أنا المواطن اللاجئ !
أتساءل ، أنا المواطن للاجئ ، المهاجر ، المهجر ، الفلسطيني الغلبان ، و إذا سمحتم لي أن أستخدم حقي في التساؤل ، فقط التساؤل ، أنا لا أريد إجابة ، و لا أتوقعها من أي طرف ، و لا حتى من نفسي ، نعم نفسي ، لسبيين ، الأول أنني أبحث عن إجابة أو أوهم نفسي بأنني لا أعرف الإجابة ، و السبب الثاني أنني أخاف أن أجيب على تساؤلاتي بصوت مرتفع .. أخاف الجهر رغم أن الصلاة ، حتى الصلاة فرضت في الفجر و المغرب و العشاء جهراً .. و الجهر بها لا يزيد إلا طمأنينة و لا يتبعه خوف من إعتقال أو ملاحقة أو مضايقة
ما علينا ..
القيادة ، أقصد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، قررت عدم الإلتزام بكافة الإتفاقات الموقعة مع الولايات المتحدة و إسرائيل بناء على تحلل أمريكا و إسرائيل من الإلتزام بها ، فاصبح من المنطقي و الطبيعي و بما أن العقد شريعة المتعاقدين ، أن تحلل فلسطين قيادة و شعباً نفسها من هذه الإتفاقات .. إلى هنا كلام منطقي و جميــل و لا غبــار عليــه ..
و قررت حركة فتح ، و قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، و حكومة السلطة الفلسطينية ، البدء في إجراءات التحلل من الإتفاقات بما فيها الأمنية ..
و الحقيقة ، أنني عاطفيــا ، أقصد بالعاطفة الوطنيــة ، و الإحساس القومي ، و ربما الوازع الديني و الغيرة على المقدسات ، و بدافع الحقد المشروع المتراكم التي سببته تصرفات المحتل ، و أمريكا على مدى أجيال ، أشعر بالغبطة و الفرح و السعادة لهذا القرار الحر الأبي ..
و ربمــا أستطيع بشئ من التحليل ، أو محالة إستقراء المشهد العام ، و بتوسيع دائرة الروية ، أن أتفهم دقة التوقيت ، و ذكاء التحرك في ظل الفوضى العالمية بسبب فايروس كورونا ، و في ظل سياسة ( نفسي نفسي ) التي تشوب العالم .. نتيجة للنازلة ، و نتيجة لتضعضع الإقتصاد و إنهيار الأسواق و الإنتــاج ، و إنشغال قارون بخزائنه .. و أيضا أستطيع أن أفهم أن إلتقاط اللحظة جاء في ضوء ما يسود الحالة الإسرائيلية من عبثية و تخبط و حكومة الرأسين ، و تهم الفساد ، و تغلغل المافيا ، و سوء الإدارة و ضعف الجبهة الداخلية ، و حالة النشوة التي سادت الوسط العربي في مناطق 48 رغم سوء الإدارة السياسية كالعادة التي تبعت الإنتصار الذي تحقق ..
ولكني أتساءل ، ماذا بعد ؟
قرأت كثيراً من المقالات التي تعاملت مع ( الحدث ) و خمنت نتائجة ، وتداعياته ، و إمكانية تحقيقه من عدمها ، و قرأت أيضاً مواقف معارضة تطالب بالمزيد من العنت و الوضوح و القوة و إعلان النفير العام و المقاومة المسلحة ..
و الحقيقة أنني لم أتوقف عن ترديد كلمة ( يا سلام ) بكل درجات السلم الموسيقي و أنا أقرا لهؤلاء و أولئك .. مع إحترامي لكل حرف خطه أي منهم سواء أكان فرداً أم جهة ..
فالذي ذهب إلى أن القيادة إنما بموقفها هذا تريد القيام بعملية ( علاقات عامة ) و أنها أطلقت بالونات فارغة من أي مضمون و أنها لن تلتزم بما أعلنته .. أسأله بكل شفافيه ، لنتفق ولو جدلاً أن موقف القيادة عقيم ، و فارغ ، ما هو موقفك الرافض بشكل عملياتي ؟ نعم ، نعم أنا و ملايين الفلسطينيين في الداخل و المهاجر نعرف بل نحفظ أدبياتكم ، و قرانا خطاباتكم و سمعنا كل شعاراتكم في كل عام في إحتفالية إنطلاقتكم التي تزيد سنة بعد سنة و تكررون فيها نفس الأقوال ، و ننتظر في كل مرة الطحين دون جدوى .. برنامج المقاومة .. ما هو ؟
هل هو إضرب على حدود غزة ، و تلقى الهزائم بروح أبية ، و إدفن ضحاياك بعزة نفس و إبن خيامك بهدوء ، و تسول بكرامة، و تفاوض بطرف ثالث أو رابع على حدود مؤقته و إقبل تواجد قاعدة إستخباراتية عسكرية طبية أمريكية منقولة من سورية إلى شمال قطاع غزة ، بحجة علاج السرطان للمقاتلين الذين لا يستطيعون الدخول إلى ( الخليل ) حيث كان من المفترض أن تكون بعلم قيادة الشعب الفلسطيني ؟
هل برنامج المقاومة يقتضي أن يتم عمل مفاوضات و نقل رسائل سياسية أمنية تحت سقف مموه لمؤسسة ( صحفية) تمارس عمل لجنة الخارجية و الأمن للتفاوض مع أوربيين و أمريكيين و يهود ؟
هل برنامج المقاومة يقتضي أن تتم ( قبرصة ) فلسطين ، بحيث لا يعتب علينا جهاز مخابرات و احد من أقاصي آسيا إلى أقاصي سيبريا مروراً باسرائيل و الدول العربية وبلاد الواق واق .. كل ممثل بمشروع إقتصادي أو مركز حقوقي أو مؤسسة إغاثية أو تنموية !!
