاعل في محاربه الفساد ومدى ملاحقه ومحاكمه الفاسدين وحمايه الابرياء
التأكد من طبيعه المعايير والوضع الذي يتمتع به القضاه والمدعين العامين
هذه الامور جميعها ما هي الا مجرد خطوط عريضه للمساعده في تفحص وتحليل البيئه في الدول لمعرفه الدور و التوجهات في محاربه الفساد و المعيقات التي تحول دون ذالك .
 ثانيا:اجراء مسح شامل للبيئه الداخليه
المسح الشامل للبيئه الداخليه ويشمل:
1.    الانظمه : مدي كفايه وفاعليه الانظمه وهل تعززالانظمه والقوانين الكفايه والفاعليه في محاربه الفساد  والاليه الموجوده  لذالك.
2.    عمليه مطالعه وتعزيز القرارات و متابعه ومطالعه النتائج  ودور الجهاز التنفيذي  ومدى توفرالانظمه لضمان السريه  والحمايه للمبلغين وتحقيق النزاهه في  التحقق و التحقيق في مكافحه الفساد وان تكون الغايه التحقق  وليس التصيد في حالات الفساد.
2. العاملين:على صعيد العاملين ضروره التأكد من مدى توفر النزاهه والمهنيه في عمليات الاستقطاب والترقيه وانهاء الخدمه  ومدى توفر انظمه الرقابه الداخليه التي تضمن نزاهه العمل الحكومي ونزاهه العاملين والطاقم التنفيذي في مؤسسات ووزارات الدوله.
3. المهارات:مدى توفر وتحديد المهارات المطلوبه لتنفيذ المهام  بالشكل المطلوب ومدى توفر التدريب المتعلق بالنزاهه والشفافيه في عمل المؤسسات بكافه اشكاله لضمان مهنيه الطاقم التنفيذي بالاضافه الى مدى توفر الخدمات والحوافز الداعمه والمشجعه  للمهنيه في العمل.
4: الهيكليه:مدى تعزيز المكاتب وتصميمها لمحاربه الفساد ومدى تحقيق الهيكليات المعتمده للمهنيه بالاضافه الى مدى ضمان وتحقيق هذه الهيكليات  للمحاسبه الاشرافيه. 
5: ألتاكد من نمط الاداره السائد ومدى جاهزيته و تعزيزه للاتصال والاستشارات المهنيه الفاعله
6. وجود خطه شامله للمنظمه لمحاربه الفساد مع وضوح الاجرأأت و الاستراتيجيات
هنا لا بد من التأكيد على ان لا تتم عمليه  محاربه الفساد بموجب ردات فعل بل بموجب خطوات  استباقيه  مع التأكد من مدى توفر ووجود مع منظمات و مؤسسات عامه وخاصه  لمحاربه الفساد مع ضروره وجود استراتيجيه واضحه في التعامل مع وسائل الاعلام المختلفه. 
7. القيم المشتركه . ضروره وجود قيم مشتركه لمحاربه الفساد. ألقيم تعني العادات والاعراف و الأخلاقيات و المبادئ التي نستخدمها ونمارسها في حياتنا اليوميه.  

الاستراتيجيات المطلوبه لمحاربه الفساد على صعيد الدول تتطلب:
ضروره ادراك بانه لا يوجد حل سحري واحد لمحاربه واجتثاث الفساد ,لكن هناك عده امور اساسيبه يجب توفرها:
ألاستراتيجيه الاولى: استراتيجيه  الردع وتشمل:
- تعزيز دور التعليم العام في محاربه الفساد
- تعزيز دورالمؤسسات المختلفه في محاربه الفساد
الاستراتيجيه الثانيه: تعزيز دور المؤسسسات في محاربه الفساد
اظهارمدى جاهزيه و تصميم اجهزه الدوله الرسميه على محاربه الفساد بكافه اشكاله الامر الذي سيعزز ثقه المواطن والجمهور بمؤسسات الدوله. بالتاكيد يتطلب الامر رصد الموازنات وتوفير الامكانات لذالك.
الاستراتيجيه الثالثه: توقير طاقم مهني متخصص لمواجه ومحاربه الفساد ويتطلب ذالك
 - وجود طاقم مهني متخصص ومتدرب في محاربه الفساد.هذا  بالتأكيد يتطلب مهنيه في التحقيق وقدره على حمايه المبلغين وقدره مهنيه على استخدام الحاسوب ومهاره وقدره على التحقيق في الامورالماليه والطب الشرعي.
الاستراتيجيه الرابعه: استراتيجيه ردع فاعله وتشمل:
- وجود نظام شكاوى فعال يعمل على مدار الساعه بحيث يحمي المبلغين عن الفساد مما يشجع عمليه الابلاغ عن الفاسدين والمفسدين.
- ضروره الاستجابه الفوريه لكل حالات الابلاغ عن الفساد بحيث يتوفر طاقم جاهز على مدار الساعه.
