
منظمة التحرير الحماية قبل الاصلاح
على ابواب انعقاد الدورة الثانية والثلاثين "لا للتهجير ولا للضم، الثبات في الوطن انقاذ اهلنا في غزة وقف الحرب حماية القدس والضفة الغربية، نعم للوحدة الوطنية الجامعة" المقررة 23و24 ابريل الجاري التحضيرات لها في رام الله، والشروع في العديد من اللقاءات والحوارات التي ستتواصل بشكل حثيث خلال الايام القليلة المتبقية مع توجيه رئيس المجلس الوطني الدعوة للاعضاء ومباشرة الطواقم المختصة العمل على اتمام التجهيزات الفنية واللوجسية واستكمال الاستعدادات في دورة طارئة تنعقد في ظروف بالغة الخطورة وتحديات باتت تهدد القضية الوطنية في ظل مساعي الاحتلال لشطبها سواء بخطة الحسم او انهاء الوكالة وكالة الغوث او ما يجري في القدس وليس اقل هذه الاجراءات ما تشهده السجون ايضا ينعقد المجلس المركزي وسط تسارع وتيرة الاسئلة الملحة التي تراود الجل الاعظم من بنات وابناء الشعب الفلسطيني في كل مكان بعد حرب الابادة المتواصلة على غزة، واستباحة الضفة الغربية ومحاولات تكريس واقع الاستيطان الاستعماري ومخططات التهجير القسري اسئلة صعبة ثقيلة حول المطلوب وما يمكن عمله في واقع مرير يتسم بحالة غير مسبوقة في تاريخ الشعب الفلسطيني ومحطات نضاله في الماضي اي حالة التمزق الداخلي ان جاز التعبير وليس المقصود فقط حالة الانقسام السياسي بل الحالة بكل تجلياتها وتفاصيلها من ازمات متلاحقة وبنى واطر وهيئات يضعف دورها رويدا رويدا حالة تطرب فقط الاحتلال بل تمده بالراحة الكاملة لتنفيذ ما يريد دون عناء!! اسئلة تتقاطع مع النقاش الجاري الذي يشغل اوساط واسعة حول ما اعلنه الرئيس محمود عباس في خطابه في القمة العربية 4-3 الماضي حول استحداث منصب نائب للرئيس فهل المقصود نائب لرئيس السلطة او نائب لرئيس المنظمة؟؟ ام انتخاب نائب للاثنين معا! وما تتركه هذه القضية من تفاعل ونقاش واسع وتوقعات تثار في الاماكن العامة والصالونات السياسية ووسائل الاعلام وسط احجام عن اعطاء اجابات واضحة وقاطعة حولها .
المسألة مهمة دون شك وتتعلق برأس الهرم السياسي بما تمثل منظمة التحرير بعيدا عن الباب الدوار والاحجية يبقى السؤال الاهم كيف يمكن تجاوز الوضع الحالي بالحفاظ على منظمة التحرير البيت الجامع والكيان المعنوي وحمايتها قبل اصلاحها اي ان المطلوب التجديف جنبا الى جنب في مسار واضح المعالم بخطوات مدروسة نحو الحماية والاصلاح معا لكن الحماية اولا والاتفاق على ذلك من الجميع - غير مسموح تعريض المنظمة لمحاولات الاطاحة او الانقلاب عليها لان اي تهديد لمكانة ودور المنظمة من شأنه الاضرار اكثر بالوضع ككل رغم اهمية الاصلاح الذي لا يمكن لاحد انكاره ان كان بهدف تطوير وتحسين اداء مؤسسات المنظمة وتفعليها لكن الاهم بهذا الخصوص حماية المكون لان المنظمة ليست فصيلا او طرفا من الاطراف والقاعدة التي تقول بقبول خلاف معها وليس عليها تبقى صحيحة وقائمة فهي التعبير السياسي المعنوي عن اهداف الشعب الفلسطيني والاطار الجبهوي الواسع لانجاز التحرر الوطني التي تحظى دون منازع باعتراف العالم كونها صاحبة التمثيل الاوحد والوحيد للشعب الفلسطيني الذي يمنحها شرعية العنوان ومشروعية العمل للالتقاء الوطني ومعالجة الخلافات مهما كانت والقدرة على التحرك بالخطاب السياسي في ارجاء العالم فالحماية هي تفويض ايضا وتعني صون مقدرات الشعب الفلسطيني وهي الامينة على مصالحه واهدافه اي بصورة اكثر وضوحا حماية البرنامج الوطني الذي تمثله منظمة التحرير وهو بالمناسبة بات برنامج الاجماع الوطني منذ الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني "دورة الانتفاضة" المنعقدة في الجزائر العام 1988 اذ لا خلاف سياسي اليوم حول الدولة المستقلة كاملة السيادة على جميع الاراضي التي احتلت العام 1967 وحق تقرير المصير، والعودة وفق القرار 194 هذا البرنامج الوطني لمنظمة التحرير يجمع عليه ويلتف خلفه الجميع بعيدا عن غمرة العواطف والتحليلات الاكاديمية والانبهار المبالغ فيه كما جرت العادة بعبارات الانشاء السياسي ذات ا"لنكهة الثورية " تمتين هذا البرنامج هو الخطوة المتقدمة الاساس للحماية وعدم قبول اي صيغ لتغيره او الانقاص من سقفه بعيدا عن الجمل المزركشة بالاصلاح وتسجيل المواقف ليس الا!! الا لخدمة المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطين غير مسموح لاي كان تجاوز الاتفاق والعرف الوطني الذي زكته السنين الطويلة من العمل المشترك رغم التباينات والخلافات التي بقيت تحت سقف الحفاظ على الوحدة واستمرارها .
الورشة الوطنية الواسعة التي يجب ان تفتحها دورة المجلس المركزي يجب ان لا تقبل التردد او التلعثم او نصف الاجابات مرتكزاتها الاتفاق على حماية المنظمة من التذويب والتذويت او المحاور والاصطفافات الاقليمية، اعادة الاعتبار لمؤسساتها ودورها وانتظام الاجتماعات ودوريتها، وحل التداخل بين المنظمة والسلطة ووضع ارضية صلبة واسعة لانخراط الجميع فيها مطلوب بوضوح ودون مواربة وقف الاستيلاء على المنظمة من السلطة التي هي احدى المنشآت التي اسست بقرار منها في العاشر من كانون 1993 بعيد توقيع اتفاقية اوسلو وحتى لا ينخدع احد بالحديث واستمرار اجترار الحديث عن اصلاح المنظمة من المرجح ان لا خلاف على الاصلاح واهميته لكن منظمة دون حماية برنامجها ومؤسساتها وصفتها التمثيلية وجوهر عملها ستكون حتما عرضة للمزيد من التآكل والاهتزاز وفي مهب الريح هذا ما يريده اعداء الشعب الفلسطيني وعلينا العمل على تفويت الفرصة ومنع حودثه وقطع الطريق على كل المحاولات الهادفة لذلك .
اليوم في هذه الدورة والتحضيرات الجارية لانعقادها المهمة الاصعب ليست في انتخاب او التوافق على نائب الرئيس التي يمكن تاجليها او ارجاء البت فيها اذ هي ليست سيفا مسلطا على رقاب القيادة الفلسطينية الاهم هو فتح النقاش السياسي المعمق والشامل حول السبل الكفيلة لمواجهة التحديات بما فيها الانية الملحة التي لا تحتمل التأجيل ومن بينها ما يعرف باليوم التالي لحرب الابادة على غزة او خطط الضم والامر الواقع في الضفة وربط ذلك بمستقبل النضال الوطني الفلسطيني واشكال الكفاح الممارسة باقل الخسائر المتوقعة؟ وكيف يمكن منع التراجع الكبير الوضع الداخلي مع التغيرات الهائلة التي يشهدها الاقليم والمنطقة التي تعج بتطورات يمكن التنبؤ باتجاهاتها المستقبلية ومخاطرها المحدقة على قضية الشعب اللسطيني وفرض الشروط عليه لما توفره الفرصة الذهبية المتوفرة حاليا لمعكسر اليمين المتطرف في اسرائيل كل ذلك قد يقود الى سؤال هام ما هي الصيغة الامثل التي تتناسب مع الواقع الراهن القادرة على الابقاء على الحفاظ بالتمسك من جهة بحق النضال الوطني وفي ذات الوقت قادرة على تجاوز الاخطار الكبيرة التي تواجه مصير القضية الوطنية ؟ خصوصا اذا ادرك الجميع اننا نعيش حرب وجودية تستهدف اقتلاع الشعب الفلسطيني وتصفية القضية الوطنية فما هي الاشكال الاكثر واقعية لبناء مقاربات تقلل الخسائر؟ وفي ذات الوقت تعيد الثقة مع الجمهور المترقب المنتظر الذي يريد ان يرى شيئا يعزز ثقافة الصمود والبقاء فوق هذه الارض في وجه السياسات المعادية بما فيها التهجير والترحيل القسري .
