كورونا.. بين العلاج والمؤامرة!
مقالات

كورونا.. بين العلاج والمؤامرة!

جائحة فيروس كورونا ملأت الدنيا صخبًا وضجيجًا. فوسَط زحمة الإجراءات الاحترازية العاجلة، التي تتخذها الحكومات والدول حول العالم..

وعلى خلفية محاولات الصمود أمام موجة الهلع، التي كادت تجتاح المواطنين في دول عديدة، وفي بعضها الآخر عمهم الرعب، يتلهف المرء لسماع أخبار تطمئنه بأن لحالة الطوارئ الكونية هذه نهايتها، وليت أنها تكون قريبة!

ولكن السؤال هو: متى، وكيف؟

 بيد أن أخطر ما يواجهه الإنسان هذه الأيام، إضافة إلى خطر كورونا نفسه، هو الغموض الذي يكتنف طبيعة هذا الفيروس، والذي هو في الواقع ليس جديدًا بقدر ما هو مستجد. وقد تفشَّى لأسباب لم تُوضح تمامًا. وهنا نالت روسيا قسطها من الاتهامات بالترويج لنظرية مؤامرة أخرى لنا عودة إليها بعد قليل في هذا المقال.

هنا تتجه الأنظار إلى العلماء والمختصين، الذين انكبوا على دراسة هذا الوباء، محاولين التوصل إلى علاج له. أما العلاج المنشود فإما أن يكون في شكل لقاح أم مصل أم مستحضر طبي يقي العالم من شر المزيد من تفشي الفيروس، ويخلص البشرية منه، ولو إلى حين، وإما أن يأتي العلاج خبراً عن قرب الوصول إليه!

 خلال الأيام القليلة الماضية وردت أنباء عن أن مجموعة من خبراء الأوبئة الروس من معهد سمورودينتسيف لأبحاث الإنفلونزا التابع للأكاديمية الروسية للعلوم الطبية تمكنوا من تفكيك شيفرة جينوم الفيروس كورونا بالكامل، فما هي أهمية هذا الاكتشاف؟

تحدث برنامج "أبعاد روسية" إلى واحد من علماء الفيروسات الروس البروفسور ميخائيل كوستينوف، وهو عالم متخصص في المناعة من معهد ميتشنيكوف للقاحات والأمصال التابع للأكاديمية الروسية للعلوم الطبية ورئيس مختبر خاص في المعهد. وقد أشار إلى أن "من المهم أن نعرف طبيعته، لأن مصدره لا يزال مجهولاً. يعرفون الحالة الأولى، أما المصدر فلا. ستسمح قراءة جينوم الفيروس بالتحكم بهذا الفيروس وبصنع لقاح له وعقارات خاصة ووسائل وقاية منه، وهي تفتح آفاقاً واسعة أمام قدرة الإنسان على مكافحة هذا الفيروس والوقاية منه".

أقامت أسباب انفجار الكورونا الدنيا فجأة ولم تقعدها. ولماذا في الصين تحديدا؟ وهل السبب هو تفاعلات دورية على خريطة الفيروسيات في العالم التي تعيش في الكرة الأرضية من الأزل؟ أم أن الفيروس هو من صنع الإنسان والمختبر؟ 

يوضح الدكتور كوستينوف أن "معرفة مصدر الفيروس سيكون ممكنا من بنيته، وكذلك عما إذا كان طبيعيًا؟ أم بفعل طفرة؟ أم من جراء تدخل للعامل البشري؟". فهل يمكننا القول إن العلماء الروس قد توصلوا فعلًا إلى حقيقة منشأ الكورونا، وإن بإمكانهم حسم الجدل حول منْ، أو ما الذي أطلق المارد من القمقم؟ هل هي الخفافيش أم أنها جهات وكيانات بشرية؟

 فريق العلماء الروس، أصحاب الإنجاز العلمي الأخير، قام بإرسال المعلومات الجينومية المستحصلة حديثاً إلى مؤسسة EpiCoV GISAID. وهي بنك للبيانات الدولية الخاصة بالفيروسات، فهل سيساعد ذلك على تفعيل الجهود الدولية الرامية إلى احتواء الجائحة الكورونية؟ أم أن هذا التعاون سيساعد في صنع اللقاح المضاد؟ أم أن إعطاء شفرة الحامض النووي الكوروني لمنظمة دولية هي من أجل تطوير أدوات مراقبة الفيروس عالميًا ليس إلا؟

