ما هي الضمانات لاستكمال المرحلة الثانية من تبادل الأسرى؟
بعد تنفيذ المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، يبرز السؤال الأهم: ما الضمانات لاستكمال المرحلة الثانية دون أن يعرقلها نتنياهو؟ بناء على فكره والمتطرفين معه، جميع المعطيات تشير إلى أن رئيس وزراء الاحتلال يراوغ في تنفيذ أي اتفاق قد يحدّ من قدرته على استمرار الحرب، التي أصبحت وسيلته الوحيدة للبقاء في الحكم، ومع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة للمرة الثانية الذين يدعم حرب الابادة في فلسطين ومع اسرائيل بلا حدود، ومن خلال لقائه الأخير مع نتنياهو، تتصاعد التساؤلات: هل سيدعم ترمب نتنياهو في العودة لحرب الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية؟
لماذا يخشى نتنياهو تنفيذ المرحلة الثانية؟
تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة يعني وقفاً أطول لإطلاق النار، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وربما فتح الباب أمام حلٍّ سياسي أوسع، وكل هذه الأمور تتعارض مع مصالح نتنياهو السياسية:
•بقاء الحرب يعني بقاؤه في السلطة، بينما إنهاؤها يعيد الضغوط الداخلية عليه، سواء من معارضيه أو من المحكمة التي تنتظره بتهم الفساد وتهمة تحمله مسؤولية السابع من اكتوبر.
•اليمين المتطرف الإسرائيلي يعارض أي تهدئة، ويرى أن الحرب يجب أن تستمر حتى تحقيق “نصر كامل”، وهو أمر مستحيل عسكرياً لكنه يضمن استمرار الدعم له وعدم سقوط حكومته.
• نتنياهو يدرك أن المقاومة لا زالت موجودة ولديها امكانات لاستمرار المواجهة، وأنه بحاجة إلى مزيد من الوقت لمحاولة اخرى رغم انه و قادة جيشه يعلم انه استخدم كل ما يمكن استخدامه وفشل وسيفشل من انهاء فكرة المقاومة ما دام هناك احتلال وظهرت لهم بوضوح من خلال استمرارها بعدة أشكال وعدة مواقع من رفح حتى جنين ولكن يحتاج وقت حتى يدخل الكنيست في إجازته السنوية وبالتالي تستمر حكومته فترتها الكاملة.
ما الضمانات لمنع إفشال المرحلة الثانية؟
أمام هذا الواقع، لا يمكن للمقاومة أن تخوض هذه المرحلة دون ضمانات واضحة تمنع الاحتلال من التهرب أو استغلال الصفقة لمصلحته وتحتاج لذلك عدة ضمانات:
1. اتفاق مكتوب برعاية وضمانات دولية:
• أي صفقة يجب أن تتم برعاية قوى دولية مؤثرة مثل الأمم المتحدة، روسيا، الصين، تركيا، وقطر، لضمان عدم انقلاب نتنياهو عليها.
• يجب أن يتضمن الاتفاق آلية واضحة لتنفيذه ضمن جدول زمني ملزم.
2. وجود آلية رقابة دولية:
• يجب فرض آلية رقابة دولية تشرف على التنفيذ، وتضمن عدم خرق الاحتلال للاتفاق، كما حدث في اتفاقات سابقة.
• يمكن أن تشمل هذه الآلية مراقبين دوليين على الأرض لمنع أي خداع إسرائيلي بشرط أن لا تكون أمريكا طرفا مسيطراً عليها .
3. إجراءات ميدانية تحصّن المقاومة:
• المقاومة يجب أن تبقى في حالة استعداد كامل، وألا تقدم أي تنازل يمكن أن يضعف موقفها.
• الاحتفاظ بأوراق القوة، مثل الأسرى، حتى التأكد من التزام الاحتلال بكل بنود الاتفاق.
4. إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الأسرى الفلسطينيين، خصوصاً أصحاب الأحكام العالية:
• لا يمكن القبول بصفقة جزئية تطلق سراح أسرى فلسطينيين بعدد محدود، بل يجب أن تشمل القيادات الأساسيين.
• وجود هؤلاء الأسرى في الصفقة يعني أن الاحتلال سيدفع ثمناً سياسياً أكبر، مما يجعله "بروفا " لمعرفة مدى التزامه بتنفيذها.
5. ضمانات سياسية وأمنية لعدم استئناف الحرب فوراً بعد الصفقة:
• الاحتلال اعتاد على شن الحروب بعد أي تهدئة، لذلك يجب فرض ضمانات تمنعه من استغلال الصفقة للعودة إلى العدوان.
• وجود اتفاق دولي يشمل رفع الحصار عن غزة، وإجراءات سياسية تمنع العودة الفورية لحرب الإبادة مع برنامج محدد بزمن لاعادة الأعمال .
6. الحفاظ على وحدة الساحات في فلسطين ولبنان واليمن والعراق، وإدخال مناطق أخرى في المعادلة:
• أي محاولة لاستهداف غزة يجب أن تؤدي إلى فتح جبهات أخرى، مما يشكل رادعاً قوياً للاحتلال ويمنعه من استغلال الهدنة لصالحه.
• استمرار التنسيق الشامل بين قوى المقاومة سيجعل الاحتلال متردداً في خرق أي اتفاق.
ومن المهم على الكل الفلسطيني محاولة الاستفادة من الواقع و ربط ذلك بعملية سياسية تحقق سلام شامل وفق الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير و المبادرة العربية و الدعم الدولي لحل الدولتين.
لكن يبقى السؤال الاهم:
هل يدعم ترمب نتنياهو في العودة لحرب الإبادة الجماعية ام سيدخل في عملية سياسة تفرض حل عادل مرضي؟
بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية، اجتمع ترمب مؤخرا مع نتنياهو، في لقاء حمل إشارات واضحة لدعم غير محدود للاحتلال ، ومعروف أن سياسات ترمب السابقة كانت الأكثر تطرفًا في دعم إسرائيل، بدءاً من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وصولاً إلى “صفقة القرن” التي هدفت إلى تصفية القضية الفلسطينية.
الآن، ومع عودته إلى الرئاسة، هناك مخاوف من أن يقدم ترمب دعما مباشرا لنتنياهو لاستئناف الحرب والإبادة الجماعية، و الدخول المباشر معه عسكراً وفق ما صرح به و سيختار ذلك لعدة أسباب:
• كسب دعم اللوبي الصهيوني واليمين المتطرف الأمريكي، الذين يشكلون قاعدة انتخابية مهمة له.
• محاولة فرض حل نهائي بالقوة عبر تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى، كما طرح بعض مستشاريه و لم يصرح او يلمح بإحترامه للحل السياسي " حل الدولتين " او المبادرة العربية، ولكن مع معرفة شخصية ترمب لا نستغرب مفاجأة تتعلق بطرح حلول منطقية إذا شعر ان أمريكا ستخسر منطقة الشرق الأوسط و تدخل حروب اصعب من حروبها في فيتنام و افغانستان.
والمرجع ان يقوم ترمب بتقويض أي حلول سياسية قد تؤدي إلى تهدئة طويلة الأمد، وإبقاء المنطقة في حالة فوضى لخدمة نتنياهو و حكومته المتطرفة و يجر أمريكا لحرب لا تنتهي وما يعزز هذا الخيار خطة ترمب للتدخل العسكري الأمريكي في غزة.
من بين السيناريوهات التي طرحها ترمب ومستشاروه هو إمكانية تدخل عسكري أمريكي مباشر في غزة بحجة “القضاء على الإرهاب” و”ضمان الأمن الإسرائيلي”، وهو طرح يعكس تصعيداً غير مسبوق في الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية. وتشمل هذه الخطة:
• إرسال قوات أمريكية إلى قطاع غزة بحجة ضبط الأمن بعد الحرب، وهو ما يعني عملياً احتلالاً أمريكيًا مباشرا للقطاع ستدفع أمريكا ثمنا لذلك من جنودها و من سمعتها و تستهلك معظم خططها لتبقى المسيطر و المتحكم في العالم حيث ستكون أمريكا و اسرائيل طرف ومعظم العالم طرف ضدها من الصين ووروسيا وكندا والمكسيك واوروبا التي هددها بأكثر من إضعاف الناتو وتدمير صناعتها وتطورها و خاصة موقفه من الحرب الروسية الاوكرانية.
• إقامة “منطقة أمنية” أمريكية داخل غزة أو على حدودها، تحت مبرر منع عودة المقاومة وتسليحها، مما قد يفتح الباب لوجود طويل الأمد للقوات الأمريكية هناك.
• دعم أي تحرك إسرائيلي لتهجير سكان غزة، سواء إلى سيناء أو دول أخرى، وهو طرح خطير يعكس نوايا التصفية النهائية للقضية الفلسطينية.
هذه السيناريوهات، إن حصلت، تعني أن غزة ستواجه ليس فقط الاحتلال الإسرائيلي، بل قد تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الجيش الأمريكي، ما يجعل توحيد قوى المقاومة في كل الجبهات ضرورة حتمية لردع هذه المخططات ، و قد تسقط أنظمة عربية موالية للأمريكان و تدخل في المعركة ضد سياسة امريكا التي اغضب كل الامة العربية والاسلامية واحرار العالم.
وطرح نتنياهو وترمب وسياستهم تجعل احتمال ان لا صفقة دون ضمانات حقيقية حيث ان المقاومة ستقول ان إتمام المرحلة الثانية من تبادل الأسرى يتطلب ضمانات دولية وإجراءات ميدانية تمنع الاحتلال من التهرب منها أو استغلالها لمصلحته، في المقابل، و تصاعد الدعم الأمريكي المتطرف، خاصة بعد عودة ترمب إلى الحكم، يعني استمرار سياسة الحرب والإبادة، مما يجعل المقاومة وحتى المعتدلين يبحثوا عن خيارات و بدائل لمواجهة هذه السياسات وتشتعل المنطقة، ولا احد يستطيع تخمين امتدادها و ارتداداتها.