
مذبحة غزة لن تنقذ إسرائيل من نفسها
في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة والجيش على إقامة مديرية تهجير أهل قطاع غزة، هاجر من إسرائيل، منذ السابع من أكتوبر عام 2023، قرابة 90 ألفًا، جلهم من النخب المهنية في كل المجالات. كذلك تعبّر أوساط في قيادة الجيش عن قلقها المتزايد من تراجع استعداد جنود الاحتياط للعودة إلى جبهة القتال، من 130% إلى 60%، الأمر الذي يشير إلى تعبهم وإحباطهم العام من عدم وضوح أهداف الحرب، ومسارعة الحكومة إلى تنفيذ مخطط الانقلاب القضائي ومعه نظام الحكم برمّته. حيث أُقِرّ قبل أيام قانون تغيير لجنة انتخاب قضاة المحكمة العليا، التي كانت الأكثرية فيها للقضاة ونقابة المحامين المهنية، إلى لجنة يقرر فيها السياسيون وأتباعهم (ستة من تسعة أعضاء) من هم قضاة المحكمة العليا، بشكل خاص. وهذا ما تفسره المعارضة كانقلاب على الديمقراطية وتمكين الدكتاتورية اليهودية الزاحفة من الدولة. يتزامن هذا مع إقالة رئيس الشاباك، والعمل على تنحية المستشارة القضائية للحكومة، وإقرار ميزانية الدولة، التي يرى فيها 66% من الإسرائيليين أنها منحازة بشكل سافر لمكونات الحكومة، وعلى رأسهم "الحريديم".
في هذا السياق، يُبيّن آخر استطلاع للقناة 12 أن 70% من عامة الشعب، و46% من قواعد الائتلاف الحكومي نفسه، فقدوا الثقة في حكومة نتنياهو، معللين ذلك بكل ما يحدث في الدولة، وخصوصًا عبثية الحرب التي لا هدف لها غير المحافظة على استمرار حكومة نتنياهو. كذلك يبرز الاستطلاع أن قرابة 70% من عامة الشعب، و54% من داعمي الحكومة، مع وقف الحرب وإتمام صفقة الأسرى.
غير أن هذا المزاج الجماهيري ونتائج الاستطلاع لا تشير إلى عقلنة المجتمع الإسرائيلي وتراجع نفوذ اليمين المتطرف، بل على العكس، تتعمق قاعدة اليمين، حيث يبين الاستطلاع أن رئيس الحكومة الأسبق المتطرف، نفتالي بينيت، هو الوحيد الذي يتفوق على رئيس الحكومة، إذ يحصل على 38% من عينة الاستطلاع، مقابل 31% لنتنياهو.
خلاصة القول
تعيش إسرائيل، منذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، أزمة سياسية واجتماعية متصاعدة ومتفاقمة، حتى وصفها رئيس الحكومة الأسبق، أولمرت، بقوله: "لماذا عدنا للحرب في غزة؟ إننا أقرب إلى حرب أهلية أكثر مما يظنه الناس". ويرد عليه نتنياهو: "هذا تهويل من المعارضة. ما يحدث في إسرائيل ثورة قانونية لتعزيز نفوذ وقوة الهيئة التشريعية والتنفيذية، وكذلك انتصارات عسكرية على سبع جبهات".
والحقيقة أن الدولة اليهودية في عين عاصفة اجتماعية وسياسية تراكمية منذ سنوات، ستحسم في نهاية المطاف بتمكين اليمين المتطرف من حكم إسرائيل الثالثة، بدون حرب أهلية، ولكن مع هجرة عكسية كبيرة، خصوصًا لعقول الدولة وركائزها الاقتصادية والأكاديمية. في غضون ذلك، ستحاول الحكومات المتعاقبة القادمة حسم الصراع، إذا أمكن ذلك، من خلال ترانسفير طوعي وقسري للفلسطينيين بين النهر والبحر.
فهل فهم الفلسطينيون أن غزة، بأشلاء لحمها وجوعها وعطشها ودمارها، تدافع عن الكيان الفلسطيني برمّته، وإن سقطت، فالضفة الغربية وعرب الـ48 بعدها، بالتوالي؟!

هذا هو الواقع، فماذا نحن فاعلون؟

ترامب وزبانيته من المهاجرين

كرّر كلمة "النصر" 654 مرّة وحقّقه على الجبهات الأخرى وعَلِق في غزّة...

الاحتجاجات في غزة: بين صرخة المعاناة وحسابات المرحلة

رحيل الحوراني، زقطان و"الحوت": صمت لا يُشبههم

احتجاجات غزة .... وأزمة العقل الفلسطيني

الحوراني قائد من نور لا تغرب شمس مواقفه