إن القاعدة الدولية للبيانات، كما يقول السيد كوستينوف، "هي بمنزلة متحف للفيروسات. هنا تجري دراسة الفيروسات بشكل هادف، وفي حال نمذجتها، فإن من الممكن استخدامها بهدف الإيذاء. قراءة الكود الوراثي تحدد إحدى وسائل مكافحة السلاح البيولوجي، وهذا يتيح إمكانية بحث طريقة المكافحة". فهل كان الدكتور يلمح إلى "السلاح البيولوجي" يا ترى؟

أما بالنسبة إلى الفائدة الطبية من تفكيك الحامض النووي الفيروسي، فيقول البروفيسور الروسي: "إذا عرفنا الجينوم، فإننا نستطيع إجراء مزيد من البحوث، عن الكيفية، التي يمكن بها التأثير في جسم الإنسان. وعما إذا كان ذلك يؤدي إلى اضطراب في وظائف الأعضاء؟ نحن قد نستطيع صنع لقاح جيد منه ضد هذا الفيروس تحديداً. كما يمكننا أن ندرس كيف يمكن أن تؤثر فيه مختلف المستحضرات الدوائية لكي نختار منها ما نعالجه فيه وما نحتمي به منه".

أما في الولايات المتحدة، فأعلن الرئيس دونالد ترامب أنهم سيبدأون في استخدام مادة "الهيدروكسي كلوروكين" علاجا ضد فيروس "كوفيد-19"، وهي المادة التي تُستعمل في علاج الملاريا والتهاب المفاصل، فما مدى فاعلية هذا القرار الطبي؟ وهل هذا هو الحل المرجو من قبل سكان العالم؟

لا يستبعد ميخائيل كوستينوف أن "تكون هناك مستحضرات دوائية أخرى قيد التطوير في المختبرات، قد يستخدمونها لمكافحة هذا الفيروس. وقد يظهر غيرها بعد شهر أو شهرين. لذلك فهم الآن يحصلون على الفيروس، سابقاً كان في الصين فقط ويصعب الحصول عليه، فقد كان مادة بيولوجية للدراسة. أما الآن، وبما أن الفيروس موجود في مختلف الدول، فستجرى دراسته في البلاد التي يوجد فيها تقانات صيدلانية وبحثية، ولا أستبعد أن تقول فرنسا أو إيطاليا أو ألمانيا أو روسيا إن لديها مستحضرًا".

لا شك في أن البشرية جمعاء تتمنى أن ينتهي كابوس الكورونا بأسرع ما يمكن. بيد أن موقف ترامب كان لافتًا للنظر، وخاصة أنه أعرب عن انزعاجه من إمكان حصول ألمانيا أو فرنسا على الدواء! فهل لعبت هنا دورها اعتبارات الزعامة، كما هي العادة مع الولايات المتحدة؟ أم أن فريق الأطباء الأمريكيين المتخصصين كان يجب أن يسرع إلى الإعلان عن وجود "حل أمريكي" قبل مجيء الحل من دولة أخرى؟ أم أن هناك أسبابا تجارية مرتبطة بالمنافسة بين كبريات شركات صناعة الأدوية في الأسواق العالمية وهي تدر مليارات الدولارات؟

أما فيما يتعلق بجهود العلماء الروس لاستخراج لقاح لحماية الإنسان من القاتل الجديد وبشكل فعال، فقد أعرب عدد من كبار المسؤولين الروس، بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين، عن قناعتهم بأن الأطباء والمختصين الروس هم قاب قوسين أو أدنى من بلوغ هذا الهدف. وهنا نعود إلى سؤالنا الذي طرحناه أعلاه: متى الحل؟

الجديد في الموضوع، كما يوضح البروفسور كوستينوف، أن "هذا اللقاح موجود في المختبرات عند الجميع، وتكمن المسألة في أن تطبيقه على أرض الواقع يحتاج إلى 6 أو 8 أو 10 أشهر لنفهم أي اللقاحات أفضل. في المختبر العمل جارٍ على قدم وساق، ولكن يجب المرور قبل كل شيء بتجارب الطور الأول، أي ما قبل السريري، حيث يدرس تأثير اللقاح على الحيوانات، ثم يأتي الطور السريري على الإنسان. ويجب الإعلان عن أنه آمن على الإنسان".

ما يحيِّر البلاد والعباد هو الرعب، الذي أثاره فيروس كورونا، وحجم إجراءات الحجر الصحي غير المسبوقة المتخذة عالميًا.

يؤكد الخبراء أن كورونا هو نوع من أنواع الفيروسات الرئوية من سلاسة "كورونا" العامة. غير أن ما هو مهم بالنسبة إلى كورونا بالذات هو أنه لا مجال للمقارنة بين معدلات الوفاة بسببه، وبين نسبة الوفيات تسببها أنواع "كورونية" أخرى، ومدى خطورتها على صحة الإنسان وحياته.

إنها أضعاف ما يمثله "التاجي المستجد" كما في حالة الفيروس "إن5 أيتش1" مثلاً، المعروف بإنفلونزا الطيور، التي تقتل 52،8 في المئة من المصابين بها، في حين أن معدل وفيات الكورونا لا يتعدى الـ 4 في المئة. لذلك فليس من المبالغة القول إن ما يشهده العالم من الاضطراب هو الهلع بعينه!

لكن السؤال الذي يريد الجميع الحصول على إجابة عنه، هو لماذا؟

يرى ميخائيل كوستينوف أن "الذعر يأتي من مختلف الجهات. أولاً، حين يأخذ المرء لقاحاً ضد الإنفلونزا يشعر على المستوى النفسي بأنه محمي، أما الآن فما من شيء يحميه. ثانياً وسائل الإعلام، وكأنها تتقصد ذلك. صحيح، المشكلة موجودة، الناس تمرض وتموت. لكنه مثل مرض نفسي، مرض نفسي دولي. الوضع ممتاز في البلدان ذات النظام الصحي القوي. أما حيث تكون الفوضى، تظهر المشكلات. الفيروس لا يحب الفوضى، وسوف ينتشر إن لم توضع أمامه عقبات. أما الاتحاد الأوروبي فليس فيه نظام ترصُّد وبائي، وهو مختلف في البلدان المختلفة".

من الطبيعي أن تدور نقاشات تقلَّب فيه أوجه الرأي حول أسرار فيروس كورونا. فالموضوع أصبح كونيًا. إن روسيا ليست الوحيدة في توقها إلى معرفة الحقيقة، غير أنها من الأوائل الذين نالوا رسميا "شهادة" المروِّج لنظرية وقوف المختبرات البيولوجية الأمريكية وراء انتشار الوباء الجديد بهذا الشكل المذهل. أما إذا أردنا معرفة ما إذا كانت هذه الفرضية أم تلك سليمة أم خاطئة، فليس علينا إلا الانتظار لإعلان المزيد عن التفاصيل حول مكتشفات المعهد الروسي لأبحاث الإنفلونزا الذي فكّك شفرة الجينوم لكورونا.

في الوقت نفسه دعونا لا ننسى أن الصينيين هم الذين اتهموا أمريكا بنشر هذا الفيروس رسميا. أما بالنسبة إلى روسيا، فأوضح بيان أصدرته سفارة الاتحاد الروسي في لندن أن في الآراء الشخصية يحق التعبير عن أي فرضيات وليس بالضرورة أن تكون مثبتة علمياً، فضلا عن أنها لا علاقة لها بالموقف الرسمي للدولة الروسية.

سهامٌ أخرى صُوِّبت إلى روسيا بأنها "عادت وأطلقت حملات تضليل كبرى" عبر منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت. ولكن التضليل حول ماذا؟ تقول وزارة الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروبي إن "روسيا تريد خلق أجواء عدم الثقة في الغرب وتقويض مصداقية المؤسسات الأوروبية والأمريكية المعنية بمواجهة تفشي الكورون". ولكن، هل هذا الاتهام مستغرب؟

يرى الخبير الروسي من معهد الدراسات الأمنية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم قسطنطين بلوخين، الذي تحدث إليه برنامج "أبعاد روسية" أن "صرف الانتباه عن أمر ما هو خطوة سهلة ومريحة جدا. إن انتباه غالبية الناخبين وجميع السكان منصب الآن على تدابير حكوماتهم ومدى فعاليتها وكيف ستضطلع بمهماتها المباشرة. والمهمة الرئيسة تتمثل بالتغلب على الأزمة الناجمة عن فيروس كورونا".

ويضيف بلوخين أن "من الواضح أن بلداناً كثيرة غير قادرة على الاضطلاع بذلك. وها هي الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية أيضًا تحاول إلقاء المسؤولية على روسيا تارة، وعلى الصين تارة أخرى. وهذا كله يندرج ضمن استراتيجية ترمي إلى ردع روسيا والصين على حد سواء."

كورونا.. بين العلاج والمؤامرة!
ويذكِّر المحلل السياسي الروسي بأن "بعضًا، والصينيون منهم، بادروا إلى الرد على ذلك، فأعلنوا أن منشأ الفيروس أمريكي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن خصوصية الجرائم السيبرانية تكمن في صعوبة تحديد بلد المنشأ، ومع ذلك لا يتورع بعضٌ عن اتهام روسيا بالتدخل في انتخابات الولايات المتحدة وأوروبا الغربية".

وفي السياق نفسه، كان لافتاً صدور تقريرين جديدين يدعيان قيام روسيا "بحملات عالمية منظمة للتضليل الإعلامي بشأن معالجة الغرب كارثة الكورونا". أحدهما أعدَّه قسم العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي منذ أيام. أما الثاني فمن إعداد مركز التواصل العالمي بالخارجية الأمريكية في أواخر شباط / فبراير الماضي. والوثيقتان سريتان لم يُبَح بمحتوياتهما إلا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية ووكالة "فرانس برس" الفرنسية. ولكن السؤال هو: لماذا لم ينشر هذان التقريران كامليْن؟ أليس كلما يُنشر المزيد من "الإثباتات" وكلما يُرفع الغطاء عن "مؤامرة روسية أخرى"، تداعت سمعة روسيا أكثر؟

ولكن، هل يخلو التقريران من الأدلة فعلا؟ يشير التقرير الأوروبي إلى تسجيل "80 حالة تضليل روسي" هاجمت أداء الأنظمة الوطنية للرصد والقضاء على الأوبئة في أوروبا، وفق "فايننشال تايمز". كذلك، فإن الشبهات التي تحوم – عفواً، "التي تنشرها روسيا" - عن دور الأمريكيين في موضوع كورونا لا يمكن اعتبارها إلا حملة تضليل للرأي العام، كما يُفهم من التقرير. بيد أن سؤالاً يَطرح نفسَه هنا: لماذا لم تنشر على نطاق واسع كل هذه الحالات الثمانين، وخاصة أن روسيا "تحاول نشر أجواء الذعر بين المجتمعات الأوروبية" و"بث الفرقة" كما يدعي الاتحاد الأوروبي؟ ألا تمس مثل هذه الأمور الأمن القومي الأوروبي بنظر الأوروبيين؟

يقول قسطنطين بلوخين إن "بالإمكان دائما اختراع أي شيء عندما لا تتوفر الوقائع. في هذه الحال لا ضرورة للأدلة، بل يمكن الاكتفاء بوضع ختم "سري للغاية" والإحالة إلى مصادر رفيعة المستوى. والذين يمارسون ذلك يبقون الأمر سرًا إذا لم يكن لديهم ما يطرحونه. والسبب هو انتفاء الأدلة والوقائع، أي ليس لديهم ما يقولونه... هكذا بكل بساطة".

وللمقارنة، فإن عدد المنشورات التضليلية على حسابات في الفيسبوك ادعت بوجود عشرات الآلاف من الإصابات بكورونا في العاصمة الروسية موسكو وحدها وأنها زادت عن 9500 منشور وفق ما رصدته شركة روسية متخصصة في أمن المعلومات وأكدت مصلحة الأمن الفدرالية الروسية أنها نشرت خارج روسيا. ذلك في الوقت الذي لم يبدأ فيه الفيروس بالانتشار على نطاق واسع حتى في الصين نفسها.

ثم يقول الاتحاد الأوروبي إنه على تواصل مع عمالقة الانترنت والتواصل الاجتماعي غوغل وفيسبوك وتويتر من أجل  "فضح الأكاذيب الروسية"، بينما قام كل من فيسبوك وتويتر بتحقيقات داخلية لم يُعثر فيها على آثار محاولات لترتيب حملات تضليل منظمة في موضوع انتشار الفيروس والإصابات والوفيات.

أما مسؤول إدارة تويتر يوئيل روت، فذكر أن شركته كانت قد طلبت من وزارة الخارجية الأمريكية تقديم معلومات تثبت ضلوع روسيا في تنظيم حملات كهذه، ولم يحصلوا على رد حتى الآن.

وبالعودة إلى تحميل الولايات المتحدة مسؤولية نشر فيروس كورونا، يقول قسطنطين بلوخين إنه "لو كانت ثمة وقائع، لطُرحت تلك الأمثلة على الملأ... سأضرب مثلاً واحداً: في أمريكا عددٌ هائل من الأحياء الصينية ومن رجال الأعمال الصينيين. وفي الصين الألوف من ممثليات الشركات العابرة للقوميات. الصين معملٌ لصنع المنتجات الأمريكية وبين البلدين ترابط اقتصادي هائل، ولذا من المستبعد أن يكون أحد ما في إدارة ترامب قد قرر إفلات هذا الفيروس هناك في محاولة للانتقام من الصينيين، لأننا نحن نرى الآن كيف تتهاوى مؤشرات الأسواق المالية، وتتصدع مفاصل الاقتصاد العالمي، وتتكبد أمريكا خسارة ضخمة. أما الانتخابات فصارت موضع تساؤل، وترامب مُتهم بالتهاون في مكافحة فيروس كورونا".

ويخلص بلوخين إلى القول "إنه لمن الغباء التام أن يظن المرء أن قصة كورونا من فعل الأمريكيين. لا توجد وقائع ولا توجد أدلة... إذن، لا يمكن نفي احتمال أن يكون هذا الفيروس مصطنعا أواحتمال أن يكون طبيعي المنشأ".

أما التقرير الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، فهل أتى بجديد فيما يتعلق "باليد الروسية"؟ وهنا فرصة نادرة للقارئ للحصول على "إرشادات" عملية لتفكيك "المنهاجية الروسية" لتنظيم حملات التضليل الإعلامي على أوسع نطاق.

أولا، يجري نشر الأخبار "السلبية" المتشابهة إلى حد بعيد باللغة الانجليزية والإسبانية والإيطالية والألمانية والفرنسية عن وضع كورونا أوروبيًا وأمريكيًا" كما اكتشف واضعو التقرير. قد يسأل القارئ: وما الضير في ذلك، وخاصة أن أعداداً مهمة من الإصابات قد سجلت فعلا ًفي دول أوروبية عدة. فمثلاً في إيطاليا فاقت الإصابات نظيراتها الصينية، وفي أمريكا إصابات ووفيات أيضاً؟ الإشكال، وفق التقرير، إن هذه الأخبار "تتشابه" مع ما تنشره قناة "آر تي" (روسيا اليوم سابقاً) ووكالة "سبوتنيك" الروسيتان اللتان كانتا قد صنفهما الإعلام والغربي سابقا ك"بروباغندا روسية".

"دليل آخر" على تورط روسيا في "نشر الذعر" تمثَّل في أن الحسابات التي تنشر هذه الأخبار "السيئة" هي نفسها التي كانت تغطي احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا!

وأخيراً، فإن حسابات ومواقع تابعة للقسم الِإسباني في قناة "آر تي" كانت قد حصلت على أعداد مضاعفة من المشاهدات والتعليقات ومشاركة المنشور (شير-share) وهذا ما أثار ربية واضعي التقرير!

بلوخين يشرح الأمر بأن "الحرب الإعلامية مستمرة وسِمتُها الرئيسة درجةٌ كبيرة من انعدام الأخلاق. البشرية تواجه تحدياً كونياً يهدد وجودها، وبالتعاون وحده يمكن التغلب على هذه الأزمة، ولكن، وبدلاً من التعاون، بدأ مستوى جديد من الحرب الإعلامية. ويتضح أن سياسة الردع المتبعة تجاه روسيا والصين لم تتوقف بالرغم من الأزمة".

على صعيد آخر، وكمثال جميل على تضافر الجهود الدولية لمواجهة كورونا، قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة منحة إلى الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة ليوظفها في أبحاث واختبارات حثيثة يقوم بها العلماء الروس حالياً في سبيل الحصول على لقاح ضد الفيروس. كما أن هذا الصندوق كان قد دعم تطوير أجهزة تشخيص روسية عصرية تستطيع توفير نتائج التحليل خلال بضع ساعات في حال الاشتباه بإصابة الإنسان "كورونيًا"، وهي أسرع من مثيلاتها المستخدمة حالياً في العالم التي تتطلب عدة أيام.

وأعرب مدير الصندوق الروسي للاستثمار كيريل دميتريف عن أمله في استخراج رخص قريبا لاستخدام أنظمة الكشف الروسية الجديدة في أوروبا وفي دول الشرق الأوسط، كما أن طلبا مماثلا كان قد قدم إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.

وأضاف السيد دميتريف أن المستشفيات والمختبرات الطبية في كل من الإمارات والمملكة العربية السعودية والنمسا قد أكدت الجودة العالية لأنظمة التشخيص الروسية، وأرسلت طلبات لشراء ما يعادل خمسمئة ألف نظام تشخيص. 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.