"الوحدة حياة والفرقة موت"
مقالات

"الوحدة حياة والفرقة موت"

لاشك أن القضية الفلسطينية تمر بمنعطف الأكثر خطورة في تاريخها منذ النكبة عام 1948 وحتى الآن، نظرا لما يطرح من مشاريع ( صهيوأمريكية ) بلغت ذروتها في الدعوة إلى اقتلاع شعبنا من أرضه وتهجيره قسرا أو طوعا إلى دول أخرى، بالإضافة إلى التهديدات المتواصلة باتخاذ إجراءات في الكنيست الإسرائيلي لضم الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني. فقد ارتكبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إثر السابع من أكتوبر 2024 إبادة  جماعية في غزة، والتي راح ضحيتها مائة وستين ألف شخص جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ونزوح مليوني فلسطيني يعيشون الآن في خيام منتشرة في العديد من المناطق في غزة، وتدمير البنية التحتية وتدمير 90% من المنازل والأبراج السكنية والمؤسسات والمرافق العامة من مستشفيات ومراكز صحية ومدارس وغيرها، والاستيلاء ومصادرة الأراضي الفلسطينية لبناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، والحصار المالي المفروض على السلطة الوطنية الفلسطينية منذ أكثر من ثلاث سنوات، بالإضافة إلى الهجمات المستمرة في الضفة الغربية، وبخاصة ما تتعرض له المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية، والتي أدت إلى تدمير مئات المنازل ونزوح الاف الفلسطينيين من مخيماتهم ... كل ذلك بهدف تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل بالخلاص من الاحتلال وتحقيق الحرية لشعبنا وبناء دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس....هذا هو الحلم الفلسطيني؛ الذي ضحى من أجله مئات الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى الذين سقطوا منذ أكثر من مائة عام... واستنادا لما سبق، ونظرا لخطورة هذه المرحلة، وبالإشارة إلى ما ورد في خطاب السيد الرئيس أبو مازن أمام مؤتمر القمة العربية، الذي عقد في القاهرة مؤخرا، سأتعرض لمسألتين هامتين وردتا في خطابه، الأولى.. فيما يتعلق بالعفو عن المفصولين من الحركة وعودتهم إلى صفوفها، وبغض النظر عما قيل عن ( العفو ) وتفسيراته المتعددة والتعليقات التي رافقت الخطاب حوله، فقد كانت الأصوات الفتحاوية المناضلة صاحبة الوجدان النظيف قد نادت بأعلى صوتها منذ سنوات، ودعت لوحدة الحركة ولم شمل أبنائها، والقفز عن الماضي بما له وما عليه، بعيدا عن الاتهامات التي تسيء لتاريخ الحركة وإرثها النضالي، لذلك كانت المصالحة الداخلية وما زالت على رأس اولويات اجتماعات الأطر القيادية الفتحاوية، وعلى مستوى القواعد التنظيمية، فهي أي المصالحة مطلب فتحاوي أصيل ومطلب وطني جماهيري وشعبي من كل أطياف الشعب الفلسطيني بما في ذلك فصائل العمل الوطني التي تؤمن بأن سلامة حركة فتح يعني سلامة الحركة الوطنية الفلسطينية.. فما صدر عن الرئيس، وبغض النظر عن اللفظ ( العفو ) وتفسيره لدى البعض، الا انه فرصة أمام المناضلين أبناء الحركة الحريصون على وحدة الحركة، للبناء عليه لتوحيد الحركة ولم شمل أبنائها بعيدا عن التفسيرات السلبية ووضع العراقيل والشروط التي لا تخدم وحدتها، فلنأخذ الأمر بوجهه الإيجابي، ونبحث عن النقاط الإيجابية التي تساعد على وحدة الحركة وليس تعميق الشرخ فيها، وبخاصة في هذه المرحلة الأكثر خطورة في تاريخ حركة فتح خاصة والقضية الفلسطينية بشكل عام... وليكن شعارنا اليوم ( الوحدة حياة والفرقة موت )...والمسألة الثانية التي أشار إليها الرئيس، استحداث موقع نائب رئيس المنظمة ودولة فلسطين، وحيث أن المرحلة بحاجة إلى الحكمة والتجربة والفهم العميق لما يحدث في البيت الفتحاوي وداخل المنظمة، وما تتعرض له فلسطين بشكل عام، فنحن بحاجة ماسة لقامة وطنية لملء هذا الفراغ، والتي تجمع ولا تفرق.. شخصية وطنية صاحبة وجدان ويد نظيفة.. تتمتع بالتزام وطني ومتمسكة بالثوابت الوطنية وذات مصداقية عالية، وتتمتع باحترام وتقدير لدى جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، شخصية عملت طوال حياتها من أجل الوطن، واكتسبت تجربة غنية في العمل النضالي والسياسي والدبلوماسي، ولا هم لها غير قضيتها النبيلة التي تسمو على كل القضايا، وبالتالي شعبنا اليوم بحاجة لمثل هذه القامة الرفيعة التي تقدم المصلحة الوطنية العليا على مصالحها الشخصية، والتي تحمل في داخلها النبل والطهر والرفعة والسمو والصفات القيادية التي تسطيع أن تساهم بإنقاذ القضية الفلسطينية مما هي عليه الآن، جامعة لكل التناقضات والتباينات، وتمثل القاسم المشترك بين الفصائل الفلسطينية وكل أطياف وألوان شعبنا...ومن يظن أن هذا التوصيف يدخل في إطار المثالية، أقول أن فلسطين بما تمتلكه من مكانة روحية وتاريخية وشعب وصفه الله بشعب الجبارين تستحق شخصية أكثر من هذا التوصيف ... وأعتقد أنه ما زال في شعبنا من يمتلك هذا الوصف وربما أكثر...

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.