حِرصْ  اشتية وقمع شلومو 
مقالات

حِرصْ  اشتية وقمع شلومو 

لا شك أن إنتشار وباء كورونا في العالم بسرعة مذهلة وخارج معظم الحسابات جعل مختلف الدول تتخذ إجراءات احتياطية لمنع الإنتشار السريع للوباء، أو محاصرته خوفًاً من إنهيار النظام الصحي  للدول وعدم قدرة المشافي على استيعاب المصابين، وتركهم للموت كما حدث في ايطاليا، ولذلك أعلنت الحكومة الفلسطينية إجراءات عديدة منها إلزام المواطنين في بيوتهم لمنع المخالطة ونقل الفايروس الذي تحول الى وباء.

إن اعلان رئيس الوزراء د.محمد اشتية بإلزام المواطن في بيته لحماية الشعب الفلسطيني يختلف عن منع التجول الذي يفرضه الإحتلال الإسرائيلي لقمع الشعب، وتنفيذ خطته عبر قمع المواطن وإجباره وقهره، و الفرق كبير الأول لمنع الوباء وحماية الشعب، والثاني لنشر الوباء والبلاء للاحتلال.لاحظنا أن الدكتور اشتية لم يستخدم كلمة منع التجول التي يستخدمها الاحتلال لكي يُوصل للشارع الفرق  بينهم، في الأولى  لحمايتكم والحرص على راحتكم ومستقبلكم، ومنع التجول الذي يفرضه الإحتلال يهدم فيه البيوت ويقتلنا ويمنعنا من الأكل والشرب وحتى العلاج وحالات الولادة، الهدف لشلومو عقوبة وهدف اشتية الحفاظ والحرص والخوف علينا.

رغم منع اشتية  لكن يستطيع أن يذهب المريض و الحامل للمشفى بسهولة، و يستطيع المواطن شراء الدواء، والخبز والخضار، وتستمر الحياة بسهولة ويُسر وفق الإمكانات لأن من يحرسك أبناء شعبك فدائية الأجهزة الأمنية والتي مجرد أن تشرح لهم ظرفك سوف تُسهل طريقك وقد يحضروا المطلوب لبيتك.ما رأيناه من البعض في الهجوم غير المبرر على المخابز ومحلات السمانة لتخزين هذه المواد للحاجة، يدل أن هناك عدم فهم للإجراءات والتي تسمح لك شراء ما ينقص من المواد الضرورية أثناء المنع، دون المس بالهدف الأساسي للمنع وهو منع الإختلاط والتجمع للمواطنين، وليس منع للحياة والعقاب كما يحدث في منع التجول للإحتلال.

خروج الناس بهذا الكم يوم أمس  له مضار كبيرة، وخطيرة جداً،  ولا يصب في الهدف العام حيث أن الناس اختلطت كثيراً ببعضها البعض، أثناء الشراء دون مبرر يذكر، فلو افترضنا وجود حالة مصابة لا قدر الله في مخبز ستنقل العدوى للكثيرين.فَهم الإجراء يؤدي لنجاحه حتماً وعكس ذلك لن نستفيد من الخطوة، الإلتزام في البيت تحدده أنت ولن يكون فدائية الأجهزة الأمنية داخل كل عمارة أو كل قرية لا توجد بها أجهزة أمنية فمن الخطأ أن تجتمع مع جيرانك دون مبرر ودون احتياطات لأن في ذلك نشر للوباء إن كان بينكم مصاب.

منع اشتية تم تحديده بمدة زمنية وهي ١٤ يوم وهي فترة حضانة الفايروس وكل من يحمله سيظهر عليه دون خطر إصابة عدد كبير، وجعله محصور بعدد يمكن للمشافي التعامل معه.منع اشتية لم يشمل الكثير من المؤسسات مثل القطاع الصحي وبعض الوزارات ومحلات البقالة والمخابز والبنوك وغيرها والتي هي من ضرورات الحياة وجعل الوصول لها سهلاً وآمناً.منع اشتية يشمل خدمة المواطن غير القادر حيث أن اجهزة الأمن ووزارة الصحة والأجهزة الأخرى لديها تعليمات إيصال الخدمة لمن لا يستطيع وتوفير اللوازم له، طبعاً ليس للجميع لأنه ليس لدى الحكومة الإمكانات لذلك.منع اشتية يعتمد على الطوعية وموافقة الجميع عليها، وليس إختيار إجراء بقرار فردي، علماً أنه سيطبق بحزم على من يتجاوز التعليمات ويشكل خطر على بقية شعبه.منع اشتية يحقق مراده في حال التزم الجميع، وتصرف الأفراد بمسؤولية مجتمعية تهدف منع التجمع وخاصة أن هناك مناطق لا تخضع للسيادة الفلسطينية مثل القدس وكفر عقب ومناطق C والعمال الذين يعملون في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧.منع اشتية سيوفر صندوق لتعويض المتضررين من العمال والشركات قدر الإمكان وسوف تتابع لجنة خاصة ذلك.
لا أستغرب أن هذا الإجراء اختلط على البعض بسبب القمع والإجراءات الاسرائيلية منذ ٧٢ عاماً من الاحتلال والقمع، ولكن من المهم أن نتوقف أمامه ونفهم أهدافه لكي ننجح، فبدون التعاون من الجميع يختلط الأمر ولن نحقق الأهداف المرجوة.

إنتهاء المنع سيكون بإعلان الإنتصار على هذا الوباء وتعود الحياة لطبيعتها ولعل وعسى أن يصل العالم لعلاج قبل إنتهاء مدة الحجر رغم صعوبتها والأهم أن نحافظ  على منع أي إحتمال لإنهيار النظام الصحي لا سمح الله لو بقي الإختلاط على ما هو عليه في الأيام  السابقة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.