تفشي الاوبئة والتحوطات الاقتصادية... فلسطينيا
تتكامل المنظومة الاقتصادية في العالم مابين منتج عالمي ومستهلك عالمي ومابين مصدر للمواد الأولية ومابين مستورد لها وكذلك يجب أن لايغيب عنا المضاربات المالية في أسواق الاسهم والسندات وحلها مايحدث في أسواق المال العالمية بين الشركات والأفراد او تلك التي تتم مباشرة مابين الحكومات والتي تتجلى في أوضح صورها مابين الولايات المتحدة والصين.. كل ذلك لايؤثر مباشرة على السلطة الوطنية الفلسطينية الا في حدود الانعكاسات والارتدادات الازمات الغابة والمستدامة وذلك لان السلطة الوطنية والاقتصاد الفلسطيني ليسوا لاعبين أساسيين في اي من المكونات سابقة السرد ومما لاشك فيه فإن الاقتصاديات العالمية سريعة التأثر في حدوث الازمات السياسية والكوارث الطبيعية والازمات المالية ولكن تبقى بعض الأدوات الاقتصادية فعالة في أحداث التعافي الاقتصادي وما الأزمة المالية العالمية في العام ٢٠٠٨ الا خير دليل على ذلك وذلك لأسباب عدة اهمها ان هذه الازمات والكوارث لاتمس الا بعضا من مكونات المنظومة الاقتصادية وبالتالي هناك قطاعات عدة تبقى على ديمومة نشاطها ولو يمسها بعض التأثير الجزئي ولكن تقوى بعض السياسات المالية والنقدية والتشريعية والاجرائية على معالجة اخفاقها.
تضرب الاوبئة صحة الإنسان مباشرة والذي يعتبر المصدر الأساسي والمحرك الرئيسي وعصب الأنشطة الاقتصادية وما المدرسة اليابانية الا خير دليل ذلك. واذا كان هناك شيوع في انتشار الاوبئة على المستوى العالمي مثلما يحدث حاليا في فيروس كورونا فإن عجلة الاقتصاد العالمي ستعجز عن موائمة الطلب العالمي مع العرض وذلك في قطاعات عدة اهمها الطلب على المعدات والاحتياجات الطبية وكذلك الطلب على المواد الغذائية وفي الجهة المقابلة فإن هناك عجز في الطلب مثل قطاع الطيران والسلع المعمرة وقطاع الإنشاءات والبنية التحتية وقطاع النفط وغيرها من القطاعات الاستراتيجية.
ولاننا أيضا كسلطة وطنية واقتصاد لسنا لاعبين رئيسيين في كل ذلك أصبح لزاما علينا أن نتحوط اقتصاديا مابعد كورونا لكي نكون الاقل تأثرا لأننا فعلا الاقل تأثيرا وعليه هناك عدة خطوات يمكن القيام بها من قبل السلطة الوطنية حكومة ومؤسسات وقطاع خاص وأفراد ولكن يجب أن يحكم هذه الخطوات استراتيجيات اهمها:
اولا: تبني استراتيجية فعلية للانفكاك وتقليل التبعية للاقتصاد الاستراتيجي.. ليس حطابا منبريا ولكن فعلا قبل قولا ومن اهم مايجب ان يحث وهو نسف باريس الاقتصادية والعمل على توفير استيراد مباشر للبترول وتوفير فرص عمل للعمال ودعم قطاعي الزراعة والصناعة دعما سخيا.
ثانيا: تبني استراتيجية تخفيض النفقات العامة وتحديدا في جزئية الرواتب وسلمها والتقاعدات واجتهادتها العبثية وكذلك النثريات وحجمها والأهم من ذلك العمل على القضاء على البطالة المقنعة في صفوف الوظيفة العمومية فتحن ان أردنا مستقبل لأبنائنا لانريد ان يكون اتفاقنا العام غالبيته رواتب وإنما انفاقا تنمويا على البنية التحتية والبحث العلمي والتعليم المهني وتطوير قطاع الصحة ودعم كل القطاعات الإنتاجية.
ثالثا: تبني استراتيجية دعم المشاريع الإنتاجية المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وذلك من خلال خفض سعر الفائدة لحدودها الدنيا والمساعدة على منحهم التسهيلات الاقراضية ومن ثمة توفير بيئة تسويقية وتصديرية لمنتجاتهم وما المدرسة الماليزية والسنغافورية والهندية الا خير شاهد على ذلك.
رابعا: نسف استراتيجية المنظومة التقليدية في التعليم في المدارس والتعليم العالي والكد على صياغة منظومة تعليمية تواكد العصرنة والعولمة والإنتاج والبحث العلمي والتعليم المهني والنتاجات الإبداعية... وهنا لابد من العمل على الخلوص من عقدة التعليم التقليدي التي مازلنا نتغنى بها منذ ثلاثة عقود.
خامسا: تبني استراتيجية واضحة في موضوع انعاش الديمقراطية لان من أهم محددات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول العالم الثالث هو اضمحلال الديمقراطية واستحواذ النفوذ على المصالح الاقتصادية او العكس استحواذ المال على النفوذ مما انعكس سلبا على التوظيف والأداء الوظيفي والقدرة التنافسية المفترض أن تكون محركا للانشطة الاقتصادية.
سادسا: تبني استراتيجية وان كان من المفترض أن تكون أول استراتيجية وهي استعادة المال العام المسلوب والمسروق والمنهوب تارة منه ارصدة في البنوك وتارك أخرى اراضي وعقارات ومصالح اقتصادية... لانه من غير المعقول ان أيادي تريد أن تبني دولة واقتصاد وايادي تنهش موارد الحكومة واموال الشعب بمسميات كان من المفترض أن تكون اشرف وارفع من ذلك.
سابعا: تبني استراتيجية تفعيل كل المؤسسات الرقابية والقضائية وإزالة كل محددات وقيود في عملها وتوفير الحماية الحقيقية لمسؤوليها وموظفيها واقصاء كل الجبناء والمنتفعين من مراكزهم ووظائفهم داخلها.
ثامنا: إقرار سلم رواتب جديد منصف على اساس الأداء الوظيفي والخبرات والكفاءات واتخاذ سلم الرواتب في القطاع الخاص بعين الاعتبار وان ننفك من عقدة الرواتب الشاطحة والناطحة وان نكون آخذين بعين الاعتبار رواتب بعض الموظفين من غير موازنة السلطة والذين يعتبرون أنفسهم رياديين ولا خبرات في الوطن غيرهم.