دورة بالغة الاهمية تبدأ خلال الايام القليلة القادمة وبارقة امل تلوح في الافق تحمل في ثناياها امكانية استعادة الوحدة وتعزيز الحالة الشعبية الموحدة في مواجهة عدوان الاحتلال على غزة والضفة والقدس والداخل وفي كل مكان حرب لا هوادة فيها على وكالة الغوث الاونروا على الارض والحدود والقدس ومعها بطبيعة الحال لا مجال للنقاش من اجل النقاش حالة الجدل المحتدم على القشور وترك اللب، الهوامش لم تعد الاساس كون التحديات تتعلق باستمرار الوجود فالارتقاء لمستوى الدم المسال في محرقة متواصلة يتطلب شجاعة ليست فقط القرارات، وانما ايضا بمدى القدرة والامكانات لتنفيذها واشتقاق ما هو ممكن ضمن ما هو قائم القرارات التي اتخذت في الدورات السابقة للمجلسين المركزي والوطني للتذكير كانت صائبة وواقعية وقف العلاقة مع الاحتلال والتحلل من الاتفاقيات قوبلت باجماع شعبي ووطني واسع لكنها لم تنفذ اليوم الاحتلال اعاد "الادارة المدنية" ولم يبقى اي اتفاقيات تحكم العلاقة به مصادرة المقاصة، الهجمة على الاسرى نهب الارض يوميا، وحرب ابادة متواصلة شواهد على ما يريده الاحتلال ولا يخفي مطامعه علنا ورسميا فيما نحن علينا ان لا ندخل في لعبة الالهاء في متاهات الخروج من المأزق الحالي بحالة جدل في التفاصيل الاساس وضع الاسس للمجابهة فطريق الخلاص هي انهاء الاحتلال حتى لو كنا امام لحظة اتخاذ قرارات مصيرية ومعالجة جراحية للواقع علينا الذهاب لها دون تردد .
والعبرة بما تحمله الايام القادمة ان كانت منطلقا للبناء وتؤسس لمرحلة جديدة من العمل المشترك والتوحيد للجهود والطاقات وبضمنها حماية المنظمة قبل اصلاحها باعتبارها منجزا وطنيا وارثا كفاحيا- بعيدا عن التغني بالماضي وانما من اجل المستقبل ايضا فالمنظمة هي هوية الشعب الفلسطيني التي جميعنا اعضاء فيها ام باستمرار الحالة والمراوحة في ذات المكان وربما المزيد من حالة التآكل وربما الانكفاء ووسط كل هذا الجدال وصراع النفوذ والمصالح يجب ان لا يغيب عن بالنا ان هناك عدوا يتربص بنا يستهدف الجميع دون استئناء لذا وضع الامكانيات من اجل برنامج وطني صمود شعبي مواجهة، وحالة صمود سياسي وكفاحي تؤسس لحماية المنظمة لان حماية الوطن يحمي المنظمة وبالعكس هذا مقياس النجاح لدورة المجلس المركزي لمنظمة التحرير واحدى اهم المؤشرات لقراءة المستقبل القريب من اجل تخطي الوضع المثخن بالجراح ليحمل بلمسا للشفاء وانبعاث الامل والحياة .