
ما سبب غضبهم من الشّرع؟
يتدخّل الاحتلال بما يجري في داخل سورية الجديدة ويطالب، بنزع السّلاح في جنوبها، رغم إعلان الرئيس السّوري أحمد الشّرع منذ أيامه الأولى عن رغبته في الهدوء وعدم الدّخول في مواجهة مع إسرائيل، فردّت عليه باحتلال مساحات جديدة من سورية.
بكلّ شفافية طالب الشّرع المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل للانسحاب من المناطق التي احتلتها مؤخّرًا، والعودة إلى حدود اتفاقية فصل القوات عام 1974 ووقف إطلاق النار التي التزم بها النظام السّوري السابق.
ما الذي يُغضب إسرائيل من أحمد الشّرع وحكومته ونظامه الجديد في سورية! ولماذا يحاولون إحراجه وجرّه إلى مواجهة عسكرية ليس مستعدّا لها، فهو ما زال يحاول ترتيب البيت السوري، وما زال يتفاوض مع أطراف المعادلة السّورية، وتفكيك التّركة من النّزعات الطائفية والمذهبية التي تركها النظام البائد من ورائه.
النّظام السُّوري السّابق كان كنزًا إستراتيجيًا للاحتلال، فمن جهة هو نظام وطني وقومي ومقاوم للاحتلال تحت مسمّى الممانعة، وعبارة "الوقت المناسب" الشّهيرة، وفي الوقت ذاته كان محافظًا لخمسة عقود خلت على حدود وقف إطلاق النّار مع الجولان من غير أي حادثة ولو بالغلط.
ليس هذا فقط، بل كانت القوات ومخازن السّلاح ومصانع الإنتاج الحربي والمواقع الحيويّة كلها مكشوفة ومعروفة ومحدّدة، وفي حال نشوب مواجهة، فإنّها كلّها كانت في متناول الطيران والسّلاح الإسرائيلي، أي أنّ هذه الجبهة كانت آمنة تماماً، وما من مفاجآت ممكن أن تصدر عنها.
لهذا وافقت أميركا بنصيحة إسرائيلية على بقاء النظام لأنّه أفضل من أي نظام مجهول سيأتي من بعده، كذلك فإن الوجود الرّوسي في سورية لم يمنع التحليق والعمل الإسرائيلي الحرّ في الأجواء السّورية باستثناء القواعد الروسية.
النظام الجديد وكما يبدو متحرّرٌ من الرّقابة الإسرائيلية حتى الآن، ويبدو أن اختراقه لن يكون سهلا كما كان حال النظام البائد، إضافة إلى أنّ علاقته بشعبه مختلفة تمامًا عن ما كان حتى الآن، وهو يحظى بتأييد جماهيري واسع بحسب استطلاعات رأي أجنبية، ومن الملاحظ أن النّظام الجديد ليس متهوّرا، يحاول عدم المواجهة مع القوى التي ما زالت متخوّفة منه وتعارضه، ويحاول الوصول إلى تفاهمات مع الجميع. هذا لم يمنع وجود تجاوزات هنا وهناك نتيجة لمواجهات مسلحة خطّطت وبادرت لها فلول النظام السّابق. والنظام كما يبدو ويعلن يعمل على منعها ومعاقبة مرتكبيها.
كانت ذريعة إسرائيل في غاراتها على مواقع داخل سورية هي الوجود الإيراني واللبناني، الآن أصبحت الذريعة الجديدة هي النّفوذ التركي، علمًا أنّ تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، ويعلن مسؤولوها في الليل والنهار، بأنّ تركيا لا تريد مواجهة مع إسرائيل، وهنالك سؤال كبير حول مدى صدق وجدّية ما يعلنه طيّب إردوغان لفظيًا وما يمارسه بالفعل لمناصرة الفلسطينيين في مواجهة حرب الإبادة في قطاع غزّة.
في لبنان طالبت إسرائيل بسيطرة الجيش اللبناني على الجنوب مكان حزب الله، وقد أمِلَت أن ترى حربًا أهلية بين حزب الله وجيش الدولة اللبنانية، ولكن الحزب انسحب من مواقعه ومنح الجيش إمكانية الدّخول والسّيطرة مكانه، ولكن الاحتلال ما زال يمارس عدوانه اليومي على اللبنانيين ويرفض الانسحاب من عدة مواقع في الجنوب اللبناني التي يعتبرها استراتيجية، ضاربًا عرض الحائط بما اتّفق عليه.
بعد المقاومة العنيدة التي أبداها أهالي درعا وقراها، ومظاهرات التّضامن معهم في كل سورية والدعوات إلى صد العدوان وإرغام الاحتلال على العودة إلى خطوط فك الاشتباك المبرم عام 1974، بدأوا يروّجون عن وجود أسلحة كيماوية مخبوءة في مناطق مجهولة ومن بينها غاز السّارين، وهي نفس الأسطوانة التي سبقت العدوان على العراق وتدميره.
أعداء الحكومة السّورية الجديدة كثيرون، من الداخل السّوري ومن خارجه، وعلى رأسهم الاحتلال الذي يحاول زعزعة الأمن والاستقرار بالتحرّش اليومي، وتحريض بعض قوى الداخل على الانفصال. كذلك العرب الذين يخشون نظامًا جديدًا خارجًا عن السَّيطرة، رغم إبداء بعض القادة العرب ترحيبهم بالشّرع، ولكنهم بلا أدنى شك مستعدون للغدر به عندما تتاح لهم الفرصة، إلا أنّ محبة الشّعب السّوري والتفافه حول نظامه الجديد هي الضمانة للعبور بسورية إلى مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار، ويخطئ خطأ جسيمًا في حقّ وطنه ونفسه، من يرفع شعارات الانفصال عن الوطن الأم. يجب العمل بإخلاص من كلّ الأطراف في داخل سورية على استعادة اللحمة الوطنية والثّقة وهذا يتطلب الكثير من الصّبر والحكمة واليقظة من الجميع في مواجهة المخططات المعادية لسورية وشعبها وشعوب المنطقة.

القاسم المشترك بين بعض قيادات فتح وقيادات حماس

هل آن أوان الانصياع للإرادة الشعبية؟

غزة: مجازر البث المباشر

العرب سيدفعون لترامب ثمن حرب لم تحدث

"الهيمنة ورؤية في التحولات العالمية من واشنطن إلى غزة

شيطنة حزب التجمع لنزع شرعية الجميع

الخامس من نيسان ... يومٌ تبكي فيه الطفولة.. وغزة تُنْشِدُ الحياة بين الرماد"
