
نتنياهو والعلاقات العربية: بين السر والعلن
في تصريح مثير للجدل، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن “ما يقال في السر لا يقال في العلن” عند الحديث عن العلاقات مع الدول العربية ، هذا التصريح يحمل أبعاداً سياسية مهمة، حيث يعكس مدى التحولات التي تشهدها المنطقة، لكنه يتجاهل في الوقت ذاته المواقف الرسمية المعلنة لبعض الدول، وعلى رأسها السعودية، التي تربط أي تطبيع بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967.
أولاً: دلالات تصريح نتنياهو
1. تعزيز السردية الإسرائيلية حول التطبيع السري
• تحاول إسرائيل منذ سنوات الترويج لفكرة أن العديد من الدول العربية، حتى تلك التي لم تعلن عن تطبيع رسمي، لديها قنوات اتصال وتنسيق أمني أو اقتصادي معها.
• تصريح نتنياهو يأتي في سياق سعيه لإظهار أن العلاقات مع العالم العربي تتجاوز ما هو مُعلن، وأن هناك تفاهمات خلف الكواليس لم تخرج إلى العلن بعد.
2. توظيف التصريح في السياسة الداخلية
• يستخدم نتنياهو هذه التصريحات لكسب تأييد الداخل الإسرائيلي، خاصة في ظل الأزمات السياسية التي يواجهها.
• يسعى لإظهار نفسه كرجل دولة قادر على تحقيق إنجازات دبلوماسية كبرى دون تقديم تنازلات جوهرية للفلسطينيين.
ثانياً: الموقف السعودي الثابت من التطبيع
1. اشتراط الاعتراف بدولة فلسطينية
• تؤكد السعودية باستمرار أن أي تطبيع مع إسرائيل يجب أن يكون مقروناً بحل القضية الفلسطينية وفق مبادرة السلام العربية.
• شدد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، على أن المملكة لن تقدم على أي خطوة تجاه التطبيع دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967.
2. مبادرة السلام العربية كمرجعية
• أُطلقت المبادرة في قمة بيروت عام 2002، وتنص على انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة مقابل تطبيع عربي شامل.
• لا تزال السعودية تعتبرها الأساس لأي حل عادل للقضية الفلسطينية.
3. الضغط الأمريكي ودور إدارة ترامب
• خلال فترة حكم دونالد ترامب، ضغطت إدارته بشكل كبير لتوسيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وهو ما ظهر في اتفاقيات أبراهام.
• حاول ترامب إقناع السعودية بالانضمام إلى الاتفاق، لكنها رفضت التطبيع دون تحقيق تقدم في الملف الفلسطيني.
ثالثا: الفرق بين التطبيع المعلن والاتصالات غير الرسمية
1. الاتصالات الأمنية والاقتصادية
• هناك تعاون أمني بين بعض الدول العربية وإسرائيل في قضايا مثل إيران والإرهاب والتكنولوجيا، لكنه لا يرقى إلى مستوى التطبيع الرسمي.
• بعض الدول قد تتبادل المعلومات الأمنية، لكن ذلك لا يعني بالضرورة وجود علاقات دبلوماسية كاملة.
2. الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع السياسي
• إسرائيل تحاول تضخيم مستوى العلاقات غير الرسمية، بينما تؤكد الدول العربية أن مواقفها الرسمية لم تتغير.
• ما قد يكون موجوداً هو اتصالات محدودة في قضايا معينة، لكن ليس بالضرورة تحالفات أو علاقات دبلوماسية كاملة.
رابعا: هل يمكن أن تتغير المعادلة؟
1. الظروف الإقليمية والدولية
• استمرار الحرب على غزة يجعل أي حديث عن تطبيع جديد صعباً في الوقت الحالي.
• إدارة ترامب دعمت إسرائيل بشكل مطلق، لكنها لم تنجح في دفع السعودية إلى التطبيع دون تحقيق شروطها.
2. إمكانية تقديم تنازلات إسرائيلية
• السعودية تطالب بتقديم ضمانات للفلسطينيين، وإلا فلن يكون هناك أي اتفاق شامل.
• الموقف السعودي يستند إلى مبدأ أن أي تطبيع يجب أن يخدم المصالح الفلسطينية والعربية أولاً.
تصريحات نتنياهو حول العلاقات السرية مع الدول العربية ليست جديدة، لكنها لا تعكس بالضرورة حقيقة المواقف الرسمية، خاصة الموقف السعودي الثابت ، الرياض لا تزال متمسكة بشروط واضحة، أهمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، وفق مبادرة السلام العربية. وبينما قد تكون هناك اتصالات غير رسمية في بعض الملفات، فإن أي خطوة تطبيعية علنية ستظل مرهونة بتطورات الملف الفلسطيني وضمان حقوقه.

الأردن.. لماذا محاولات الإطاحة بوزير الخارجية؟

ثنائيـة الكتابـة والـحيـاة محمـود شقيـر نموذجاً

العبرة لمن يريد أن يعتبر

نتنياهو صاعق الحرب في الشرق الأوسط

"الوحدة حياة والفرقة موت"

الصمود والإعمار و الوهم في ارضاء اسرائيل

عضوية مجالس الإدارة: تكليف أم تشريف؟