بمعنى آخر هل المقاومة هي فقط مقاومة المشروع الوطني ؟ أم هي مقاومة إسرائيل ؟
ما هي الخطة ( ب ) ؟؟ يعني عندما نقول يجب حل السلطة ، و نسف أوسلو ، ما هي الخطة ( ب ) ؟ لدى اليسار و اليمين و المعترضين و المتوائمين و البائعين و المشترين ؟ و الله أنا لا أسال إلا لأطمئن فقط ، بمعنى أنني أتساءل إن كان هناك خطة أصلاً ؟ و إن كان هناك مشروع مقاومة بمعنى كلمة ( مشروع ) يعني يحتوي على ملفات و مراحل و أسس و حساب نتائج و تصور عام و تفصيلي للحالة الإجتماعية و الإقتصادية و الصحية و التعليمية و البيئية و القانونية، و السياسية ستفضي في النهاية إلى نصر حقيقي و ليس إلى نصر ( خاوة ) بالإعلام ؟
أفهم أن السلطة الفلسطينية بإعلانها التحلل من الإتفاقات ، ربطت ذلك بإيمانها الإستراتيجي ببرنامجها الأصلي ، و إستعدادها للتفاوض على أسس واضحة برعاية دولية واضحة لها مصداقية .. وحتى يتم ذلك فإن التحلل من الإتفاقات لا يتم في ليلة و ضحاها ، لأنها ما زالت تؤمن بعملية بناء الكيان الفلسطيني ، و لا يمكن أن تعمل إلى هدمه .. و أفهم أن الله خلق السماوات و الأرض في ستة أيام .. ثم إستوى على العرش ووضع الميزان ..
هذه ربما هي رؤية السلطة و القيادة ، على قدر فهمي ، و لكن ما هي رؤية الجبهات المعارضة أوتلك التي تنادي بحكم الدين ؟ هل تريد إحياء فلاديمير البتش لينين من قبره الزجاجي ؟ أم الأخرى تريد أن تستفتي جثة مسيلمة الكذاب المقطعة في مكان ما في الجزيرة العربية ؟
هل لدى مبعوث المال و الهدوء صاحب أرم ذات العماد حلولاً لا نعرفها ؟ أم هل عند آيات الله و الملالي أمد الله في ظلهم خطة عملية بديلة جاهزة لا يعرفها أحد ؟ أو ربما الخطة في سرداب قصر الخليفة في الباب العالي عند أفندينا شقارم بقارم ؟ و يا خوفي أن تكون هذه الخطة مع المهدي المنتظــــر !!
الأقرب للمنطق أن الخطة ( ب) جاهزة ، و أعلن عنها نتنياهو و دونالد ترامب ، خطة تغير وجه الحقيقة و التاريخ و الجغرافيا ، و تجعل الحكم في يد الخصيان و مشورة الإماء ..
و الأدق هو أن ننتقد و نحن نحمل البدائل ، نشير إلى القصور و نقدم الحلول ، كنت ( كمواطن ما زال مصاب بداء الأمل ) أتوقع أن يأتي اليسار للإجتماع ، يقف و يحاور ، و يقول هذا لا يجوز للحيثيات التالية ، و يجب إتخاذ الخطوات التالية و يقدم ورقة ( عمل ) لا يقدم بيان شجب و ( يحرد ) ..
نعم ، القيادة و الرئيس ليسوا ملائكة ، و ليسوا على الحق دائماً .. كان المسلمون السابقون السابقون يسألون النبي عند قراراته ( أهو الوحي أم الرأي ) فإذا قال هو الرأي ردوه عليه ، و ناقشوه ، و كان ( النبي ) ينزل عن رأيه ، و يغيره ، و يأخذ برأيهم ( العملي ) . و ليس قائدنا بنبي ، و ليست معارضتنا كالسابقين من صحابة الرسول ... فاستووا