بعد قرار إلغاء أوسلو .. أي الأبواب فتحنا؟ باب الجنة أم الجحيم؟
كتب رئيس التحرير: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن في حفل تنصيب الحكومة الإسرائيلية الجديدة الأحد الماضي أن حكومته ستسعى إلى ضم المستوطنات الإسرائيلية والأغوار بالضفة الغربية، وهذا متفق عليه بين الحزبين "الليكود و أزرق-أبيض" بدعم أمريكي كامل، وهذا لا يتم وِفق مصالح وأجندات سياسية بين إسرائيل وأمريكا بل تنفيذ لأيديولوجية صهيونية للطرفين نتنياهو وترمب ومعهم كوشنير وغيرهم.
جاء رد القيادة الفلسطينية وعلى لِسان الرئيس محمود عباس بأنها في حِل من اتفاقية أوسلو وكل الإتفاقيات مع الحكومة الأمريكية والإسرائيلية ويشمل التنسيق الأمني، والاتفاقيات الاقتصادية.
هذا المطلب نادت به مُعظم الفصائل مُنذ زمن طويل، ولكن مُعظمها لم يحضر حتى إجتماع القيادة بحجة أن لا جدية للقيادة بقرارات مصيرية حتى الجبهة الشعبية غادرت الإجتماع بحجة أن القرارات غير كافية دون أن تذكر ما هي الإضافات المطلوبة، وأنه حدث تنمر على ممثلها أثناء طرح رأيه في الإجتماع، لكن أيضا لم يصدُر أي قرارات أو بيانات من بعض الفصائل يحدد موقفها، بل اكتفت بمهاجمة الموقف الرسمي كالعادة.
اتفاقية أوسلو بحكم الواقع أنهتها إسرائيل منذ زمن طويل حيث تنفذ ما يناسبها وتترك ما لا يناسبها من بنود تلك الإتفاقيات وتدخل مناطق A متى تشاء، تعتقل وتهدِم بيوتاً وحتى تتحكم في البنوك والمؤسسات وِفق قرارات عسكرية بمعنى أنها ما زالت تفرض السلطة العسكرية على كل الاراضي الفلسطينية.
الواقع الحالي صعب والخيارات محدودة حيث العالم منشغل في قضاياه الداخلية وكذلك يعاني من مشاكل إقتصادية وصحية كبيرة في ظل فايروس كورونا، والواقع العربي مُدمر بسبب آثار الربيع العربي وكذلك المشاكل مع المِحور الإيراني وإستغلال إسرائيل وأمريكا ذلك لخلق تحالفات جديدة وصلت للتنسيق العلني بين إسرائيل ودول عربية ناهيك عن التنسيق السري الواضح الذي أنتج تنصل بعض الدول العربية وأشعلت وسائل التواصل الاجتماعي بالمغردين العرب ضد الشعب الفلسطيني وقضيته والتغزل بإسرائيل وأطلق البعض هاشتاغ فلسطين ليست قضيتي، وبالتالي قرارات القيادة لا نريد أن نُحملها فوق طاقتها حيث أتت القرارات وِفق هذا الفهم العميق للواقع.
وهنا نُكرر أن الإنقسام الفلسطيني أخطر من قرارات الضم وكذلك الموقف العربي الغريب والصامت أحيانا أو المتماشي مع صفقة القرن غالباً فماذا نُفسر هبوط طائرة إماراتية لأول مرة في مطار اللد (بنغوريون) بحجة إرسال مساعدات للفلسطينيين، وقبلها هبوط طائرات قطرية لنقل الأموال لحماس في غزة، وهل المساعدات أهم من بدء علاقات عربية علنية مع اسرائيل!، وهل أصبحنا أمام حقيقة بأنه لا وجود للفصائل الفلسطينية؟
السؤال الهام الآن: هل نستطيع كسلطة وطنية تنفيذ فعلي للقرارات التي اتخذتها القيادة كوقف التنسيق الأمني، هل إذا حدثت مشكلة عائلية في قرية خارج مناطق A، تستطيع الأجهزة الوصول لتلك القرية؟ إذا أردنا نقل قوة أمنية من مدينة الى أخرى هل نستطيع دون تنسيق أمني؟؟
يتفرع من السؤال الرئيس أسئلة عديدة: إذا وجِدت حالة مرضية أو حادث طرق في مناطق C هل تستطيع أن تصل سيارة الإسعاف؟؟
إذا أردنا تصدير بضاعة، هل نستطيع الخروج من غير المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل؟؟ هل نستطيع إستعادة الضرئب دون التنسيق عبر تحويل المقاصة للسلطة الفلسطينية؟؟ حتى سفر الرئيس، هل من الممكن خروج الرئيس دون تنسيق أمني؟ هذه أمور تحتاج لإجابات واقعية وعملية حتى نقول أن القرارات قابلة للتنفيذ.
