لا المتعافي فدائيٌّ حررها ولا المصاب مجرمٌ دمرها
كتب رئيس التحرير: نفرح عندما نعلم من خلال المؤتمر الصحفي اليومي للناطق باسم الحكومة ان عدد الإصابات بفيروس كرونا صفر أو خبر تعافي عدد من المصابين وعودتهم لمنازلهم، ويزعجنا اي خبر عن إصابات جديدة وخاصة ان معظمها يأتي بسبب الجهل او الأنانية او عدم الالتزام، ونتمنى الشفاء للمصابين ونبتسم للمتعافين.
لكن ما يستفز المواطن الاستقبال الذي حدث لمتعافٍ من مرض كورونا في احد المحافظات وكأنه رئيس دولة قادم لزيارة تلك المحافظة، جميع المدراء والشخصيات والمحافظ في استقبال المتعافي، والغريب ان الجنود المحيطين لهم أيديهم على الزناد!!!! لم نعرف هل هذا فرح ام استنفار وتأهب أمني؟
بنفس الطريقة استفزنا الموكب الذي ضم عشرات السيارات الأمنية والطبية التي داهمت منزل مصاب بالفايروس وكأنه مجرم هارب ارتكب مجزرة بحق شعبه حيث لم نكتفي بسيارة اسعاف من أطباء الوقاية من الوباء بل جيش كامل حاصر المنزل أرعب المصاب والأهالي .
نعم كان هذا المريض هو نفسه حامل فايروس القتل والذي هاجمه الجميع باعتبار انه اغلق المحافظة ودمر اقتصادها، ونقل الموت لاهله وجيرانه وشعبه ، و هذا هو من تغامزوا الناس عليه وكأنه الفيروس نفسه يسير على الارض ويهرب منه أصحابه ومعارفه وجيرانه، أليس هذا هو نفس المواطن من تجنب الناس اي علاقة او زيارة له لاهله ؟
أمر غريب وتناقض مريب في التعامل مع نفس المريض .
من المهم التعبير عن الفرح بشفاء مصاب ، ومهم ايضا الحذر من التعامل مع حامل الفيروس او حتى غير المصاب وفق تعليمات الجهات الطبية بحذر شديد وان يحكم تصرفاتنا شعار "اتصرف مع الناس وكأنني مصاب بالفايروس وكانهم مصابون" لا سلام ولا تقبيل ولا كلام دون كمامة وارتداء الكفوف والتعقيم المستمر ، ولكن باحترام وأسلوب راق.
المتعافي لم يكن فدائيا ولم يحرر شبرا من ارضنا وليس قائدا ثوريًا او دبلوماسيًا حتى نقوم بكل هذا البروتوكول لاستقباله وحتى من باب الالتزام والاحتياط من وجود الفايروس في محيطه لا داعي لهذا التجمع، المحافظ والمدراء هم اخوة وابناء البلد محترمين يقدرهم شعبهم ولا يهددهم احد حتى يكون حولهم من يقف من الجنود ضاغطًا على الزناد .
المصاب بالفيروس ليس مجرمًا نشتمه او نتنمر عليه او نتعامل بسخرية معه او مع ذويه ، فهو لم يختَر الإصابة بالفيروس ولا يكره شعبه بل دعته الحاجة الملحة للعمل ودفعه الجهل احيانا أخرى لعدم الالتزام ، والإصابة قدر من الله .
الظواهر السلبية أصبحت منتشرة في بلدنا من استقبال اسير بحشود وإطلاق رصاص او الصلاة في المساجد رغم الحظر او حتى إقامة الأعراس، كلها مظاهر وجب التوقف عنها ، و تشجيع الالتزام بالتعليمات وإلغاء مظاهر الاحتفال وتأجيلها حتى يزول الخطر ، حيث ان احتفالاً واحداً قد يكسر ويدمر كل الجهود التي بذلت و يزيد من حجم الخسائر و من فترات الإغلاقات و وقف العمل التي نحتاج لعودتها بشكل سريع .
تقدير الجهد لمسؤول او لموظف واجب دون مبالغات فلا يوجد شخص قتل الفيروس او قدم علاجا له ، ومعظم ما يتم يندرج في مهام المسؤول المكلف بها ، نشكره ونقدره في حدود المعقول .
النقد البناء مع اقتراحات واجبه دون بث الاحباط والسلبية ونكران الجميل، وواجب ان يحكم تصرفاتنا الصدق والعمل الهادف والمنظم.
نقول بصوت عال للجميع اتقوا الله ووازنوا تصرفاتكم ضمن معادلة "ليس المتعافي فدائيا حررها ولا المصاب مجرماً قاتلاً دمرنا ".