إسرائيل: فرصة لهدنة طويلة الأمد لا يجب إهدارها!!
إثر كل حرب شنتها إسرائيل على قطاع غزة، نقصد هنا حروبَها الثلاث الواسعة، كانت المستويات الأمنية والسياسية وحتى الإعلامية، تُجري نقاشات واسعة حول تأثير نتائج كل حرب على علاقة الاحتلال مع قطاع غزة، في سياق أكثر من تيار يتبنى سيناريو من بين عدة سيناريوهات، البعض من هؤلاء يرى أن تجربة الحروب الثلاث تشير إلى أن كل حربٍ تجر إلى حرب أخرى، بينما يرى البعض الآخر، أن المشكلة أن الاحتلال، وبنتائج كل حرب، كان يضيّع فرصاً فريدة في التوصل إلى تهدئة تتطور إلى هدنة طويلة الأمد، في حين كان الخلاف بين المستوى العسكري والمستوى الأمني الاستخباري، والذي عكس نفسه عدة مرات في سياق المجلس الوزاري الأمني المصغر، الكابينيت، يسود النقاش من دون ترجمة أي سيناريو فعال من بين كافة السيناريوهات التي يتم تداولها.
اليوم، نحن أبعد ما نكون في الأيام التي تتلو حرباً إسرائيلية جديدة، وحتى تلك الحروب الصغيرة، إثر كل تصعيد أمني بين الاحتلال وقطاع غزة، قد تقلصت خلال الأيام الأخيرة، مع ذلك، وكأننا إثر حرب من نوع جديد، في سياق الحديث الإسرائيلي المتجدد وعلى كافة المستويات السياسية والأمنية عن فرصة، يجد الاحتلال، أنه يجب ألا يفوّتها، كما كان الأمر بنتيجة الحروب السابقة، فرصة فريدة للتوصل الى هدنة طويلة الأمد مع حماس، ولكن هذا النقاش المحتدم، حول «الفرصة» ليس اثر حرب عدوانية جديدة، ولكن إثر جملة من المعطيات التي يرى الاحتلال أنها باتت توفر مثل هذه الفرصة، وبدون حرب جديدة واسعة!
رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي منح شهادة من نوع مختلف وجديد حول رؤيته لحركة حماس، عندما يقول ان جل اهتمام حركة حماس هو تحسين رفاهية سكان القطاع، وإنه توجد لدى حركة حماس رغبة قوية بعدم تصعيد الوضع ودفع عملية التهدئة. (يديعوت أحرونوت ٢٧ / ١٢ / ٢٠١٩)
وحسب هذا التقييم، فإن الجيش الإسرائيلي، بات أكثر حماساً في الإعراب عن موقفه الداعي الى تحسين ظروف الحياة في قطاع غزة، من خلال عدة وسائل، في طليعتها السماح لعدد كبير من عمال القطاع للعمل في إسرائيل، عمال كبار في السن ومن دون خلفية أمنية، لديهم عائلات للعمل في ميداني الزراعة والبناء «إن عامل البناء يتقاضى أجراً لا يقل عن ٢٠٠٠ دولار، سيحسن وضع عائلته بصورة دراماتيكية ويدخل الأوكسجين الى القطاع»، حسب ما جاء في الصحيفة نقلاً عن الجيش الإسرائيلي.
لكن هناك تخوفات من قبل الشاباك تتعلق بالمسألة الأمنية تحديداً، مع ذلك فإنه سيوافق على منح تصاريح أكثر للتجار، وهو الأمر الذي قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه تم إقراره.
الجيش الإسرائيلي لا يطرح موقفه بناء على رغبته في تجنب المواجهة مع قطاع غزة للاهتمام بالجبهة الشمالية وإيران فحسب، بل إنه يرى أن هناك نافذة فرص قد تحققت في الأيام الأخيرة، لا يجب إغفالها، أولاً في سياق اغتيال إسرائيل للشهيد بهاء أبو العطا، والإشارات التي أقدمت عليها حركة حماس من رهاناتها على تسوية وهدنة مع إسرائيل بديلاً عن المشاركة في الرد، وتأتي هذه المعطيات، في سياق القرار بإعادة النظر في تنظيم برنامج مسيرات العودة، هنا لدى جيش الاحتلال إشارتان واضحتان، يعمل عليهما لإقناع كافة المستويات بأن هناك فرصة لا يجب إهدارها للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد مع حركة حماس، خاصةً وأن هناك تغطية عربية وإقليمية ودولية، لهذه الهدنة التي يمكن اعتبارها إحدى بوابات صفقة القرن!