
تهويد الضفة وإسقاط السلطة
الناظر إلى حواف شوارع الضفة الغربية وتلالها وقمم جبالها يتحقق أنّ عملية التهويد قائمة بشكل متسارع في مجمل الضفة الغربية بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بشكل مضاعف منذ مجيء حكومة اليمين الفاشي في العام 2022. كما أشارت احصائيات الجهاز المركزي الفلسطيني أنّ نسبة المستوطنين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية حوالي 23.4 مستوطن مقابل 100 فلسطيني، إضافة إلى استمرار محاولات المستوطنين اعتبار بعض المواقع الأثرية في قرى الضفة الغربية بأنّها مواقع دينية توراتية لوضع "مسمار جحا" ذريعة اقتحامها بحراسة جيش الاحتلال وهي فرص تتيح لهم ممارسة العنف والإرهاب والتخريب في تلك القرى والمواقع الفلسطينية.
عملية التهويد هذه للضفة الغربية لضمها أو إقامة مملكة يهودا والسامرة الجديدة في الضفة الغربية تترافق مع منع وجود كيان فلسطيني سياسي أو ذي طموح سياسي عبر إجراءات متدرجة ومستدامة لإنهائها أو اسقاطها تتمثل؛ أولاً: بإضعاف السلطة الفلسطينية عبر الاقتطاعات المالية المستمرة من أموال الشعب الفلسطيني "المقاصة" بحجج متعددة كحسم مبلغ موازي لحجم رواتب الأسرى وأهالي الشهداء، وحجم موازنة قطاع غزة، وتنفيذ قرارات محاكم إسرائيلية بتعويض أهالي القتلى والجرحى من الإسرائيليين، وديون بعض الشركات الإسرائيلية مما أحدث عجزاً مستداماً في خزينة الدولة الأمر الذي أدى إلى عدم تمكن الحكومة الفلسطينية من دفع رواتب الموظفين بشكل كامل على مدار أكثر من عامين، وتخفيض جودة الخدمات الأساسية للفلسطينيين. أو عبر الاقتحامات المستمرة للمدن الفلسطينية التي هي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية الأمر الذي أضعف رضا المواطنين "دافعي الضرائب" على أداء السلطة لعدم الشعور بالأمان.
وثانياً: سحب صلاحيات السلطة الفلسطينية عبر التواجد العسكري المستدام للقوات الإسرائيلية في كل من مدينتي جنين وطولكرم وتدمير مخيماتها، وعبر قوانين أقرها الكنيست ومن ثم صدرت بقرارات من قبل الحاكم العسكري "قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي" خاصة ما يتعلق بالتخطيط العمراني في المناطق المصنفة "ب" وفق اتفاق أوسلو. وثالثاً: إهانة السلطة الفلسطينية عبر محاولات منع وتأخير نقل الطائرات العامودية الأردنية للرئيس الفلسطيني محمود عباس الأسبوع الفارط، وأثرها منع رئيس الحكومة د. محمد مصطفى من حرية الحركة والوصول إلى بعض القرى الفلسطينية التي تعرضت لاعتداءات المستوطنين لتفقدها. ورابعاً: عزل السلطة أو محاولات العزل كما حصل مع الوفد البرلماني الفرنسي وهو لم يشكل سابقة حيث منعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لجان التحقيق الدولية من الوصول إلى الأراضي الفلسطينية للتحقيق بجرائم الاحتلال عبر السنوات الماضية.
عملية التهويد لم تعد مقتصرة على مدينة القدس المحاطة بجدار العزل العنصري بل أنّ عملية التهويد تطال مدن ومناطق سكنية في طول الضفة الغربية وعرضها عبر عملية تهجير للمواطنين الفلسطينيين سواء لأسباب اقتصادية عبر الحواجز ومنع تنمية القدرات الاقتصادية، أو اجتماعية ضعف توفير مقومات الصمود لدى التجمعات السكانية النائية من تعليم وصحة، أو أمنية نتيجة اعتداءات المستوطنين المحمية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي وعدم القدرة على حمايتهم منها. فلم يعد يقتصر التهويد على الهوية العربية "الإسلامية المسيحية" لمدينة القدس بل بات في جميع الضفة الغربية تمهيداً أو تحقيقاً لمنهج كهانا في اقتحام المدن والتعايش مع وجود المستوطنين في الضفة الغربية وفي المناطق ذات الكثافة السكانية، وعدم الاقتصار على المناطق الهامشية أو اللصيقة بالمستوطنات.

ماذا بعد الاعتراف بدولة فلسطين؟

الكل الأمريكي والإسرائيلي في دائرة واحدة .. داخل الدائرة دوائر، بدايتها تخلف عن الأخرى ل...

المفاوضات النووية والهيمنة الأميركية

لماذا كل هذه البلادة أمام ما يجري؟

في مسار تغيّر المجتمع الإسرائيلي

ما خفي أعظم ولكن في الاتجاه المعاكس

حروب العشرية الثالثة (26)
