اشكالية العمل النقابي في فلسطين
النقابة ليست حزباً سياسياً ولا جمعية خيرية، وذلك لأن الحزب يهتم بالقضايا السياسية والوطنية التي تخدم الوطن، اما الجمعية الخيرية فتهدف فقط لخدمة أعضائها ضمن الهدف الذي انشأت من أجله، لكن النقابة تدافع عن حقوق أعضائها ولها موقف من القضايا الوطنية والسياسية الداخلية والخارجية، فقد وصفت أنها بديل الأحزاب ان غابت.
النقابات المطلبية عمليا تدافع بشكل رئيسي عن حقوق أعضائها ولا علاقة لها بمعايير أو التراخيص للمهنة ومخالفات الأعضاء تتكفل بها الجهة المشغلة وفق القانون أو يحول للنقابات المهنية، النقابات المهنية تحافظ على التزام أعضائها بشروط المهنة وليس لها دور في الدفاع عن حقوق أعضائها لدى مشغلهم، فمثلاً لا تستطيع نقابة المهندسين الدفاع عن مهندس في شركة فيها ١٠٠ عامل لانه من الممكن ان يتم فصله دون شعور بخلل واستبداله، لكن عندما يتبنى جميع العمال طلبه من خلال نقابة العمال سيقفوا معه ويكون موقفه أقوى ومن حق المهندس والطبيب والمحامي وغيرهم أن يكون عضواً في نقابتين، هذا ليس الواقع في فلسطين بسبب خلل في وزارة العمل وكذلك في عدم فهم النقابات لدورها، هناك تداخل صنعه بعض المسؤولون كان الهدف منه تفتيت دور النقابات.
النقابات المهنية واجبها أن تدافع عن التزام العضو بشروط المهنة ومن لا بعمل وفق الشروط المدرجة في نظامها الداخلي تسحب منه الشهادة بعد الإنذار أو التنبيه عدة مرات وفق النظام والقانون للنقابة، فمثلا طبيب لا يقدم الخدمة الطبية حسب الأصول أو ارتكب خطأً طبي واجبها أن ترشده وأن تعطيه التنبيه ومن ثم سحب شهادته اذا كان متعمداً أو غير مؤهلاً، لأن ذلك فيه إساءه لمهنة الطب وكذلك المحامون وغيرهم، ومن المستهجن أن تتجند بعض النقابات لخطأ يرتكبه العضو في النقابات المهنية حيث شهدنا أخطاء أدت للوفاة دون سحب شهادة العضو أو حتى إدانته.
النقابات جميعها تلتزم بما وقعت عليه دولهم حول قانون الإضرابات والفعاليات النقابية بشكل لا لبس فيه حيث أن هناك قطاعات لا يسمح أن يشملها الاضراب مثل مرضى الكلى والسرطان وكذلك الطوارىء وغيرها في القطاع الصحي وكذلك المخابز والعاملون في السلك العسكري أوالدبلوماسي.
لا إمكانية للقضاء وقف الإضراب ما دامت النقابات ملتزمة بالقانون والنظام الداخلي للنقابة و وفق المعايير الدولية والاتفاقيات العربية، ولا إمكانية للقاضي باتخاذ قرار وفق القوانين الداخلية التي تتعارض مع القوانين الدولية والاتفاقيات العربية والدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين، وعدم احترام القضاء لذلك وبشكل سافر سابقاً جعل بعض النقابات تتمرد على الالتزام بالحكم القضائي.
قمع النقابات والاعتقال وحظرها ممنوع قانونياً وحق النقابات مكفول في اتخاذ القرارات التي ينص عليها القانون والنظام الداخلي للنقابات، وحلها لا يتم إلا من خلال هيئتها العامة فقط، العبث الحاصل داخل فلسطين يجعل فلسطين تخسر عضويتها في المنظمات الدولية.
توفير البدائل عند الإضراب وتعين آخرين ممنوع دولياً ولا يحق للمشغل فعل ذلك ، تجاوز النقابة للأخلاق والعرف يجعلها تفقد ثقة أعضاءها وثقة المجتمع، وعلى النقابة تقديم المصلحة العامة للشعب على المصلحة الخاصة، فمن غير المقبول القيام بإضراب وفلسطين تتعرض لإجتياح أو حصار مالي أو انتشار مرض معدي كما الكورونا حالياً.
لا يحق لأحد الدخول في الجدل حول حق النقابة في المطالب التي يضعها المجلس المنتخب للنقابة حيث أن بعضها يوضع للتفاوض والهدف منها تكتيكي لا أكثر ويتم الحل ومعالجتها من خلال التفاوض مع المشغل.
في فلسطين هناك قمع للحريات وعدم احترام للعمل النقابي واعتداء من جهات متنفذة على حرية الاختيار للنقيب ومجلس النقابة لأجندات شخصية بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية أو النقابية، وتم استغلال غياب التشريعي وإصدار قوانين تخالف أولاً القانون الأساسي الفلسطيني وثانياً المعايير الدولية والاتفاقيات العربية من خلال الحكومتين السابقتين، مما جعل الوضع النقابي شبه محظور ولا تقوم النقابات بأي دور تجاه أعضاءها إلا بعد استلام الحكومة الحالية، ولكن لم تصل للمرحلة المطلوبة.
كذلك هناك نقابات واتحادات غير منتخبة ومضى على وجود قيادتها سنوات تجاوزت العشرين عاماً تُستخدم فقط لتنفيذ أجندات أشخاص و لا تمثل القاعدة، ولهم عضوية في المجلس الوطني والمركزي ومنها من خان الوطن وقام بالجلوس وعقد اتفاقيات واجتماعات مع ممثلي الاحتلال الاسرائيلي، ولا تلتزم بالمعايير الأخلاقية ولا الوطنية في التعامل مع أعضائها ومنها إتحادات ونقابات لم تقوم بأي فعالية وتصرف لها مقرات وتمنح عضويات في مؤسسات منظمة التحرير.
نقابة الأطباء التي لا أتفق مع استمرار إضرابها الحالي في طل تهديد مرض الكورونا إلا انها نقابة منتخبة تاريخها عريق وواجباً أن نكثف الحوار معها لإنهاء الإضراب سواء تلبية مطالبها أو تجميد الفعاليات بالتوافق معها على أن تستأنف فوراً بزوال خطر المرض الذي يهدد العالم كله وليس فلسطين وحدها، فقد تم إلغاء العمرة ورحل الطيران وإغلاق مدارس، وإلغاء مباريات دولية، ومنع حتى الرحلات والحفلات ، فهل نحن لا نجمد فعالية نقابية، و في كل العالم تم استنفار للمؤسسات الطبية وغير الطبية والمختبرات واتخاذ إجراءات وقائية للمرض ، الأحرى بنا أن نتحاور ونتوافق لمنع هذا الخطر.
النقابات لن يصلح أمرها إلا بعد عودة المجلس التشريعي وإلغاء القوانين التي أقرت للقضاء على الحريات والعمل النقابي ومنعت النقابات من إجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة.