في زمن الهزائم يمكننا أن نحقق انتصاراً
مقالات

في زمن الهزائم يمكننا أن نحقق انتصاراً

في زمن الهزائم يمكننا أن نحقق انتصاراً، وهذا يعتبر انتصاراً للوطن، للأرض والإنسان. بداية، دعوني اشيد بالخطوات الجريئة والسريعة التي قامت باتخاذها القيادة الفلسطينية وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس، ودولة رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية للوقاية والحد من انتشار فيروس "كورونا" الذي اعتبره تحدياً آنياً كبيراً يواجه شعبنا الفلسطيني وشعوب الأرض عامة.

لست مختصاً في المجال الصحي، ولكن تجربتي الشخصية الأخيرة وضعتني أمام تحدٍ كبيرٍ وشعرت بمسؤولية لتبني هذه القضية فقط من أجل التوعية. 
فقد عدت مؤخراً من فرنسا ضمن جولة عروض في العالم، وحجرت نفسي طوعاً كجزء من مسؤوليتي الاجتماعية والوطنية من أجل سلامتي وسلامة عائلتي وأبناء شعبي، وخلال هذه الفترة قرات الكثير وها أنا أشارك معكم المعرفة.

نحن أمام مشهد مخيف لعجز الانسان مع كل ما يملك من تقدم علمي وبحثي في التغلب على هذا الوباء الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية "وباءً عالمياً". إنني أرى انكسار جبروت الدول العظمى أمام فيروس حقير لا يرى، لا صولجان فوق رأسه، لا جيش امامه، لا علم له ولا حدود. فيروس لا يجند إعلامه، لا يكذب، لا يراوغ ولا هدف له إلا البقاء، وذلك من خلال سلب حياة البشرية واشتمام رائحة الموت.

حاربت البشرية على امتداد التاريخ العديد من الكوارث كان آخرها عام 1918 تحت اسم "الانفلونزا الاسبانية" والتي حصدت أكثر من 50 مليون انسان في أوروبا، اما اليوم فأن فيروس "كورونا" وحسب احصائيات دقيقة وضمن التطور التكنولوجي، المواصلات والاتصالات بين الدول، فأنه قد يصيب جزءاً كبير من البشر. 

هذا بالتأكيد ليس لنشر الخوف، وإنما فقط من أجل أن نكون على وعي تام بالحقيقة والواقع، ولكي ندرك بأن التصرفات يجب أن تتناسب وحجم الحدث. أعي تماماً أن الخوف والهلع حالات تزيد من درجة الفوضى وعدم التعامل مع الأمر بحكمة، ومن وجهة نظري، فإن فهم الواقع بدقة هو الأمل الذي يمكن أن ينقذ البشرية.

ليس أمامنا كبشرية أي حل سحري في الوقت الراهن والقريب، إلا وسيلة واحدة هي الوعي والوقاية والتي يمكن أن تحد من انتشار هذا الوباء المرعب، بينما يقوم العلماء والمختصين بتطوير لقاح مضاد. من هنا، ومن خلال الاحصائيات الرسمية العالمية حالياً ثبت أن احتواء انتشار الفيروس منوط بأخذ قرارات الطوارئ بأعلى درجاتها والأهم أن تكون في الوقت المناسب وللأسف في معظم الأحيان "الوقت المناسب دائماً متأخر”. وقد لاحظنا بالفعل أن الدول التي اتخذت هذه الإجراءات حاصرت وقللت من المخاطر، ومن هنا فأن فلسطين كانت من أوائل الدول التي أعلنت حالة الطوارئ في خطوة أعتبرها جريئة وحكيمة، وهذا القرار يحسب لقيادتنا في زمن الهزائم المتواصل على شتى الأصعدة، ولأول مرة تتقدم قيادتنا بقرارتها الصحيحة عن معظم دول العالم وبالأخص عن دولة الإحتلال التي وضعت قيادتها جميع الشعب أداة من أجل مصالح سخيفة لا تعبر إلا عن عقلية مستعمر.

من هنا أطالب قيادتنا كلا بموقعه ومن سيادة الأخ الرئيس محمود عباس رفع درجة الطوارئ خطوة أخرى ضمن تعليمات واضحة لإبقاء كل الشعب الفلسطيني في الوطن داخل منازلهم في حجر بيتي وإيجاد ميزانية خاصة لدعم العائلات قليلة الدخل في هذا الظرف بالإضافة تكثيف كل الجهود لدعم القطاع الصحي. 

على صعيد آخر، فإنني بالفعل انحني لهذه الوقفة الشعبية الجماهرية لشعبنا الفلسطيني التي لا تعبر إلا عن شعب حر ومعطاء. لقد دمعت عيني حين قدم أصحاب الفنادق في بيت لحم وفلسطين فنادقهم مجاناً خدمة للإنسانية والوطن، هكذا نحن نقيس المسافة بين الوجود والعدم بروح إنسانيتنا.

نحن أمام حرب كونية من نوع آخر وعدوٍ كبيرٍ للبشرية، مختلف تماماً عن غريزة الجشع في الانسان، أو الحروب التقليدية. "كورونا" فيروس يعتلي أجسادنا ويعبر الحدود ويتغذى على أرواحنا، لا تفاوض معه أبداً وعلينا القضاء عليه.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.