-عدم التساهل في التعامل مع حالات الفساد بمعنى اتباع سياسه عدم التسامح مع ضروره الاخذ بجديه لكل التقارير التي ترد وتبلغ عن الفساد.
- جود نظام مطالعه لضمان سير كل التحقيقات بشكل سريع و مهني .
- بث ونشر أي قصص نجاح في محاربه الفساد من خلال وسائل الاعلام المختلفه للتأكيد على مدى الجديه والفاعليه لردع وكشف حالات الفساد.
ألاستراتيجيه الخامسه:وجود استراتيجيه فاعله لمنع الفساد وتتطلب:
- تعزيز انظمه الرقابه بكافه اشكالها قبل واثناء وبعد
- تعزيز قيم النزاهه لدى الطواقم العامله
- تحديد وتسلسل الاجراأت 
- ضمان اجراءأت الاشراف والتفتيش والرقابه 
- ضمان وترويج مدونات السلوك لدى الموظفين بحيث تتوفر بحجم معقول ومناسب مما يسهل على الموظف العام  اقتنائها وحملها باستمرار.
الاستراتيجيه السادسه:استراتيجيات تعليم متنوعه وفاعله وتتضمن:
-تعزير دور وسائل الاعلام في تعزيز وفضح حالات الفساد من خلال اللقاءات والمؤتمرات الصحفيه والتلفزيونيه
-التطرق لقصص نجاح في محاربه الفسادو بثها من خلال لقاءات وحلقات تلفزيونيه
- تـطوير وتعزيز دور وسائل الاعلام في منع وفضح حالات الفساد من خلال توفير وتمويل اعلانات وبرامج مدفوعه لتعزيز الوعي وتشجع المواطن على الابلاغ عن حالات وشبهات الفساد الامر الذي يعزز ثقه  المواطن في الابلاغ عن الفساد و التعاطي مع وسائل الاعلام
- توفير مساقات علميه وبرامج تعزز اخلاقيات التعليم بدءا من مدارس رياض الاطفال وصولا للجامعات.
- استحداث انديه على مستوى المدارسلتقوم باعمال تطوعيه على صعيد المجتمع لاغراض التوعيه بمحاربه الفساد والابلاغ عنه وفضحه.
-عقد مؤتمرات متعلقه بمحاربه الفساد.
-اصدار كتيبات متخصصه بالممارسات الفضلى لمنع ومحاربه الفساد
- الشراكه والتعاون مع القطاع الخاص لايجاد مراكز تطوير اخلاقيات الاعمال
- توفير مدونات السلوك لدى العاملين
- عقد معارض  ولقاءات واجتماعات وبرامج تلفزيونيه لايصال ثقافه ورساله مجتمع نظيف خال من الفساد.
الاستراتيجيه السابعه: تعزيز دور القانون في التعامل مع حالات الفساد
الاستراتيجيه الثامنه: وجود اليات متابعه ومطالعه من خلال انشاء لجنه خاصه تقوم بالنظر في التقارير المتعلقه بالفساد والتحقيقات التي تمت  للتأكد من عدم الازدواجيه في التعامل والتعاطي مع حالات وقضايا الفساد.
هذا ولا بد من التذكير ان الفساد في القطاع الخاص لا يقل خطوره عن الفساد في القطاع العام.فعلى سبيل المثال الفساد في المؤسسات الماليه كمؤسسات الاقراض والبنوك يخلق حاله من الارباك وعدم الاستقرار في الاسواق ويفشل المساعي للتنميه كما وان الفساد في قطاع العمران و البناء والانشاات والطرق  مثلا قد يؤدي الى خطوره وكوارث ويحد من الاستثمارات الخارجيه.
ألاستراتيجيه التا سعه: الشراكات مع كافه المؤسسات والقطاعات مع ألتأكيد على ان محاربه ومنع  الفساد مسؤؤليه الجميع الصغيروالكبير وبالتالي يتحمل ألجميع المسؤؤليه.
اخيرا وليس اخرا محاربه الفساد تتطلب الاسقلاليه والاراده السياسيه مع توفير الموارد اللازمه لمنع ومحاربه الفساد.
وفي النهايه لا بد من التأكيد على عدم وجود حل واحد لمحاربه الفساد غير ان النجاح يتطلب الدعم من القياده السياسيه في الدوله. كما وان كل دوله لها خصوصيتها وظروفها الخاصه وبالتالي عليها تمحص و تفحص الظروف المحيطه بها لكي تخرج باستراتيجيه شامله تضمن عده محاور وهي: ردع الفساد،منع الفساد، والتعليم والتوعيه بمخاطر الفساد كما واوصي بأن تعمل بل تضمن كل دوله تخصيص هيئه مستقله متخصصه لمحاربه الفساد تتضمن مهامها التنسيق والتنفيذ للاستراتيجيات اللازمه  بحيت تلقى هذه المؤسسه الدعم والاسناد الكافي من المجتمع المحلي لتمكينها من دورها في منع ومحاربه الفساد بكافه اشكاله.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.