إسرائيل دمرت وقوضت كل شيء في غزة سوى الأنفاق وسلطة حماس
مقالات

إسرائيل دمرت وقوضت كل شيء في غزة سوى الأنفاق وسلطة حماس

اعتراف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأن 25% من الأنفاق في غزة قد جرى تدميرها فقط، رغم مرور سنة ونصف على الحرب التي تحولت إلى حرب إبادة جماعية هي من الأكثر وحشية وقذارة في التاريخ البشري، لا بد أنه يشكل صدمة للإسرائيليين وحلفائهم في الغرب الاستعماري الذين دمروا على مذبح حرب الإبادة تلك كل القيم والمواثيق والقوانين التي أُرسيت عليها العلاقات الدولية والنظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية.

أن ينجح الجيش الإسرائيلي المعزز بأحدث أسلحة الترسانة العسكرية الأمريكية في تدمير كل شيء عامر في غزة، إلا الأنفاق التي شكلت بما تمثله من ذخر استراتيجي للمقاومة الفلسطينية هدفًا رئيسيًا للحرب، فهذا أكبر من مجرد فشل عسكري فقط، خاصة إذا ما أضيف إليه فشل استعادة الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية، والقضاء على قدرات حماس العسكرية والسلطوية التي تشكل معًا الأهداف الثلاثة المركزية التي وضعتها إسرائيل للحرب.

المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" آفي اشكنازي كتب في هذا السياق، إنه حتى صباح كتابة مقاله، الذي نشر الخميس، فإن حماس ما زالت هي صاحبة السيادة في قطاع غزة، فهي التي تقرر جدول الأعمال المدني، وما زال لديها أجهزة للشرطة وفرض النظام، وهي من يوزع الخبز والماء أيضًا.

اشكنازي نقل على لسان مصدر أمني إسرائيلي كبير قوله، إن أي دولة أخرى في العالم ما كانت تستطيع إدارتها بالاستمرار، في أعقاب حجم الدمار والخراب الذي أنزله الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، مشيرًا إلى حالة غير قابلة للوصف حيث قام الجيش الإسرائيلي بمحو مساحات عمرانية كاملة من فوق الأرض ومن تحتها أيضًا.

من هنا لا نستغرب إقرار المئات من مقاتلي الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي في الرسالة التي نشرت اليوم الخميس، بأن استمرار الحرب لا يخدم أي من أهدافها المعلنة بل هو يؤدي إلى موت الأسرى وموت جنود ومدنيين أبرياء، إضافة إلى تآكل قوات الاحتياط، على حد وصفهم.

الرسالة التي وقع عليها زهاء ألف مقاتل في سلاح الجو بينهم طيارون طالبت بإعادة المختطفين إلى بيوتهم دون تأجيل، حتى لو كان ذلك بثمن وقف الحرب التي باتت تخدم مصالح سياسية وشخصية أساسًا وليست مصالح أمنية، مؤكدة أن اتفاقًا سياسيًا هو فقط ما يعيد أسرى بسلام، في حين يؤدي الضغط العسكري أساسًا إلى تعريض حياتهم للخطر.

رسالة مقاتلي سلاح الجو التي تأتي على وقع احتدام الصراع الداخلي حول ما يسمى بالإصلاح القضائي وحرب نتنياهو واليمين الحاكم ضد مؤسسات الدولة أو ما يسميه بالدولة العميقة، سابقة تربط بين المعركتين التي طالما سعى نتنياهو إلى الفصل بينهما، مستغلًا حالة الإجماع الصهيوني حول الحرب على الفلسطينيين لتعزيز مكانته في معادلة الصراع الداخلي وإطالة أمد حكمه والإفلات من ملفاته الجنائية ومن لجنة التحقيق الرسمية.

في هذا السياق بدأت تعلو العديد من الأصوات التي تتهم قائد أركان الجيش الجديد إيال زمير، الذي يدعي أن الضغط العسكري يبغي إلى إطلاق سراح الأسرى، بالتواطؤ مع نتنياهو وحكومته، حيث كتب الجنرال احتياط يتسحاك بريك، إن تصريحات قائد الأركان والمستوى السياسي بأن الضغط العسكري يبغي تحرير الأسرى هي خدعة كبيرة، هدفها غلق الأبصار وصم الآذان واستغفال الناس للحصول على شرعية لاستمرار حرب هدفها الأساسي الحفاظ على بقاء الحكومة (حكومة نتنياهو) على قيد الحياة.

ويضيف بريك، بأن نتنياهو يعرف أنه في حال لم يعد رئيس حكومة فإن أبواب جهنم ستفتح عليه، مشيرًا أنه باستثناء التهم المعروفة، هناك ادعاءات صعبة جدًا ضده لم يجر التحقيق فيها فقط لسبب أنه رئيس حكومة.. لافتًا إلى الادعاءات التي طرحها أودي ليفي رئيس وحدة "تسلتسل" في الموساد، وما حملته من اتهامات لنتنياهو ترتبط بأموال قطرية، وما أثارته هذه الاتهامات من عاصفة جماهيرية وسياسية، خاصة عقب ادعاء ليفي بأن أناس "كبار جدًا" ضالعون في القضية، وأن هناك الكثير من المعلومات التي لم يتم التحقيق فيها كما يجب.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.