
ولماذا يطاردونك يا عصفور الشمس؟
تُحبّ سميرة القدس العتيقة التي تسكن فيها مع عائلتها، تُحبّها جدّاً، ليس لأنّها مسقط رأسها فقط، والمكان الذي وُلد فيه أجدادها، بل لأنّ صديقتها المُقرّبة إلى قلبها هيفاء تسكن فيها أيضاً، سميرة وهيفاء، من حارة باب حطّة، هما الآن في الصّف السابع في مدرسة النهضة بحارة السّعديّة، صديقتان منذ الصف الأول، لا تستغنيان عن بعضهما، ولا تتخيّلان أنّ قوّة تستطيع التفريق بينهما، حتّى الزّواج يا أمّي لن يفرّقني عنها، قالت سميرة لأُمّها، ضحكت أمّ سميرة وقالت: فقط عند الزواج سوف تفترقين عنها، هذه سُنّة الحياة، لا. لا يا أُمّي. خطّطت أنا وهيفاء أن نتزوج شقيقين يعيشان في عمارة واحدة، وهكذا نرى بعضنا كلّ يوم، وأولادنا يصبحون أقارب وأصدقاء، ضحكت الأمّ بصوت عالٍ، واستدعت الوالد الذي جاء وهو يضحك، قائلاً: لقد سمعت كل شيء، يا لك من مُخطّطة ذكيّة يا سميرة. كم أحبّك يا ابنتي!
بعد العودة إلى البيت من المدرسة، ترتاح هيفاء وسميرة قليلاً، ثم تخرجان لمعرفة قصص أمكنة القدس، فمنهاج التاريخ الذي يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي، لا يحكي قصصنا، ولا يصف أمكنتنا كما يجب. في النزهة اليومية في أسواق القدس العتيقة وطرقاتها وأزقّتها، مشت المقدسيّتان الجميلتان، تحملان معهما حقيبة تتقاسمان حملها، فيها ساندويشات لبنة وتفّاحتان، وعلبتا ماء، ودفتران وقلمان لتسجيل وقائع رحلتهما، فيما يشبه كتابة اليوميات.
اليوم سيكون مشوارنا إلى سور القدس، قالت سميرة مخاطبةً صديقتها هيفاء، نعم، وأنا متحمّسة لذلك، في الطريق إلى السّور، توقّفت سميرة قليلاً وقالت لصديقتها، أتدرين يا صديقتي، نحتاج إلى مُرشد أو دليل يحكي لنا قصّة السّور، إذ لا يكفي أن نزور السّور ونمشي عليه، نريد أن نسمع قصّته، نعم. نعم. معك حقّ يا صديقتي. ما العمل الآن؟
تعالي نصعد إلى السّور ثم نفكّر في حلّ، قالت هيفاء. صعدتا، بحماسة وما هي إلاّ أوّل ثانية من الزمن، فإذا بطائر يرفرف فوقهما، ارتعبتا.
- مرحباً يا هيفاء، مرحباً يا سميرة، لا تخافا أرجوكما، أنا طائر الشّمس الفلسطيني، مُسالم، وعاشق للقدس، لوني يتنقّل من الأزرق إلى البنفسجي والأخضر، ومستعدّ دوماً للدفاع عن الناس المظلومين، سمعت صوتكما وأنتما تتمنّيان أن يكون هناك مرشد تاريخي معكما يحكي لكما قصص الأمكنة هنا، كنت أقف على سطح فندق "إمبريال" أصغي لأحاديث الناس وأستعدّ لمساعدة الأطفال، أنا صديق الأطفال، أريد منكما فقط أن تُبقيا الأمر سريّاً، حتى لا أتعرّض لأذى المُحتلّين الذين يطاردونني منذ زمن.
ولماذا يطاردونك يا عصفور الشمس؟
- لأنهم لا يريدون أحداً يحكي قصّة الأمكنة.
لدينا سؤال يا عصفور؟ قالت هيفاء.
- تفضّلي يا هيفاء.
كيف يحدث وأن يتحدّث طائر بلغة البشر؟
- هذه قصّة أخرى سأرويها لكما لاحقاً. المهم أن تثقا بي.
نحن نثق بك جدّاً، هيّا نصعد السور من جهة باب الخليل.
طار عصفور الشمس، فوقهما وارتفع عالياً، صعدا إلى السور، بعد أن دخلا مكتباً مجاوراً، ودفعا ثمن تذكرة الصعود.
هبط العصفور فوقهما، وراح يمشي بموازاتهما، وبدأ يسرد لهما قصّة السور.

الأردن.. لماذا محاولات الإطاحة بوزير الخارجية؟

ثنائيـة الكتابـة والـحيـاة محمـود شقيـر نموذجاً

العبرة لمن يريد أن يعتبر

نتنياهو صاعق الحرب في الشرق الأوسط

"الوحدة حياة والفرقة موت"

الصمود والإعمار و الوهم في ارضاء اسرائيل

عضوية مجالس الإدارة: تكليف أم تشريف؟