هل هناك إمكانية لخيارات أخرى مثلاً، الذهاب لإنتفاضة؟ وهل هناك قدرة للعودة لخيار الكفاح المسلح؟ وأين ستذهب السلطة ب 153 ألف موظف وحوالي 70 ألف متقاعد يعتمدون في رواتبهم على السلطة الوطنية؟
هل من الممكن استخدام الضغط العربي من خلال وقف وإلغاء لإتفاقيات السلام مع إسرائيل بشكل جماعي لكل من جمهورية مصر والمملكة الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية؟ وهل ستُضحي إسرائيل بالسلام مع دول الجوار مقابل علاقات مع دول الخليج مثلاً كما ألمح نتنياهو؟؟
وهل ستذهب منظمة التحرير بإتجاه مجلس الامن والجمعية العامة لإضافة قرارات لا تُنفذ ضد إسرائيل، إن إستطاعت الذهاب أصلاً في ظل هذا الواقع الذي ذكرناه؟.
إسرائيل صرحت بشكل واضح أن خيارها الضم للمستوطنات والأغوار، ونتنياهو صاحب هذه النظرية ونظرية السلام الإقتصادي سينفذها، وسوف يتعامل مع السلطة الوطنية وقياداتها كأنهم رؤساء بلديات لا أكثر ولا أقل، هل ستقبل القيادة الفلسطينية بذلك؟ وماذا نحن فاعلون؟
كما قلنا سابقاً، الخيارات محدودة للقيادة وفي ظِل الإنقسام، القرارات ضعيفة فهل تستجيب الفصائل للحاجة المُلحة للوحدة الوطنية، وبالتالي قرارتها مهما كانت محدودة لكنها تحقق الإجماع للشعب وعندها يكون القرار فعال ومؤثر، ويحشد إلتفاف عربي وإسلامي ودولي لصالح فلسطين.
ليس بالضرورة أن تتخذ القيادة قرارات إضافية مصيرية الآن بشكل متسرع وهي غير جاهزة من الناحية الفعلية لها، بل عليها دراستها أو حتى الإنتظار، ولا مانع من دراسة الدخول بتحالفات جديدة مثل الحلف الروسي والصيني بدلاً من الإستمرار بهكذا وضع.
نحن لسنا في أي حلف ضد أمريكا، أو نحن لسنا مع الحلف الروسي الصيني ولكن أمريكا تستهدف شعبنا أكثر من إستهدافها لإيران والصين وروسيا وكأن الحرب العالمية المتوقعة بين أمريكا وفلسطين وليس مع الصين وإيران.
المفاوضات الثنائية مع الإحتلال فشلت وأي عودة لها عبثي وغير مثمر، بل سنشهد مزيداً من الإستيطان والضم والحصار المالي، والأفضل نقل القضية الفلسطينية لحضن الجامعة العربية والذهاب نحو عقد مؤتمر دولي يتم النقاش فيه ماذا بعد (ماذا بعد فشل عملية السلام وتنصل إسرائيل من الإتفاقيات الثنائية والقرارات الدولية)، وهنا يجب المحافظة على ما تم إنجازه من وجود جسم معنوي يمثل نواة دولة فلسطينية تنتشر سفاراتها بكل أنحاء العالم.
إسرائيل لن تغامر بالعودة لإحتلال الضفة الغربية وتحمل تكاليف إعادة السيطرة عليها والتي تصل تكلفتها ل 55 مليار شيكل سنويا من أمن وصحة وتعليم.
ماذا بعد ما يحدث حاليا، ما يطمح له الشعب الفلسطيني في ظل هذه القرارات الاسرائيلية الامريكية التوحد لكل اطياف الشعب الفلسطيني وتقوية وتصليب الجبهة الداخلية وتعزيز دور المؤسسات في قيادة شعبنا و إعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات بحيث تكون قادرة على خدمة شعبنا بنزاهة وشفافية بعيداً عن أي منغصات وفساد وتأثيرات خارجية، وإجراء إنتخابات وفق الممكن رئاسية وتشريعية ونقابات وإتحادات وضخ قيادات جديدة موثوقة تحظى بإلتفاف شعبي وعربي ودولي من خلال مصداقيتها.