الرحيل الرحيل
مقالات

الرحيل الرحيل

"الحقائب الملابس الأوراق الثبوتية الأدوية الحرامات  كانت جاهزة،  عندما اقتحم الجيش الاسرائيلي الحارة وطلب من السكان مغادرة منازلهم، تم تنفيذ  أوامره بسرعة وسلاسة".

"سرنا على الأقدام مسافة قصيرة، سيارات نشطاء الحركة  الوطنية الفلسطينية نقلتنا إلى القرى المجاورة، وتم توزيعنا على  المساجد والدواوين والجمعيات والمباني المختلفة ". 

عدد من الزعامات المحلية كانت تجري مقابلات مع القنوات الفضائية، تندد بتهجير الفلسطينيين من منازلهم، والمتحدث الرسمي باسم الدولة ناشد المجتمع الدولي التدخل الفوري لوقف المجزرة، وشاشات القنوات التلفزيونية المحلية والعربية والدولية ظلت  تنقل تفاصيل  المأساة بتفاصيلها.

مراكز المدن المحيطة بالأحداث هادئة و  مستكينة، تدب الحركة  التجارية في بعض جوانبها الحزينة، العاصمة المؤقتة رام الله تعيش حياتها الرسمية والدبلوماسية والاجتماعية والاقتصادية دون تغيير يذكر، بقية محافظات البلاد لا يعنيها الحدث من قريب أو بعيد. 

هل هذه ردود فعل المجتمع  الفلسطيني على عمليات تهجير قطاعات منه خارج مخيماته وقراه  ومدنه ومحافظاته المختلفة؟ فقط لجان تطوع وإغاثة وتوزيع طرود وتكايا طعام؟ بيانات بكاء وعويل وحزن وصمت وعجز؟ لا أطالب بإعلان الحرب أو القتال، أعرف موازين القوى والإمكانيات والسياسات وأحفظ شعارات ممنوع علينا تقديم الظروف والأعذار  للاحتلال الغاصب ليدمر الضفة الغربية مثل قطاع غزة الحبيب!!!  هذه ليست  البلد التي أعرفها أبدا !.  

كيف وصلنا إلى هذه المرحلة الصعبة؟ من قتل الحركة الوطنية الفلسطينية وصلب تاريخها ؟من  نحر العمل الجماهيري الشعبي  الفلسطيني وفرغه من محتواه؟ من  اغتال الحركات النقابيّة والطلابية والشبابية والنسوية؟ من حول الثورة إلى ثروة وحركات التحرر إلى أحزاب حاكمة قبل انتهاء المعركة؟ من ألبس الخطاب الإعلامي والنضالي والتحرري ملابس الاستقلال والدولة والوظائف والمناصب والتعيينات  والاستقبالات والنعومة والشياكة؟. 

بات واضحا أن عملية تهجير الشعب الفلسطيني أو أقسام  منه ليست صعبة بل ربما سهلة جدا وممكنة،  المخيمات اليوم وبعدها أحياء مختارة من المدن القريبة، ولاحقا القرى المحيطة بالمستعمرات  وطرقها الخاصة، وبعد ذلك المناطق المصنفة C ثم B ثم A.

يا أركان النظام السياسي والوطني الفلسطيني، الوضع خطير جدا، الوضع مخيف جدا.. لا خطط و إستراتيجيات عملية في حوزتنا  للرد على ما تعلن عنه الحكومة والأحزاب الإسرائيلية المتطرفة صراحة.. يريدون ضم الضفة الغربية من الألف إلى الياء بشكل تدريجي وغير معلن، ولا يريدون أي كيان أو هيكل وطني فلسطيني فيها.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.