"من وعد بلفور إلى وعد ترامب: فلسطين أمام مرحلة مفصلية والموقف الأردني ثابت رغم الضغوط"
مقالات

"من وعد بلفور إلى وعد ترامب: فلسطين أمام مرحلة مفصلية والموقف الأردني ثابت رغم الضغوط"

منذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917، والشعب الفلسطيني يتعرض لمؤامرات دولية وإقليمية تهدف إلى تصفية قضيته وسلب حقوقه التاريخية. واليوم، تتكرر فصول المأساة مع "وعد ترامب"، الذي منح الاحتلال الإسرائيلي غطاءً سياسياً كاملاً لمواصلة جرائمه ضد الفلسطينيين، من تهويد القدس إلى الاستيطان في الضفة الغربية، وصولًا إلى العدوان المستمر على غزة. في هذه المعركة المصيرية، برز الموقف الأردني بقيادة الملك عبد الله الثاني كصوت عربي قوي، يرفض كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية، ويقف سدًا منيعًا أمام مشاريع التوطين والتهجير، رغم الضغوطات الدولية الهائلة.

الأردن: خط الدفاع الأول عن فلسطين رغم الضغوط الدولية

لطالما كان الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني، في طليعة الدول التي تدافع عن القضية الفلسطينية دون تردد. فقد ظل الموقف الأردني ثابتًا على مدى العقود، رغم الضغوط السياسية والاقتصادية التي تمارسها القوى الكبرى لفرض حلول ظالمة على حساب الشعب الفلسطيني.

عندما اشتدت الحملة الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية، خرج الملك عبد الله الثاني بموقف صارم وواضح: "لا توطين، لا تهجير، لا تصفية للقضية الفلسطينية". رفض الأردن بشكل قاطع أي محاولة لفرض حلول تتجاهل الحقوق الفلسطينية، مؤكدًا أن الحل العادل يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. لم يكن هذا الموقف مجرد تصريحات دبلوماسية، بل تجسد في دعم سياسي، ومساعدات إنسانية، وتحركات دولية مكثفة لكبح العدوان الإسرائيلي وإيقاف مشاريع التهويد.

ورغم الضغوطات الاقتصادية التي واجهها الأردن، والتحديات الداخلية والخارجية، لم يرضخ الملك عبد الله الثاني لمحاولات إغرائه بحلول مؤقتة على حساب الفلسطينيين، بل ظل ثابتًا على موقفه الوطني والقومي، مؤكدًا أن أمن الأردن مرتبط بأمن فلسطين، وأن الشعبين الأردني والفلسطيني إخوة في المصير والنضال.

الملك عبد الله الثاني: القائد السياسي المحنك والداعم الثابت لفلسطين

في ظل الفوضى السياسية التي تجتاح المنطقة، برز الملك عبد الله الثاني كأحد القادة العرب القلائل الذين لم يتاجروا بالقضية الفلسطينية، بل جعلوها في صلب استراتيجيتهم السياسية. يتمتع الملك بحنكة سياسية ودبلوماسية جعلته قادرًا على مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية دون أن يتراجع قيد أنملة عن موقفه المبدئي تجاه فلسطين.

لم يقتصر دعم الملك عبد الله الثاني لفلسطين على المواقف السياسية، بل ترجم ذلك عمليًا من خلال استمرار الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وهي وصاية حافظت على عروبة الأقصى في وجه مشاريع التهويد الإسرائيلية. كما أرسل الأردن المستشفيات الميدانية والمساعدات الطبية إلى غزة، وكان في مقدمة الدول التي قدمت الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني في أصعب الظروف.

دوليًا، حمل الملك القضية الفلسطينية إلى كل المحافل العالمية، مؤكدًا في الأمم المتحدة والبيت الأبيض والاتحاد الأوروبي أن أي حل لا يستند إلى الحقوق الفلسطينية المشروعة لن يكون إلا وصفة جديدة لإشعال الصراعات في المنطقة. وبفضل هذه الدبلوماسية الحكيمة، استطاع الأردن الحفاظ على الزخم الدولي الداعم لفلسطين، ومنع تمرير مخططات التصفية في الكواليس السياسية.

الملكة رانيا: صوت فلسطين في المحافل الدولية

إلى جانب الملك عبد الله الثاني، كانت الملكة رانيا العبد الله دائمًا صوتًا قويًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، مستخدمة منصاتها العالمية لإيصال صوت الفلسطينيين إلى العالم. فقد سلطت الضوء على معاناة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، ودعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في وقف العدوان الإسرائيلي.

لم تكن الملكة رانيا مجرد شخصية بروتوكولية، بل كانت مثالًا للمرأة العربية القوية التي تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وتسعى بكل الوسائل لنقل معاناة الفلسطينيين إلى الرأي العام العالمي، سواء عبر لقاءاتها مع قادة العالم، أو من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

الإعلام المضلل وأخطاء الترجمة: حملة لتشويه الموقف الأردني

لم يسلم الأردن من الحملات الإعلامية المغرضة التي حاولت تشويه مواقفه المشرفة تجاه القضية الفلسطينية. فقد سعى الإعلام الإسرائيلي وبعض الجهات المأجورة إلى نشر أخبار مضللة، وتصريحات محرفة، لإيهام الرأي العام بأن الأردن مستعد للتنازل عن ثوابته.

أحد أبرز الأمثلة على ذلك كان اللقاء الذي جمع الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تم تحريف تصريحاته عمدًا، للإيحاء بأنه يؤيد تهجير الفلسطينيين من غزة. ولكن سرعان ما تم تصحيح هذه الأكاذيب، حيث أكد الملك بوضوح أن الأردن يرفض رفضًا قاطعًا أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين. كما أصدر البيت الأبيض بيانًا رسميًا أكد فيه أن اللقاء كان إيجابيًا، وأن الملك شدد على أهمية إعادة إعمار غزة دون المساس بحقوق سكانها.

هذه المحاولات الإعلامية لم تكن جديدة، فقد اعتاد أعداء فلسطين على تشويه كل صوت عربي صادق يقف في وجه الاحتلال ومخططاته، لكن الحقيقة تبقى أقوى من الأكاذيب، والأردن كان وسيبقى خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، مهما حاول الإعلام المضلل تشويه صورته.

الأردن وفلسطين: أخوة في الدم والمصير المشترك

لا يمكن الحديث عن القضية الفلسطينية دون التطرق إلى العلاقة الأخوية العميقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، فهي ليست مجرد علاقة جوار، بل هي وحدة دم وتاريخ ونضال مشترك. لقد كان الأردن دائمًا السند الأول لفلسطين، ونافذتها إلى العالم، والمصدر الأساسي للدعم في الأوقات العصيبة.

في كل عدوان على غزة، كان الأردنيون أول من تظاهروا، وأول من جمعوا التبرعات، وأول من طالبوا بتحرك دولي لوقف المجازر. في كل معركة دبلوماسية، كان الأردن يقف في الصفوف الأولى، مدافعًا عن حقوق الفلسطينيين في كل المحافل الدولية. هذه العلاقة ليست علاقة مصالح سياسية، بل هي علاقة مبادئ وقيم وأخوة صادقة، لا يمكن لأي قوة في العالم أن تمزقها.

الأردن لن يساوم على فلسطين

في هذه المرحلة المصيرية، وبينما تحاول قوى الاحتلال تصفية القضية الفلسطينية عبر الضغوط والتزييف الإعلامي، يظل الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني، الحصن المنيع الذي يرفض المساومة، ويؤكد أن فلسطين ستبقى قضية العرب والمسلمين الأولى.

لقد أثبت التاريخ أن المواقف العظيمة لا تُقاس بالكلمات، بل بالأفعال، والأردن أثبت بالفعل أنه لن يكون إلا في صف فلسطين، ولن يسمح بتمرير أي مشروع يستهدف حقوق الفلسطينيين. ورغم الضغوط والتهديدات، فإن الموقف الأردني لا يتغير، لأن الأردن لا يبيع قضاياه، ولا يتاجر بمبادئه، ولا يتخلى عن أشقائه.

في النهاية، يبقى السؤال: في زمن التخاذل والتآمر، من سيقف مع فلسطين؟ الأردن اختار أن يكون في المكان الصحيح، فماذا عن الآخرين؟

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.